يستمر جدل النخبة حول دوافع دعوات ثورة الغلابة يوم 11/11 والثوار على الأرض يعملون، والمهمشون يتداعون، والفاعلون يُنْفِذونَ ما يخططون، ويستمر إطلاق قنابل الدخان من هنا وهناك، وتبقى الحقائق كالنجوم دليلا -لمن بحث عنها- مهما كساها السحاب
ونتلمس من الحقائق ما يلي:
أولا: الثورة مستمرة:-
* الثورة مستمرة منذ ثلاث سنوات، والأحداث تغذي نارها وإن خفت لهيبها، وفي كل يوم يزداد عدد المقاومين المنضمين لمعسكر مقاومة النظام بغض النظر عن الدوافع والأفعال.
* تخطي الثوار عائق رفع سقف التوقعات، وعلموا موطن قوتهم الكامن في قدرتهم على الاستمرار، وأصبح للثورة علامات وذكريات بارزة تتوالى 25 يناير، تنحي مبارك، جمعة الأرض، بيان الانقلاب العسكري، مذبحة فض رابعة والنهضة، أحداث محمد محمود، أحداث ماسبيرو، فض رابعة والنهضة وغيرهما مما يزكي لهيب الثورة.
* نشأة جيل في 25 يناير 2011، أول ما تنسم، تنسم ريح الحرية، وهذا الجيل يستحيل أن يستكين، ويتوافر جيل لديه من الصبر والأريحية ما يسمح بتوريث ما لديه من خبرات متراكمة.
* عظم رصيد التجربة الإنسانية في فرض الإرادة الشعبية، بما تتسع به الآفاق وترتفع به الآمال.
* شدة القمع أضحت حافزا لاستمرار الثورة فلم يبقَ للثوار ما يخسرونه أكثر مما خسروه.
* سيولة في المنطقة يكمن في أجوائها فرض الإرادة الشعبية رغم ما يحاك ضدها.
* بلورة مطالب الثورة في ضرورة التغيير واستعادة المسار الديمقراطي من خلال الشرعية.
ثانيا: أجواء مجتمعية داعمة للثورة:-
* مجتمع لديه رصيد حاضر من تجربة حكم عسكري بواجهة تشبه الحكم المدني، وحكم ديمقراطي، وانقلاب عسكري فاشٍ، مما يمهد الطريق لقبول حكم ديمقراطي.
* شعب يجيد المقاومة السلبية بالسليقة.
* شعب مطحون تحت وطأة فشل النظام.
ثالثا: دعوات ثورة الغلابة يوم 11/11:-
* دعوات 11/11 غير مؤدلجة، ووجدت أرضا خصبة لدى فئات الشعب المطحون جراء فشل النظام، وقد يصطف على أرضها النخب السياسية التي فشلت في الاصطفاف المنشود طيلة ثلاثة أعوام من الثورة.
رابعا: تحلل معسكر الانقلاب:-
* ثلاثة أعوام مضت من فشل إلى فشل، وقد حصَّل كلاً من داعمي الانقلاب فاتورته، ولم يعد هناك المزيد، بل لقد دارت عقارب الساعة إلى الوراء، وحان تحمل تبعات ما اتُخذ من مواقف، واللبيبُ من تدارك خسائره.
* أن الانقلاب تم بتوريط مؤسسات الداخل فيه، وبدعم إقليمي ودولي، وتبقى إستراتيجيات عريقة لدى المؤسسات والدول دون تغيير كبير، ولكن جرى في الوادي الكثير من المياه التي تسمح للبعض بحرية الحركة بعيدا.
* سيطرت أجهزة الدولة على الشارع وحصرت التظاهرات في فئات ومطالب محددة -مهما كان سقف المطالب- بعيدا عن المطالب الفئوية التي تصاعدت في أعقاب 25 يناير 2011 وما صحبها من تبعات أثقلت أجهزة الدولة، ولا تفريط لديها في هذا المكتسب.
* إن توجهات رأس النظام -إن صدقت- نحو روسيا وإيران تتصادم مع مؤسسات سيادية تمثل عماد النظام.
* الراصد للأحداث منذ ترشح السيسي لرئاسة الجمهورية يستطيع أن يلمح أن هناك أمورا تجري على الأرض تشي بأن هناك أطرافا من عُمُدِ النظام توحدت مع الثوار دون اتفاق على إزاحة السيسي.
* توحد الوطنيين حول فداحة نزيف مصر من قواها الناعمة- حيث شوه الفن المصري الاصيل وغاب المثقفين، وضاقت الأرض على الخبراء من المهنيين والعمالة المتخصصة، وتوارت الدبلوماسية المصرية، واهتزت مكانة الأزهر والكنيسة المصرية، حتى وصل الأمر إلى التفريط في عبقرية المكان، بل خطورة استنزاف رصيد المكانة الأدبية للجيش المصري في العقل الجمعي للمصريين.
* أن استمرار الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر ولا بد من الحسم.. فكلنا خاسرون إلا من يترقب مصر وأهلها.
* السيولة الحادثة في مصر منذ يناير 2011 وما صحبها من سيولة أغرت الكثير من الأطراف الدولية والإقليمية بوجود على الأرض، مما يستوجب معه توحد الوطنيين، للانطلاق إلى مستقبل وطني خالص.
خامسا: الاصطفاف المنشود:-
* الاصطفاف المنشود الذي لم تنجح النخبة في صناعته طيلة ثلاثة أعوام من الثورة، قد أصبح ممكنا حول مطالب الغلابة إن تلقفته النخبة بذكاء.
* مساحات الحركة المتاحة لأفراد القوى الثورية -بعيدا عن قيادتها التنظيمية- أكبر من المتصور، -نتيجة الضربات الأمنية المستمرة- وقد كانت جمعة الأرض خير شاهد على ذلك، مما يمثل ضغطا على النخب للاستجابة لدعوات الاصطفاف.
* إن القادم أكبر -ما بعد السيسي- من أن يتحمله فريق أو مؤسسة بعينها مما يستلزم تشارك كل القوى الوطنية.
أضف تعليقك