كلما قلت شعبية السيسي وزادت حدة المعارضة وارتفع صوت الغلابة وأنين المرضى وصرخات الجوعى وآهات أهالى المعتقلين والشهداء، تقترح الشؤن المعنوية على سيسي مصر بتسجيل أغنية أو تنظيم حفلة للترفيه عن المصريين ورفع روحهم المعنوية وزيادة شعبية السيسى.
الأفراح والأغانى والاحتفالات لم تخلق لجائع أو مريض أو عانس أو عاطل عن العمل.. عدد الأغانى التي سجلت لرفع شعبية السيسي وعدد احتفالاته أكبر من عدد المشروعات الاقتصادية التي نفذها.
فمؤتمر الشباب الذى عقد في شرم الشيخ مؤخرًا كلف 22 مليون جنيه، منهم أكثر من 4.5 ملايين جنيه تكلفة الإقامة في الفنادق فقط، وعدة ملايين أخرى أنفقت على تأمين الحفل وتفتيش الشباب لأنه خائف منهم.. من فرط خوفه من الشباب تم تفتيش الجميع لدرجة أن عسكري أمن مركزي قام بتفتيش رئيس الوزراء بصوره مهينة وأمام عدسات الكاميرات.
ترفيه الضابط سيارة وترفيه العسكري طقم أكواب وترفيه الشعب إما أغنية أو حفلة يقوم السيسي بالتحدث فيها عن نفسه وينصح المصريين بالصبر والعمل والتضحية والتبرع لمصر بالحلى والفكة.
الوقت الذى قضاه السيسي في نصائح السيسي بالصبر والتقشف والتضحية والتبرع لمصر أكبر من الوقت الذى خصصه للحديث عن المشاريع الاقتصادية.
كما أن الأموال التي أنفقها على الحفلات والمؤتمرات والدعاية والإعلان تفوق الأموال التي أنفقها على محاربة الجوع والفقر والمرض والعنوسة والبطالة.. فحفل تنصيب السيسي رئاسة الجمهورية كلف مليار ونصف، منها 10 ملايين جنيه أنفقت على تزيين شوارع القاهرة.
أما الاحتفال بانتصار أكتوبر الذى أقيم في استاد الدفاع الجوي فقد تكلف نحو 130 مليون جنيه، منهم 12 مليون للهدايا و50 مليون خصصت كمكافآت للفنانين، و20 مليون لمكافآت الضباط منظمي الحفل.
كما تكلف حفل افتتاح قناة السويس نحو 30 مليون دولار، أما الاحتفال بمرور 150 سنة على البرلمان المصري فقد كلف من 20 إلى 50 مليون جنيه، دعا لحضوره وفودا من 30 دولة.
وفى سياق مشابه، أنفق على الدعاية لمخاطر الهجرة غير الشرعية نحو 12 مليون جنيه، لو خصصها لمشروعات لهؤلاء الشباب لما اضطروا إلى الهجرة. هذا بالإضافة إلى زيادة المرتبات التي تقتصر فقط على ضباط الجيش والشرطة والقضاء، أما الشعب فله الأغانى والنصائح فقط.
الدولة الوحيدة في العالم التي تقابل إخفاق الجيش وقوات الأمن في مكافحة الجريمة والإرهاب بزيادة مرتباتهم ومعاقبة الشعب وإلقاء اللوم عليه وتحمله تكلفة هذا الفشل.
أما النفقات على الأغانى وحفلات الرقص ودعم السينما فحدث ولا حرج، وكما ذكرت سابقًا أن عدد الأغانى التي تغنت بالسيسي وجماله وذكائه وقوته وحكمته أكبر من عدد مشروعاته الاقتصادية.. فهناك أكثر من دستة أغانٍ خصصت لدعم السيسي، وعلى رأسها أغنية «تسلم الأيادى» وأغنية «عاش الجيش المصري» للمطربة أمينة، وأغنية «عايزين حكومة شديدة» لشعبان عبدالرحيم، وغنى له حسين الجسمى أغنية «بشرة خير»، وأغنية «عزيزى الشاب المصري»، وأغنية «مصر قريبة»، وأغنية «كمل جميلك» لطارق الشيخ، وأغنية «بنحبك يا سيسى» وغيرها.
هذه الأغانى كلفت الدولة عشرات وربما مئات الملايين من الجنيهات.. فوائل جسار حصل على «بحبك يا مصر» 55 ألف دولار (أي 775 ألف جنيه مصري) مقابل أغنيته الأخيرة للسيسى. وإذا أضفت أتعاب ومكافآت المؤلف والملحن والفرقة والمخرج والمصروفات الإدارية الأخرى يمكنك تصور حجم تكاليف هكذا أغنية.
الأغاني وحفلات الرقص لا تملأ بطون الجوعى.. ولا تحارب فيروسات المرضى.. ولا تعف الأعزب، وأعتقد أن نفقات السيسي على الحرب الإعلامية على معارضيه التي حشد لها عشرات الإعلاميين والصحفيين وعددا من القنوات الفضائية والصحف ورجال الدين والآلاف من نشطاء الإنترنت -فيما يعرف بالكتائب الإلكترونية- كل ذلك كلف الدولة المليارات.
فعلى سبيل المثال، بمناسبة زيارة عبدالفتاح السيسي إلى نيويورك، تم إطلاق أول فضائية مصرية باسم قناة «هالو إيجيبت» باللغة الإنجليزية 24 ساعة.
هكذا تكون حلول المشاكل الاقتصادية عندما يحكم مصر سلاح المخابرات المتخصص في التجسس على الضباط وسلاح الشئون المعنوية المتخصص في الترفيه عن القوات المسلحة وكسب الحرب النفسية.
فسلاح الشئون المعنوية متخصص حفلات رقص وأغانٍ للمجندين والضباط، ويجند إعلاميين وصحفيين ورجال دين ومن يطلق عليهم خبراء إستراتيجيين وكتائب إلكترونية للترفيه عن القوات المسلحة، وغسل عقول المصريين وهزيمة الأعداء نفسيًّا.. وعندما يترك الجيش مهمته في الدفاع عن حدود البلاد ويتولى زمام الحكم ويتولى ملفي السياسة والاقتصاد يكون الأعداء هم كل من يعارض الحكومة حتى ولو عارضها بطرق سلمية.
أضف تعليقك