بدأت تحركات المنظمات الصهيونية لإستعادة ممتلكات اليهود في مصر، في ظل التقارب المصري-الإسرائيلي، تحت قيادة قائد الانقلاب العسكري في مصر عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ونقلت منظمة العدل والتنمية لحقوق الانسان احدى المنظمات الاقليمية اعتزام نشطاء بـ"اسرائيل" لتصعيد قضية ممتلكات اليهود بمصر.
وأكد المتحدث الرسمى للمنظمة زيدان القنائى، أنّ الرئيس السابق جمال عبد الناصر قام بطرد مئات العائلات اليهودية التى كانت تعيش بمصر وكذلك تهجير الآرمن من الإسكندرية وغيرهم من الأقليات بعد 1952 وقد ساهم كثير من المصريين فى تهريب اليهود من مصر هروبا من بطش عبد الناصر بالاقليات.
تحركات إسرائيلية
ذكر موقع "والا" العبري أن إسرائيل بصدد طرح طلب عودة ممتلكات اليهود من مصر أمام الأمم المتحدة ومطالبة مصر والدول العربية التي كان يعيش بها اليهود بدفع تلك التعويضات عن ممتلكاتهم التى تركوها وهاجروا إلى إسرائيل، وكاشفين أن هناك عددا من اليهود مازالوا يحملون الجنسية المصرية وأنه يحق لهم المطالبة بحقوقهم.
وقال الباحث بجامعة "بار ايلان" العبرية والمستشرق الاسرائيلى، ايدى كوهين: "لعدد من السنوات، وأنا أعمل في أوضاع مختلفة لإعادة الممتلكات اليهودية في الدول العربية ولا يبدو لي أن مشكلة ممتلكات اليهود في الدول العربية ستحل قريبًا، وخصوصا مشكلة ممتلكات اليهود في مصر، وتشير التقديرات إلى أن قيمتها مئات المليارات من الدولارات".
إيلان أكد أن "إسرائيل" لم تطالب بعودة الممتلكات اليهود من مصر، لأنها لم تكن تريد إغضاب عبدالفتاح السيسي، الذى يدعم "إسرائيل" فى الحرب ضد حركة "حماس" وقطاع غزة لكن لابد من استمرار الضغط على حكومة نتنياهو لتظهر قضية ممتلكات اليهود فى مصر.
وأقترح إيدى كوهين تنظيم مظاهرة غير قانونية في تل أبيب بالقرب من السفارة المصرية للمطالبة بالممتلكات اليهودية المصرية من خلال هذا الضغط بين الجانبين المصري والحكومة الإسرائيلية، سوف تظهر لافتات بالعبرية والعربية لاعادة ممتلكاتنا التى تمت سرقتها .
"سبوبة" مكاتب المحاماة
استغلت مكاتب المحاماة الدولية، تعويضات اليهود في مصر، للمكسب المادى، وأحيانًا للشهرة، وأشارت مصادر، إلى أن اليهود أقاموا ما يزيد من 3500 قضية لاستعادة أملاكهم المزعومة بمصر، خلال الفترة من 1980 وحتى الآن، يطالبون خلالها بما يزيد عن 10 مليارت جنيه تعويضات.
أشهر دعاوى اليهود القضائية، تلك التى أقامتها عائلة "بيجو" اليهودية، ضد الحكومة المصرية، بزعم استيلائها على أملاك العائلة، وأدعت العائلة إجبار أفرادها على الهجرة خارج مصر بأوراق خاصة باللاجئين عام 1965، كما تطالب عائلة "مزراحى"، بتعويض قدره 6 ملايين ونصف المليون دولار، من الحكومة المصرية، تعويضًا عن نزع ملكيتها لعدد من المنشآت والفنادق فى مصر، وتطالب عائلة "مصيرى" باسترداد عدد من الفنادق فى حلوان والقاهرة والأقصر.
