لا أقول إلا كما قال يعقوب لما فقد يوسف؛ إذ الأمر كله لله، فما قصّر يعقوب، وما قصرنا بعدما حال حكامنا، وكلاء الغرب والصهاينة، دون نفرتنا للجهاد ونصرة إخوة لنا فى الإنسانية والعروبة والدين، عسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده، وإنا -إن شاء الله- ثابتون، صابرون.
إنه لا يرضى بما يجرى فى أرض الشام، وفى القلب حلب، إلا منزوع الضمير، معدوم الدين، فإن أصحاب الضمائر لا يرضون بسفك الدماء وانتهاك الحرمات، وأصحاب المبادئ والعقائد لا يقبلون الضيم على أنفسهم أو الآخرين، غير أننا نعيش فى زمن عز فيه الدين، وفسدت فيه الضمائر ووُلى علينا أشر الخلق وأسوأ البشر، رضوا بأن يكونوا مع الكفار، وأن يوالوا أعداء الدين، فما راقبوا فينا إلا ولا ذمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله القوى العزيز.. احترقت حلب، فما تحركت جيوش ولا عروش، أبيدت حلب فما صدر بيان شجب أو تنديد من ملوك وأمراء ورؤساء لا تحصيهم عدًا، فكأنهم نسخة واحدة من الآدميين ركبت فيهم قلوب الأنعام وعقول العصافير، ولو أن لواحد منهم عقلاً يميز به الأشياء لعلم أن المصلحة -التى لا يعرف غيرها- تقتضى أن يدافع عن أهل حلب، وأن يسارع لنجدة نسائها وأطفالها وشيوخها الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا؛ ذلك أن الذى بدأ بحلب لن يتوقف عن الذبح حتى تكون آخر بلدة فى ديار المسلمين السنة، وأن العدو الكافر الفاجر لا يميز بين مواطن سنى ملتزم بدينه وحاكم سنى مفرط فيه، فالكل مستباح، والغاية: الاستيلاء على الأرض وإخضاعها لسلطان الصهاينة والروافض.
إن ما يجرى فى منطقتنا اليوم؛ من ذبح المسلمين وتهجيرهم وقصفهم بالمدافع والطائرات، هو عار الدهر وسوف يسجل التاريخ أن حكامًا يحملون أسماء المسلمين ويدّعون انتماءهم لدين الإسلام قد مهدوا الطريق لتلك الجرائم أمام الأعداء، وسلموهم أرضنا وديارنا؛ طمعًا فى بقائهم فى الحكم، أو رغبة فى الشهرة وجمع المال، وهى غايات دنيئة أمام نصرة الدين وحفظ بيضة الأوطان ومنع سفك الدماء، وسوف يسجل التاريخ أيضًا أن طائفة من المسلمين جاهدوا فى سبيل الله، وقدموا النفس والمال، والغالى والرخيص لكبح العدو ومنعه من السطو على بلادنا، وأنهم أعذروا إلى الله؛ بنصح الحكام، وإنذار المحكومين وتذكير الأمة بعز السلف وفضل الجهاد، وأنه ما تركه المسلمون إلا ذلوا، وأنه فريضة ماضية إلى يوم الدين، إن لم تكن بنا فبغيرنا، وأن من يتول يستبدل الله قومًا آخرين به..
ليعلم الحكام التابعون أن راية الإسلام لن تسقط، صحيح ستكون ضريبة من الأرواح والأموال والأعراض، وصحيح كذلك أن ذلك يستغرق وقتًا، لكن العاقبة سعيدة لأصحاب الحق، وخيمة على العدو وعلى كــل مـن والاه، أو نـــاصــــره، أو تواطأ معه..
وليعلم هؤلاء أن أصحاب المبادئ وأهل الدين لا يساومون، ولا يخافون، ولا يترددون، ولا يستعجلون بل يعلمون يقينًا أن النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسرًا، وأن الحق قادم لا محالة، وأن الباطل كان زهوقًا، وأنهم كما يألمون فإن أعداءهم يألمون كما يألمون، غير أن أهل الحق يرجون من الله ما لا يرجو هؤلاء المجرمون.
وإن كان من نصيحة للأفاضل الذين يجاهدون حاملين راية الإسلام وشرف الإنسانية: أن يثبتوا، وأن يذكروا الله، وألا يتنازعوا فيفشلوا وتذهب ريحهم، وأن يصبروا، فإن النصر صبر ساعة، وأن يعلموا أن وراءهم أمة بكاملها ينتظرون منهم إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، والأولى بهم أن يموتوا دون أرضهم وأعراضهم، فإن التولى فى الزحف كبيرة، والموت لأجل هاتين شهادة، وأى شهادة، سائلين الله تعالى أن يبشرنا بالنصر والغلبة، ويومئذ يفرح المؤمنون.
أضف تعليقك