بسم الله الرحمن الرحيم
محرقه حلب وسوريا… لا تحسبوها شراً لكم
تعتبر حلب خصوصا وسوريا عموما أشد بلاد العرب ابتلاءً، ولا يدانيها في المحنة الحالية إلا غزة وفلسطين، ذلك أن الصراع صراع عالمي مستمر يتسم هذه المرة بالوحشية والاستكبار والنفاق في آن واحد، صراع بين القوى الاستعمارية المهيمنة وبين الشعوب الساعية لكرامتها بالتخلص من كل النظم الفاسدة والحكام المستبدين الذين ما بقوا هذه العقود الطويلة إلا بسند ودعم من قوى الاستعمار القديم المتمثل في أوروبا العجوز والاستعمار الحديث المتمثل في الولايات المتحدة وروسيا ومن يلحق بهم، وتبقى الصهيونية العالمية أخبث هذه القوى العالمية لأنها تمارس أسوأ أنواع الاحتلال الاستيطاني العرقي والديني المتطرف يدعمها ويمكن لها نفاق وخبث الاستعماريين الجدد، وعمالة الحكام المفسدين والمستبدين، وغفلة قطاعات عريضة من الشعوب أو تناحرها العرقي والطائفي .
اجتمعت صفوف الثوار فصمدت الثورة السورية وكان هتافهم لن نركع إلا لله، وكسر الثوار حصار حلب فاجتمع أطراف الصراع جميعا عليها، حيث أصبحت حلب رمزا للثورة السورية بل للثورات العربية.
هذه جولة من جولات الثورة العربية فيها من الخير بإذن الله الكثير ما بقى الثوار صامدون ثابتون.
فقد أكدت المحرقة شعار الثورة السورية بل والعربية " يا الله يا الله مالنا غيرك يا الله" ... وردد معهم الهتاف إخوانهم من ثوار مصر واليمن وليبيا وغيرهم يقول كل منهم لأخية صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة.
ومن هذا الخير أن الثوار المقاومين السوريين استقلوا بنضالهم ووحدوا صفهم ودرأوا كل شبهة تعاون أو تعاطف مع ما يعرف بتنظيم القاعدة .
ومن هذا الخير أن تدرك الأمة أن من يُحرَقون في سوريا وحلب من الأطفال والشيوخ والنساء ليسوا هم الإرهابيون ، إنما هم ضحايا الإرهاب الذى يقترفه الطاغية بجيشه وميليشياته، والمستعمر الروسي بطائراته وعتاده، والجيش الإيراني وحزب الله والحرس الثوري بعصاباتهم الطائفية، كل ذلك بتنسيق وتخطيط من الحلف الغربي الصهيوني، يغطيه ويموه عليه شجب وتنديد فى الأمم المتحدة، وتلاوم او تلاسن في مجلس الامن .
لعل الأمة إذا أدركت هذه الحقائق أن تستعيد وعيها وتعود إلى قيمها، فـ "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحمى"] أخرجه البخاري ومسلم[" وتتحقق الأخوة ويتعاظم الإيثار على النفس مهما كان بنا من جوع أو خصاصة.
لعل الثوار خصوصاً والأمة عموماً إذا أدركت هذه الحقائق أن تتعامل بالحكمة مع غيرها فتقاوم المحتل الغاصب ولا تستدرج إلى شراك وفخاخ أعدائها من الصهاينة أو الصليبين أو الطائفيين الذين يسعون لتمزيقها .
لعل الثوار خصوصاً والأمة عموما إذا أدركت هذه الحقائق أن تنمى بقية الخير في الناس، أولئك الذين قال الله تعالى عنهم " فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ، ......." ) (116 هود
مثل هؤلاء هم الذين واللاتي يحاولون كسر الحصار عن غزة، عسى هؤلاء أن يجعلهم الله كالذين نقضوا صحيفه قريش وفكوا حصار شعب أبى طالب .
يشاء الله تعالى أن تستعر محرقة حلب في مطلع العام الهجري الجديد ومع مقدم شهر المحرم الذى جعل الله نجاة موسى وقومه فى العاشر منه، وأمرنا رسول الله صلى الله علية وسلم بصيام عاشوراء وصيام يوم قبله أو يوم بعده وقال " نحن أولى بموسى منهم " نعم .. نحن أولى بموسى منهم، فعلينا أن نقتدى به... فقد أحسن الإعداد وأحسن التوكل حين قال لقومه " وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ " (84) يونس فصدقوا القول وأخلصوا الدعاء " فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"(85) يونس فأمرهم ربهم أن يثبتوا على الحق وأن يعدوا أنفسهم وبيوتهم لجولة حاسمة، وبشرهم بنصر قريب فقال تعالى " وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ "(87) يونس .
فإلي ثوار سوريا خصوصاً، وإلى كل ثوار الأمة :
اثبتوا ورابطوا في الثغور التي أنتم عليها، واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة ووحدوا صفوفكم
تجتمع الأمة حولكم، ويقذف الله الرعب في قلوب أعدائكم، ويجعل تدميرهم فى تدبيرهم ومكرهم.
فإرادة الله غالبة : " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ(6)"القصص
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
أ. د / محمود عزت
القائم بأعمال فضيلة المرشد العام
غرة المحرم 1438 هـ الموافق 2 اكتوبر 2016 م
أضف تعليقك