ومن أشهر القضايا التى أقامها يهود مصر لاسترداد ممتلكاتهم أيضا، قضية ورثة "جوزيف سموحة"، والتى قيدت برقم 146 لسنة 8 قضائية، أمام محكمة القيم، ضد هيئة الإصلاح الزراعى ووزير المالية، ورئيس جهاز تنمية وتعمير منطقة سموحة، والتى طالبوا فيها برد مساحة 37 فدانًا من أرض منطقة سموحة.
وفى عام 2009، حاول ورثة "ليندا كوهينكا" اليهودية من أصل فرنسى استعادة أتيليه القاهرة الواقع بوسط البلد، وتؤكد الوثائق التاريخية ان الجالية اليهودية بمصر اتسمت بالثراء وسيطر أفرادها على أهم الشركات والبنوك، وأقام الفقراء منهم مجتمعات معزولة فى حارة اليهود، بالقاهرة والإسكندرية.
تاريخ الصراع
فى عام 1948 وعقب قيام الحرب العربية الإسرائيلية كان يبلغ عدد اليهود فى مصر 80 ألف نسمة، لم يتبق منهم الآن سوى 40 شخصا فقط، هم أعضاء رابطة اليهود والتى ترأسها المحامية ماجدة شحاتة هارون وهى إبنة القيادي اليهودي بحزب التجمع والذي مات عام 2001، والتى لم تزور إسرائيل مرة واحدة، وقد تم تنصيبها لتكون رئيسة للرابطة فى أبريل عام 2013، لتتحدث فى خطابها الأول عن رغبتها فى الحفاظ على ممتلكات الطائفة اليهودية فى مصر (كانت تقصد المقيمين داخل مصر)، لضمان الحياة الكريمة للنساء الييهوديات المسنات، فى حين لم تأت بأى إشارة إلى ممتلكات اليهود الذين خرجوا منها وهاجروا إلى إسرائيل أو أى دولة أوروبية.
فى أكتوبر عام 2012، تم القبض على سيدة إسرائيلية من قبل السلطات المصرية أثناء تهريبها لـ 6 أجولة بلاستيك (طرود) كانت تحتوى على ألفي من المستندات التى تثبت ملكية اليهود فى مصر لعقارات وممتلكات ومحلات تجارية، من مصر إلى الأردن عن طريق شركة شحن مصرية، ولم يستدل على أى معلومات تفيد عن كيفية حصول هذه السيدة على تلك الأصول، وإلى أين كانت متوجهة بها وما الغرض منها.
المستندات كانت تعود لعام 1863، بعضها مسجل بها أملاك اليهود المصريين الذين كانوا مقيمين بمصر قبل ثورة 1952، منها مستندات تخص أسر يهودية أثرت بشكل كبير فى الإقتصاد المصري فى ذلك الزمن، مثل تأسيس بعض البنوك منها البنك العقاري المصري، والذي تأسس عام 1880، وكان رأسماله عند تأسيسه 40 مليون فرانك، وكان يمثل مبلغًا ضخمًا حينها، وقد تزايد ليصل إلى 8 ملايين جنيه عام 1942، وكذلك كان من ضمن المستندات ما يخص البنك التجاري المصري والذي تأسس فى عام 1905، والبنك الأهلى المصري والذي تم إنشاءه عام 1898 ميلادية.
فى عام 1954 تم إلقاء القبض على مجموعة تجسس يهودية فى مصر تطلق على نفسها اسم "لافون"، مكونة من عشرة رجال وفتاة، أخذت على عاتقها القيام بعدة تفجيرات فى أماكن حددها لهم الموساد (المخابرات الإسرائيلية)، وكان منها سينما ريو بالإسكندرية، وكذلك مكتب بريد الإسكندرية.
"إحنا اللى لينا فلوس عندهم"
الدكتور محمود أبوغدير، المحلل السياسي وأستاذ الإسرائيليات بجامعة الأزهر، يقول لـ"بوابة الأهرام"، أنه يعمل على تلك القضية منذ 25 عامًا، وكتب العديد من الأوراق البحثية، وتحدث إلى كافة وسائل الإعلام بأهمية أن تكون السلطات المصرية مستيقظة لتلك اللعبة الصهيونية، فاليهود يلوحون فى وجه مصر بورقة ممتلكاتهم من وقت لأخر يقابله صمت كبير من مصر، مؤكدًا أن اللوبي الصهيوني الأمريكي هو من يحرك تلك الأمور من وقت لأخر.
