تحول البيت الأبيض على يد كل من مرشحي الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون ودونالد ترامب إلى مستنقع يحوي كل البذاءات الرخيصة التي تبادلها المرشحان طوال أسابيع الحملة الانتخابية بدءا من الاتهامات الأخلاقية السوقية إلى الاتهامات بالعمالة والتبعية، ما تركت هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب لأولاد الشوارع على مدى ثلاث مناظرات وعشرات التصريحات والاتهامات إلا القليل من الخصوصية في السفالة والانحطاط وهذا يكشف لنا أنه أيا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة فإننا أمام نقلة نوعية في مستوى الرؤساء وانقسام مجتمعي أميركي غير مسبوق فالتيار الشعبوي العنصري الذي قاد دونالد ترامب للمنافسة والتيار المفلس المتعفن الذي قاد هيلاري كلينتون لمنافسته يعني أن الولايات المتحدة دخلت عصر الافلاس السياسي بامتياز، وبغض النظر عن أن الذين يظهرون دائما على قمة الهرم في الولايات المتحدة ليسوا هم الحكام الفعليين لكن المجتمع كان يبدو على الأقل أكثر تماسكا مما هو عليه الآن وكانت المنافسات تبدو جدية بين المرشحين في المراحل الأولى لكل من الحزبين وكانت ملفات السياسة والاقتصاد هي الملفات الرئيسية في المناظرات، لكن الأمر اختلف هذه المرة حيث أخرج كل حزب أسوأ ما عنده من مرشحين أو أن هذا هو أفضل المتاح من نوعية المرشحين.
تبادل السباب والاتهامات بهذه الطريقة غير مسبوق في أية مناظرات أو انتخابات سابقة، وهذا يعني أن الطبقة الأميركية الوسطى التي تلعب دورا أساسيا في اختيار من يحكمها بدءا من رؤساء الولايات إلى حكام الولايات إلى أعضاء الكونغرس إلى الرئاسة هذه الطبقة التي كانت ترسخ الديمقراطية الغربية أدركت فشل النظام الديمقراطي الانتخابي الغربي وفساده فأصبحت لا تشارك فيه لأنها أدركت في الفترة الأخيرة أن ماكينة صناعة الحكام والسياسيين في الولايات المتحدة لم تعد تهتم بخيار الشعب واختياراته بل إنها تقدم ما تريد، ولهذا فإنه من المتوقع أن يعرض الشعب الأميركي عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية لأن الخيار بين الشريرة كما وصفها ترامب وبين الدمية كما وصفته كلينتون هو خيار بين السيئ والأسوأ من ثم فربما يؤثر كثير من الأميركيين البقاء في بيوتهم وعدم المشاركة وهذا ما تؤكده كثير من استطلاعات الرأي، فلعبة السياسة الأميركية كانت تخفي قذارتها وقذارة ما يجري وراء كواليسها طوال العقود الماضية لكنها الآن تعرت وأصبحنا نسمع من مرشحي الرئاسة لأكبر دولة في العالم من حيث القوة والانتشار العسكري ما يستحي من سماعه الكبار فضلا عن المراهقين والصغار وهذا يعني أننا أمام مفرق طرق تاريخي فالحضارة الغربية شاخت وترهلت والأحزاب التقليدية في الغرب بشكل عام سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا لم تعد خيار الناخبين والعنصرية والتطرف اليميني أصبح يشكل المزاجية في الاختيار لدى من يذهبون لصناديق الاقتراع وإذا كان ترامب قد هدد بالتمرد على النتائج إن لم تأت به فإننا أمام مفترق طرق تاريخي ستظهر نتائجه بعد أسابيع.
أضف تعليقك