كان "مسجد الفتح" شاهد عيان على أحداث تلت مذبحة فض اعتصامي "رابعة العدوية" والنهضة، وقتل المئات من أنصار الرئيس محمد مرسى.
بدأت أحداث مسجد الفتح في حي رمسيس وسط القاهرة بعد صلاة الجمعة، في أعقاب انطلاق مظاهرات "جمعة الغضب"، التي دعا إليها "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيد للرئيس محمد مرسي، وذلك للتنديد بمقتل المئات وجرح الآلاف في فض قوات من جيش وشرطة الانقلاب لاعتصام مؤيدين لمرسي في ميداني "رابعة العدوية" و"نهضة مصر".
تفاصيل الأحداث
بدأت أحداث مسجد الفتح في حي رمسيس بعد صلاة الجمعة الموافق 16 أغسطس، حيث خرجت بعد صلاة الجمعة عدة مسيرات من المساجد الكبرى في عدد من أحياء القاهرة، بينها عين شمس وحلوان باتجاه ميدان رمسيس كي تلتحم فيه مع مسيرات انطلقت من محافظة الجيزة باتجاه رمسيس.
وفي الرابعة والنصف عصرًا، سقط 7 قتلى في اشتباكات بين مجهولين من جهة وأنصار لمرسي ورافضين لفض الاعتصامات بالقوة من جهة أخرى.
وخلال ساعتين صرح مصدر طبي من المستشفى الميداني في مسجد الفتح وقتها، بأن عدد القتلى ارتفع إلى 51 قتيلًا وأكثر من 300 جريح.
وقالت منظمة "مراقبون لجرائم الانقلاب"، إن قناصة على متن مروحيات عسكرية، كانت تجوب سماء ميدان رمسيس، واستهدفت المتظاهرين في رمسيس، فيما أكد شهود عيان بأن مروحيات عسكرية قامت بإنزال عدد من القناصة أعلى مبان قريبة من ميدان رمسيس، ليسهل عليهم قتل المتظاهرين.
وأعلنت المستشفى الميداني بمسجد التوحيد القريب من رمسيس، أنه استقبل جثامين 30 قتيلا و500 جريح، بحسب شهود عيان، غير جثامين موجودة في مسجد الفتح برمسيس.
وكثفت قوات أمن الانقلاب من هجومها على المتظاهرين في ميدان رمسيس، حيث بدأت في حصار المئات منهم أمام مسجد الفتح، بحسب المستشفى الميداني، الذي أعلن أن القوات تطلق الرصاص بكثافة.
وأعلنت جماعة الإخوان المسلمين، عبر المتحدث باسمها، أحمد عارف، أن عمليات قتل ممنهجة تمارس بحق المتظاهرين السلميين في ميدان رمسيس، مطالبة الجيش بـ"عدم الاندفاع إلى مستنقع قتل المصريين".
وتمت محاصرة مئات الأشخاص في مسجد الفتح، والذين أطلقوا استغاثات، بعد استمرار حصارهم نحو 12 ساعة من جانب قوات الشرطة والجيش،
وسيطرت قوات أمن الانقلاب على مسجد الفتح بشكل كامل وعلى المحتجزين، الذين كانت تحاصرهم منذ الجمعة حتى السبت، وجرى ترحيل بعضهم داخل سيارات ترحيلات بقوات الأمن المركزي "قوات مكافحة الشغب" ومدرعات تابعة للجيش إلى مقرات أمنية لاعتقالهم.
وأعلن "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب"، عن ارتفاع قتلى مظاهرات "جمعة الغضب" إلى 103 قتلى.
هيومن رايتس ووتش تطالب بالإفراج عن المعتقلين
وأدانت منظمة هيومن رايتس ووتش، استمرار بقاء 494 شخصًا لثلاث أعوام رهن الحبس الاحتياطي في السجون، وذلك على ذمة قضية عرفت إعلاميًا باسم "أحداث مسجد الفتح"، حيث لم يصدر حكم في تلك القضية ويتم التجديد فيها بشكلٍ دوري، دون أن يتم إثبات التهم على المتهمين في القضية.
كما طالبت المنظمة بالإفراج الفوري غير المشروط للمتهمين في القضية لحين إدانتهم أو إثبات برائتهم منها، حيث تجاوزت مدة حبسهم إحتياطيًا الحد المسموح به دوليًا وإقليميًا - بعد أن تم تغيير القانون المصري لتصبح فترة الحبس الاحتياطي بلا أجل محدد -.
وكانت النيابة العامة قد أسندت إلى المتهمين الاتهامات التالية: "ارتكاب جرائم تدنيس مسجد الفتح وتخريبه وتعطيل إقامة الصلاة به، والقتل العمد والشروع فيه تنفيذ أغراض "إرهابية"، والتجمهر والبلطجة وتخريب المنشآت العامة والخاصة، وإضرام النيران في ممتلكات المواطنين وسياراتهم، والتعدي على قوات الشرطة وإحراز الأسلحة النارية الآلية والخرطوش والذخائر والمفرقعات، وقطع الطريق وتعطيل المواصلات العامة وتعريض سلامة مستقليها للخطر"، وقامت بإحالتهم إلى محكمة الجنايات، وظلت القضية رهن التداول حيث يتم التجديد الدوري للمتهمين الذين ظلوا رهن الحبس الاحتياطي طوال الأعوام الماضية.
ومن ضمن من تم اعتقالهم في اقتحام المسجد - حسب تقرير المنظمة - عدد من الصحفيين، منهم مراسل التليفزيون التركي الرسمي "متين توران"، ومراسلة وكالة الأناضول "هبة زكريا"، والناشطة الإعلامية "شيماء عوض" والصحفي "شريف منصور"، الذين أفرج عنهم فيما بعد بعد فترات متفاوتة.
كما شملت حملة الاعتقالات بعض الأطباء الذين كانوا يأدون أعمالهم في إسعاف المصابين، منهم الطبيب "إبراهيم اليماني" حيث اعتقل بعدما اتفق مع أحد قادة داخلية الانقلاب التي حاصرت المسجد بصفته طبيب ميداني على إقناع المتواجدين بالمسجد الذين حوصروا لأكثر من 12 ساعة تحت الرصاص وقنابل الغاز على الخروج من المسجد دون أن يطالهم أذى باعتقال أو غيره، ورغم ذلك فكان أول من اعتقل من المتواجدين حيث تم احتجازه في قسم الأزبكية ثم نقل لسجن وادي النطرون بعدها نقل إلى طرة.
وحسب المنظمة، فقد روى المعتقلون في تلك القضية مشاهد قاسية لاعتقالهم فأكدوا أنه تم الاعتداء عليهم بالسحل والضرب داخل المسجد وأثناء الخروج منه وإجبارهم على ركوب سيارات ترحيلات غير آدمية، وصل عدد الموجودين داخل كل سيارة لما يقارب 74 شخصًا، أودعوا بعدها في معسكر قوات أمن طره في مكان غير آدمي، وهم معصوبي الأعين، وتم الاعتداء عليهم بالضرب واحتجازهم في أماكن ضيقة لم تسعهم حتى باتوا يتناوبون النوم لضيق المكان، كما تم تعريضهم للانتهاكات النفسية والجسدية وتم تعذيبهم مرارًا، كما تم قطع المياه عنهم لأسابيع بداية اعتقالهم.
أضف تعليقك