ويشير أبو غدير إلى أن تقدير اليهود لتلك الممتلكات من 20 سنة كان قد بلغ 4 مليار جنيه مصري، ووصل الأن إلى 30 مليار جنيه، مؤكدًا أن اليهود قد حصلوا بالفعل على مستندات ملكية بالسرقةوزوروها أيضًا.
وذكر أبو غدير، أن سليمان خاطر جندى أحد أفراد الأمن المركزي المصري والذي كان رابضًا على الحدود المصرية عام 1985، قتل سبعة جنود إسرائيليين كانوا قد تسللوا إلى نقطة حراسته، وأن إسرائيل طالبت بتعويض عن جنودها، متسائلًا لماذا لا تطالب مصر هى الأخرى بتعويضات من إسرائيل عن قتل الأسرى المصريين فى حروبنا مع إسرائيل؟!، معقبًا "إحنااللى لينا فلوس عندهم".
السيسي سيتنازل
خضوع السيسي لقادة الاحتلال الاسرائيلي وطلباتهم عقِب الانقلاب، آثار اندهاش العديد من الخبراء، ففي 5 مارس 2015، أبدى مراقبون مصريون اندهاشهم من تغير موقف السلطات المصرية التي دأبت منذ ثورة 25 يناير عام 2011، وإسقاط حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، على رفض منح الإسرائيليين تأشيرات دخول إلى مصر، متعللة بالأسباب الأمنية، إلى موافقتها على منح تأشيرات سياحية لمجموعات سياحية إسرائيلية لزيارة مصر، وذلك لأول مرة منذ الثورة.
وتسود حالة من الرضا بين السلطة في مصر و"إسرائيل"، منذ انقلاب 2013، ووصف السيسي، من منصة الجمعية العامة الأمم المتحدة، في 20 سبتمبر 2016، السلام المصري الإسرائيلي بـ"التجربة الرائعة"، وفي مايو الماضي، قال السيسي إن تحقيق سلام دائم بين الفلسطينيين و"إسرائيل" سيتيح إقامة "سلام أكثر دفئًا" بين القاهرة وتل أبيب.
في 8 مارس 2015، اعتبر أبرز حاخامات المستوطنين اليهود في الضفة الغربية أن الأحداث الأخيرة التي نفذها عبدالفتاح السيسي قد مثّلت بالنسبة لإسرائيل أهم “معجزة” في العقود الأخيرة، وقال الحاخام يوئيل بن نون، الذي يعد أهم مرجعيات التيار الديني الصهيوني، إن أحداث 30 يونيو منع تحول مصر إلى عدو، مشددًا على أن استمرار حكم الرئيس السابق محمد مرسي كان يمكن أن يشكل مصدر إسناد خطير لحركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية الأخرى.
كما نشر معهد دراسات الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، دراسة جديدة في الأيام الأخيرة عن “النظرة المصرية تجاه الشرق الأوسط الجديد”، مشيرًا إلى أن الخطوات المصرية الأخيرة تجاه تل أبيب تشي بسعي مصري إلى إدماج إسرائيل بالمنطقة العربية.
وقال معد الدراسة الأكاديمي الإسرائيلي أوفير فينتر، إن عبد الفتاح السيسي أعلن في خطابه يوم 17 مايو الماضي، أن علاقات مصر وإسرائيل في طريقها لأن تكون أكثر حميمية إذا تمّ حل القضية الفلسطينية، ويشير فيتر في دراسته إلى أن مبادرة السيسي الأخيرة للتعاون الإقليمي تمثل نقطة فارقة في السياسة الاستراتيجية للمنطقة، وهي تشكل اختراقًا للصراع العربي الإسرائيلي تمهيدًا لحل القضية الفلسطينية، بحيث تصبح إسرائيل جزءًا من محور إقليمي يضم مصر وعددًا من الدول العربية الأخرى.
أضف تعليقك