يظل يوم 23 يوليو ذكري سعيدة للشعب المصري، يوم أن حلم الشعب بالتحرر من قيود الاحتلال والانطلاق لآفاق الحرية، لكن الشعب استيقظ علي كارثة ما زالت مستمرة إلي اليوم، فليست المشكلة في اليوم لكن في حفنة العسكر التي اختطفته.
23 يوليو هي انقلاب عسكري اصطلاحا بمساندة شعبية من قبل أفراد الإخوان المسلمين وبتوفيق إلهي كبير، فأحداثها كانت أقرب للفشل منها إلي النجاح، فكنا أمام انقلاب سمي بحركة أيده الشعب فأطلق عليه ثورة.
ويظل رمز 23 يوليو الأول هو اللواء محمد نجيب الذي تولي رئاسة الجمهورية فيما بعد قبل أن ينقلب عليه البكباشي جمال عبدالناصر، حتي لا تعود السلطة للشعب، ويظل جيمي قابعا وعصابته العسكرية في الحكم.
وكانت لحركة 23 يوليو 6 أهداف محددة وهي إنهاء الاحتلال، والقضاء علي الإقطاع، والقضاء علي الرأسمالية والاحتكار، وتحقيق عدالة اجتماعية، وبناء جيش قوي، وبناء نظام ديمقراطي سليم.
فكيف انحرفت 23 يوليو عن مسارها وأهدافها هذا ما نستعرضه سويا:
أولا: بالنسبة لإنهاء الاحتلال، فسبق انقلاب 23 يوليو العديد من الاتفاقيات والمحادثات بعد الحرب العالمية الأولي والحرب العالمية الثانية لإنهاء الاحتلال الإنجليزي لمصر، وفي ذلك الوقت خططت الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت للانفراد بالسيطرة علي العالم بعيدا عن انجلترا وفرنسا في استبدال الاحتلال العسكري باهظ الكلفة إلي احتلال ناعم عن طريق التواصل علي أفراد الجيوش للقيام بالسيطرة علي الحكم في بلادهم والانصياع للبيت الأبيض.
وبالفعل خرج آخر جندي إنجليزي من مصر في 19 أكتوبر 1954م في عهد الرئيس محمد نجيب، وبعدها انقلب جمال عبدالناصر علي رئيسه محمد نجيب.
ثانيا: بالنسبة للقضاء علي الإقطاع فتمت مصادرة آلاف الأفدنة من ملاكها لتتكون إقطاعيات من نوع جديد بإشراف عساكر الجيش الذين سيطروا علي كل شىء في مصر حتي الأندية الرياضية تم عسكرتها، وما زال الشعب المصري يعاني من الإقطاعيين الجدد.
ثالثا: بالنسبة للقضاء علي الرأسمالية والاحتكار، فالعكس هو ما حدث زاد الاحتكار وفشت الرأسمالية برعاية مجلس قيادة الثورة وضباط المجلس العسكري فيما بعد، حتي صار قادة الجيش المصري هم أكبر المحتكرين، ويستغلون رجال أعمال للاحتكار باسمهم مثل أحمد عز ومحمد الأمين وأحمد أبوهشيمة، ولا يمكن أن ننسي نجيب ساويرس وإخوته رجال الرأسمالية بدعم العسكر.
رابعا: أما عن تحقيق العدالة الاجتماعية، فليس هناك أبلغ من كلية الشرطة والكلية الحربية لنعرف التفرقة العنصرية التي تحدث في مصر، فضلا عن سلك القضاء الذي ذاب من عدم تجديد سلالاته التي أضحت في عائلات محدودة.
وأما عن الوضع الاقتصادي الذي يحقق الحد الأدني من العدالة الاجتماعية فقيمة الجنيه في عهد الملك فؤاد بن إسماعيل بلغت 5 دولارات وفي عهد ابنه الملك فاروق بن فؤاد فبلغت 4 دولارات، فيما تراجع الجنيه في عهد لضابط جمال عبدالناصر ليصل إلي 2.5 دولار، وفي عهد الضابط أنور السادات وصل إلي 1.70 دولار، وفي نهاية عهد الضابط حسني مبارك وصل الدولار إلي 5.50 دولارات، أما بعد الانقلاب العسكري علي الرئيس محمد مرسي فوصل الدولار لمستوي غير مسبوق مسجلا 12 جنيها.
خامسا: أما عن بناء جيش قوي، فتعرضت مصر لهزيمة نكراء في عهد الضابط جمال عبدالناصر علي يد جيش الاحتلال الصهيوني عام 1967 لم يتخطاها إلا في عام 1973 في عهد الضابط أنور السادات بقيود غليظة، أما الجيش المصري حاليا فيحتل مرتبة متأخرة عن جيش الاحتلال الصهيوني في تصنيف الجيوش عالميا.
سادسا: بالنسبة للحياة الديمقراطية فتحولت مصر للاستبداد وحكم الحديد والنار بعد انقلاب 1954 في عهد عبدالناصر والسادات ومبارك، وزادت سوءا بعد الانقلاب العسكري في 2013.
أضف تعليقك