توقعت إحدى المؤسسات المالية بلوغ احتياطيات النقد الأجنبي بالبنك المركزي المصري 26 مليار دولار بنهاية الشهر الحالي ، مقابل 19 مليار دولار بالشهر الماضي ، وذلك بسبب حصول البنك المركزي على 2 مليار دولار من بنوك دولية ، و2.75مليار دولار من صندوق النقد ، و2.8 مليار دولار من مبادلة للعملات مع الصين.
لكنه على الجانب الآخر ستزيد الديون الخارجية المصرية لأكثر من 65 مليار دولار – دون احتساب ديون سيمنس والمفاعل النووي - نتيجة إضافة تلك الزيادات، الأمر الذى يتطلب تخصيص مبالغ كبيرة لسداد أقساط وفوائد الدين الخارجي ، في ضوء بلوغ أعباء الدين الخارجي بالعام المالي الأخير 2015-2016 نحو 5.2 مليار دولار معظمها أقساط.
وإذا كانت أعباء الدين الخارجي قد كلفت الموازنة بالعام المالي الأخير حوالى 46 مليار جنيه ، فإن هذا الرقم مرشح للتضاعف مع نمو سعر الصرف الرسمي أكثر من 90 % بالأيام الماضية.
ويظل السؤال هل تؤدى تلك القروض وهذا الاحتياطي لانخفاض سعر صرف الدولار ؟ والذى كان قد وصل الى 18.45جنيه بالبنوك بالأسبوع الماضي ثم تراجع بعض الشيء بعد أخبار تزكية مديرة صندوق النقد طلب القرض المصري .
ومن الطبيعي أن تتأثر أسواق الصرف بالانخفاض لوقت قصير، لكنه انخفاض لن تطول مدته بسبب عوامل متعددة ، أولها أن البنك المركزي مقيد من قبل صندوق النقد الدولي في استخدامه للاحتياطيات لمساندة سعر الصرف بالسوق ، وحتى يعطى مصداقية لقراره بتعويم الجنيه وترك عوامل الطلب والعرض تحدد السعر وإلغاءه الطروحات الأسبوعية للدولار ، والاكتفاء ببيع 99 مليون دولار فقط للبنوك باليوم الأول لنظام التعويم ، وتصريح محافظ البنك المركزي قبل شهور عن انتهاء أسلوب نزيف الاحتياطي للدفاع عن سعر الصرف.
الأمر الثاني والمهم هو قلة الموارد الدولارية بالبنوك المصرية ، والتي كشف عنها تدنى معاملات سوق الإنتربانك الدولارى لأقل من 16 مليون دولار في يومه الأول من خلال تعاملات 39 بنكا ، ثم اختفاء أخبار تعاملات سوق الانتربانك ليخرج رئيس أحد البنوك قائلا أن سوق الإنتربانك ستعود قريبا بما يشير الى توقف نشاطها بعد اليوم الأول .
عجز مصرفي بالعملات الأجنبية
وقالت قيادات مصرفية إن سبب تراجع تعاملات الإنتربانك هو وجود طلبات قديمة منذ عدة شهور من عملاء البنوك تحتاج للاستجابة إليها ، قبل توجيه أية فوائض دولارية لسوق الإنتربانك ، إلا أن الأهم من ذلك هو مصير العجز بالعملات الأجنبية بالجهاز المصرفي والتي بلغت حوالى 12.16 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي،
موزعة ما بين 6.5 مليار دولار بالبنك المركزي 6.2 مليار دولار بباقي البنوك ، وهو العجز الذى رفض محافظ البنك المركز الحديث عنه بمؤتمره الصحفي يوم التعويم والتعلل بأن ذلك يعد أسرارا مصرفية.
ويؤكد ذلك امتناع غالبية البنوك عن بيع الدولار سواء للأفراد أو للشركات ، وعدم بيع الدولار بالسعر الذى تعرضه للبيع ، والاشتراطات المتعددة لمنح قدر قليل منه للمسافرين من عملاء البنك وبعد الاطلاع على تذكرة السفر والتأشيرة .
وتشير تصريحات لمصرفيين لتدنى قيمة الدولارات التي باعها الجمهور للبنوك بالفترة التالية على التعويم ، رغم حملة التخويف الإعلامية التي سبقت قرار التعويم بيومين والإيحاء بانخفاضه بشدة ، ورغم إلزام شركات الصرافة بشراء الدولار بقيمة أقل من الأسعار التي تشترى بها البنوك لجذب الجمهور للبنوك .
معظم الموارد الحالية قروض
ولعل إدراك الكثيرين أن الموارد الدولارية الحالية معظمها قروض ، يؤكد توقعاتهم باستمرار نقص الدولار مع استمرار مشكلة وقف روسيا وإنجلترا إرسال سياحها لمصر ، وتأثر إيرادات قناة السويس بتراجع التجارة والنمو العالمي ، وتريث الاستثمار الأجنبي المباشر في القدوم لمصر لحين استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية.
ولعل تكرار نزول المدرعات للميادين ، أحد الشواهد المخيفة للمستثمرين وللسياح ، الى جانب استفحال النشاط الاقتصادي للجيش وإسناد المشروعات له بالأمر المباشر ، وتصاعد معدلات الفائدة بالبنوك الى جانب موجة التضخم العالية.
وهكذا فإن القسط الأول لقرض الصندوق وقيمة مبادلة العملة مع الصين واقتراض المركزي من بنوك دولية ، والبالغة حوالى 7.5مليار دولار تكاد تغطى الاحتياجات الدولارية لشهر واحد ، في بلد يسكنه 91 مليون نسمه ويعتمد على الاستيراد بشكل أساسي في الغذاء والدواء والخامات والسلع الوسيطة والسلع الرأسمالية ووسائل النقل والسلع المعمرة.
ففي العام المالي الأخير 2016-2016 بلغت المدفوعات الرسمية للخارج 85 مليار دولار بمتوسط شهري 7 مليارات دولار ، منها 4.7مليار دولار شهري للواردات السلعية ، وهى السلع التي زادت تكلفة كثير منها بعد التعويم خاصة السلع التموينية أو المشتقات البترولية ، كما ستزيد قيمة تحويل أرباح الشركات الأجنبية للخارج والتي واجهت صعوبات بالعام المالي الماضي .
وبخلاف المدفوعات الرسمية من العملات الأجنبية فهناك طلب على الدولار لأغراض غير مشروعة مثل: تهريب السلع والأسلحة والمخدرات وهى الأنشطة التي تعرض أسعارا لشراء العملات أعلى من أسعار البنوك .
ويعول محافظ البنك المركزي على استقطاب قدر من العملات الأجنبية من خلال شراء مستثمرين أجانب لأذون الخزانة المصرية والتي تخطى عائدها حاليا نسبة العشرين بالمائة قبل الضرائب ، وهو أمر سبق للمحافظ إعلانه في مارس/ىذار الماضي عند خفض سعر صرف الجنيه بنسبة 14 % ، لكنه لم يتحقق بالشهور الماضية ، وما زال هؤلاء لديهم تحفظات على مناخ الاستثمار بمصر ، وبفرض قدوم بعض تلك المشتريات فهي قصيرة الأجل ولن تكفى لتغطية قيمة واردات سلعية لشهر واحد .
أضف تعليقك