كنت طوال الوقت أرفض اتهام مشروع حسن نصر الله للمقاومة بأنه مشروع طائفي، غير أنه عندما جاء الربيع العربي، برزت أنياب الزعيم الطائفية، فانمحت معالم صورة له احتفظت بها وكنت أحسبها من أشيائي الثمينة.
التقيت حسن نصر الله فى حوار خاص امتد إلى 45 دقيقة، فيما كان مقرراً له 25 دقيقة فقط، كما طلب مكتبه الإعلامي، كان ذلك قبل أقل من 3 أشهر من الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان مايو 2000 تحت ضغط الضربات الموجعة التى تلقتها إسرائيل على يد المقاومة اللبنانية.. فى ذلك الوقت كان السؤال المحوري: لماذا يحتكر حزب الله وحده المقاومة؟
وسمعت من نصر الله إجابة معقولة على المستوى النظري، غير أنها مستحيلة في التطبيق العملي، إذ طرح صيغة لجمع الشباب الراغب فى مقاتلة العدو في إطار أطلق عليه «سرايا المقاومة» على أساس من الانتساب وليس الانتظام فى صفوف المقاومة، وبعيداً عن الإطار الحزبي والسياسي، على أن يكون ذلك كله تحت إشراف حزب الله.. وفقط.
وفي ما بعد أعلنت إسرائيل انسحابها الكامل لتترك المسرح مفتوحاً على سؤال لم يتصد أحد للإجابة عنه على نحو جدي، حيث انشغل الجميع بكرنفال احتفالي بالانتصار ودحر الاحتلال، ولم يتوقف أحد ليسأل ماذا ستفعل هذه الآلاف المؤلفة من المقاتلين الذين لم يمارسوا نشاطاً في حياتهم سوى فعل الحرب؟
هذه الوحوش الجائعة جرى توجيهها لافتراس الشعب السوري، تحت لواء روسيا، وبأوامر إيران، وبرضا إسرائيل الكامل، وتجد لنفسها وليمة في مجازر التطهير العرقي للشعب السوري في حلب.
ماذا ترك نصر الله، مقاول القتل، لنصر الله، مقاوم الصهاينة، بعد أن أدى دوره في هذا العار الحضاري والإنساني؟
في أغسطس 2011 كتبت ناعياً حسن نصر الله، المقاوم، متعجباً: لماذا يصر حسن نصر الله على تبديد كل أرصدته ومدخراته كمقاوم لدى قطاع كبير فى الشارع العربي؟
لماذا يستميت نصر الله في الدفاع عن دموية بشار الأسد وبشاعة ممارسات نظامه، بينما العالم كله يشاهد بعينيه آلة القتل الأسدية تحصد أرواح العشرات من المواطنين السوريين يومياً؟
في ذلك الوقت كان نصر الله يدافع عن بشاعة بشار بن حافظ الأسد في إراقة دماء السوريين، جهاداً ضد إسرائيل وأميركا والاستعمار العالمي من أيام التتار والمغول وحتى حلف الناتو.
كانت في الأمر مفارقة مدهشة جعلت حسن نصر الله فى موقف لا يحسد عليه وهو يقف أمام المرآة يشذب لحيته ويتفحص ملامح وجهه، فالرجل الذى يستبسل في الدفاع عن بشار الأسد وحالة نظامه، على اعتبار أنها حالة صمود فى وجه الاستعمار والإمبريالية والصهيونية، لم ينطق ببنت شفة دفاعاً عن نظام آخر يروج بعض أرامله في العواصم العربية أنه يدفع حياته ثمناً للتصدي للاستعمار والإمبريالية وهو نظام معمر القذافي.
وأظن أن نظامي الأسد والقذافي وجهان لعملة واحدة، فكلاهما رضع من ثدي الخطابة والرطانة، صحيح أن حاكم سورية يبدو أكثر فصاحة وبلاغة من ملك ملوك أفريقيا المخلوع، إلا أن كليهما يبيع بضاعة واحدة هي الكلام، فلماذا يهرع نصر الله لنجدة الأول ويصمت عن الثاني(لم يكن القذافي قد سقط بعد).
ببساطة، كان نصر الله يتحرك طائفياً، فبشار الأسد ابن الطائفة العلوية المنسجم تماماً مع جملة المبادئ المؤسسة لمشروع حسن نصر الله الإيراني، بينما القذافي كان ولا يزال متهماً من حزب الله وطهران بالمسؤولية عن اختفاء الإمام الصدر، ومن ثم فليسقط وليذهب في ستين داهية غير مأسوف عليه من قبل نصر الله.
طائفية حسن نصر الله جعلته منسجماً مع عملية احتلال العراق وتقسيمه من قوات الغزو الأنجلو أميركي، حتى إن أحد رموز المعارضة الإسلامية في الأردن، في ذلك الوقت، ليث شبيلات انتقد توصيف صديقه نصر الله لموقف الخونة المتعاملين مع قوات الغزو بأنه اجتهاد.
الآن ستبدأ شتائم وتهديدات "شبيحة نصر الله" الإلكترونيين، كما تفعل دائماً، في كل مرة نتناول الزعيم وهو يشارك في وليمة الدم السوري.
أضف تعليقك