يستمر حكم العسكر الانقلابي، المسيطر على الحكم بمصر في تشديد قبضته الأمنية، وتجهيزه لحزمة من الاتهامات يحاصر بها معارضيه، الذين شاركوا فى ثورة "25 من يناير"، والشباب المناهضين للانقلاب العسكري.
ومنذ الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي ضد محمد مرسي، ويتبع النظام الانقلابي سياسة تلفيق القضايا للشباب فى أطر مختلفة، وإخراسهم وإسكاتهم ، وهو مايرى محللون أنه سينتج عنه حالة من الغضب والعنف ضد هذا النظام القمعي.
وأخيرًا - وليس آخرًا - قامت السلطات اليوم الأحد، بالقبض على الصحفي والناشط السياسي المعارض وائل عباس، بدعوى أنه على ذمة قضية "سرقة كابل نت" المتعلقة بتوصيل "النت" للجمهور بدون تصريح، وهو الأمر الذي نشره عباس على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" فور وصوله للقسم، منوهًا بحصوله على حكم البراءة في هذه القضية منذ 2010.
وعباس هو مدون و صحفي مصري له مدونة تدعى "الوعي المصري"، والتي استطاع خلال عامان من إنشاؤها أن يلفت الأنظار إليه بمشاركاته في أحداث المعارضة المصرية و نقلها على شبكة الإنترنت و أصبح للوعي المصري قراء داخل مصر و خارجها، ليبقى هو ومدونته صداعًا في رأس النظام الانقلابي يحاول التخلص منه.
وفي مايو الماضي، أصدرت النيابة العامة أمرًا بضبط المحامي الشاب والناشط الحقوقي مالك عدلي وإحضاره، بزعم "بث أخبار كاذبة"، بعدما وكله مواطنون مصريون لرفع دعوى قضائية ضد إتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين مصر والسعودية، والتي بمقتضاها تنازلت مصر عن السيادة على جزيرتي "تيران" و"صنافير" للسعودية.
وعدلي أو "أبو بهية" كما يحب أصدقاؤه أن يطلق عليه، هو محامي شاب تولى الدفاع القانوني عن العديد من النشطاء السياسيين والمتظاهرين، بالإضافة إلى القيادات النقابية والعمالية وأسر شهداء ثورة 25 يناير 2011، ومصابيها، ومن تم القبض عليهم فى الأحداث المختلفة لثورة يناير، بالإضافة الى ضحايا المحاكمات العسكرية من مدنيين ولاجئين وضحايا التعذيب.
وتم القاء القبض عليه بواسطة أشخاص يرتدون الأزياء المدنية، واعتدوا عليه بالضرب والتهديد بالسلاح الناري وخطفوه داخل سيارة خاصة بدون لوحات معدنية ذات زجاج معتم وأخفوه فى مكان غير معلوم، اذ تم إستجوابه حول الدعوى القضائية التى رفعها بشأن "تيران وصنافير".
وقالت الحملة إنه إمعانا في التنكيل بعدلي وتشويه سمعته، تم اتهامه بالسكر، وتسريب ذلك لبعض وسائل الإعلام قبل انتهاء التحقيق، كما تم وضعه فى زنزانة إنفرادية ومنع أهله من زيارته أو إدخال طعام أو ملابس له.
كما تم اعتقال أحمد عبد الله رئيس مجلس أمناء المفوضية المصرية للحقوق والحريات،بس مشاركته في تظاهرات "جمعة الأرض هي العرض" اعتراضًا على تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، وتم توجيه عدة تهم له، من بينها، الانتماء لـ"جماعة إرهابية" والتحريض على التظاهر، وحبس 4 أيام على ذمة التحقيقات.
وفي يوليو الماضي طالبت المفوضية المصرية، بالافراج الفوري وغير المشروط عن جميع النشطاء والمحبوسين على ذمة قضايا تتعلق بمعارضة التنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير، واسقاط التهم الموجهة إليهم بسبب ممارستهم حقوقهم الإنسانية والدستورية في حرية الرأي والتعبير، والحق في التجمع السلمي، وهي الدعوات التي لا يهتم بها النظام ويستمر في إلقاء الشباب بالسجون.
ازدياد الوتيرة والسجون مكتظة
وتستنكر المنظمات الحقوقية تصاعد الانتهاكات ضد الحقوق والحريات العامة، التي وصفوها بـ"المتزايدة يوما بعد يوم"، وهو ماجعل السجون تكتظ بسجناء الرأى بتهم ملفقة وتمتد أيام الحبس الاحتياطى لتصل لشهور وسنوات فى انتهاك شنيع للدستور والقانون، ومن بين حالات الانتهاك الصارخ حالات عشرة شباب تم القبض عليهم من أماكن مختلفة، فيما تعرف بقضية حركة شباب 25 يناير والتى هى تنظيم وهمى لا وجود له اصطنعته أجهزة الأمن.
وفي مارس الماضي، أصدرت بعض الأحزاب المصرية بيانًا تعترض فيه على إلصاق التهم بالشباب الثوري، دون أدلة، وعدم وجود تهمة إلا معارضة النظام فحسب.
وجاء في بيان الأحزاب، أن الشبان العشرة المتهمين بالانضمام لحركة وهمية يطلق عليها "25 يناير"، فى الحبس منذ حملة القبض عليهم "ديسمبر 2015 وبدايات يناير 2016"، وتم إخلاء سبيل كل من محمود السقا وشريف دياب، ثم صدر قرار بإخلاء سبيل محب دوس وأحمد عبدالرءوف "أحمد المصرى"، ومازال بالحبس كل من مصطفى فقير وأحمد كمال وأحمد حسن ومحمد فياض والسيد فتح الله وخالد أحمد طاهر "خالد الأنصارى"، ورغم أن هذه القضية بها الكثير من الانتهاكات بداية من توجيه تهمة ملفقة أصلًا، إلى وجود انتهاكات عدة، فبالرغم عدم توافر أى أدلة ضدهم، لإثبات هذه التهمة الوهمية، فقد كان يتم التجديد لهم جلسة بعد جلسة رغم عدم توافر مبررات قانونية للحبس الاحتياطى، سوى الخشية من الهرب أو عدم وجود محل إقامة معروف أو مظنة التأثير على الأدلة، لقد تحول الحبس الاحتياطى إلى بديل عن الاعتقال فى ظل حالة الطوارئ غير المعلنة.
ويساعد النظام الانقلابي على ظلمه وطغيانه، القضاء المصري، الذي فقد كل مقومات ومواصفات القضاء النزيه مما أثار حوله الكثير من اللغط الذي انتهى إلى أنه قضاء فاسد وظالم وفاقد للأهلية.
لتصبح مصر في عهد الانقلاب بهذه الأحكام القضائية الجائرة، سجناً كبيراً لشعبها، فالكثير من السياسيين والمحامين والنشطاء والصحفيين أقتيدوا إلى السجون بسبب تهم لا وجود لها إلا في مخيلة النظام وقضائه الفاسد، أو جرى تلفيقها وتضخيمها للنيل منهم وإن كانوا على حق وهم يؤدون أعمالهم، وكان آخرهم هشام جنينة، لا لسبب سوى لكشفه حجم الفساد الهائل في غضون ثلاث سنوات هي حتى الآن فترة حكم السيسي.
أضف تعليقك