قدم الدكتور محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين من داخل مصر، التهنئة لأفراد الجماعة بحلول شهر رمضان.
ودعا د. محمود عزت خلال في رسالة صوتية له، أفراد الجماعة للاستمرار في العمل لمواجهة الانقلاب العسكري، والاحتشاد في صلاة التراويح والتهجد بأعداد كبيرة داخل المساجد.
وجاء نص الرسالة الصوتية بحسب ما نشرته الصفحة الرسمية للجماعة الإخوان على "فيس بوك"، وبحسب نص الرسالة الصوتية كالتالي:
رسالة إلى الإخوان المسلمين فى غرة رمضان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
إخواني وأخواتي الذين هم أحق بنفسي من نفسي.
إخواني وأخواتي في الطليعة الصامدة خلف أسوار الطغيان والاستبداد.
إخواني وأخواتي الذين لم تمنعهم جراحاتهم وإصاباتهم من تقدم صفوف المرابطين في الشوارع, يصدعون بالحق.
إخواني وأخواتي, أبنائي وبناتي أسر الشهداء، والمحكوم عليهم بالإعدام، وأسر المعتقلين والمطاردين، القدوة في الصبر والاحتساب.
إخواني وأخواتي الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، الذين جمع الله قلوبهم علي محبته وطاعته وإن باعدت الأسفار والابتلاءات بين أجسامهم.
إخواني وأخواتي الذين لحقوا بهذه المسيرة المباركة، يسدون الثغرات، ويتقدمون الصفوف في المسيرات، ممن نعرفهم ومن لا نعرفهم, الذين لا يهينون في الحق ولا يُستدرجون للعنف، الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.
أيها الإخوة ونحن نتعرض لنفحات الله في هذه الأيام المباركة، نحمده أن بلغنا رمضان، وساق إلينا فرص العمل الصالح والنضال الثوري، فاللهم أهله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحبه وترضى.
الإخوة والأخوات، إن أجل نعمة أنعم الله تعالى بها علينا بعد نعمة الإسلام هى الانتماء إلى هذه الجماعة المباركة التي تعلمنا فيها الحق والقوة والحرية، وعرفنا فيها معني الإسلام الصحيح بفهمه الشامل، وتربينا في جنباتها على قيمه الراقية وآدابه العالية، وارتبطنا مع رجالاتها الكرام بعهد الأخوة والعطاء، والثبات في الشدة والرخاء، وعشنا في ظلالها أفضل أيام حياتنا قرباً من الله تعالى، وارتباطاً مصيرياً بدينه ودعوته، وأصبح من أوجب واجباتنا في هذه المرحلة الدقيقة أن نحافظ على وحدة هذا الصف وتماسك هذه الجماعة التي نعتقد أنها تمثل حائط الصد المنيع أمام هذه الحرب الضروس على الإسلام عقيدةً وشريعةً ومنهجاً وحضارةً وتاريخاً ورموزاً، وتمثل النواة الصلبة للمشروع الإسلامي الحضاري العالمي في مواجهة نظام عالمي مادي لا إنساني مازالت الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية تنفرد بقيادته وتحالفت معهما القوى الاستعمارية الشرقية والغربية, مستغلين الطائفية المهلكة والعرقية المنتنة، لتمزيق الأمة ونهب ثرواتها.
إن المعركة الحالية تمثل حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل، وهي معركة مستمرة متصلة الحلقات وإن كانت الحلقة الراهنة من أشدها ضراوة؛ فالإسلام الحضاري المقاوم للظلم والاحتلال مستهدف بالمحو، وأوطانه كذلك مستهدفة بالتفتيت والإفشال والاحتلال، وما يحدث هذه الأيام في سوريا والعراق وفلسطين هو ما يسعون لتحقيقه في اليمن والخليج وليبيا ومصر انتهاءً بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن استطاعوا ولن يستطيعوا بحول الله وقوته, ثم بوعي الأمة ومقوماتها.
فاحذروا أيها الإخوة من اختزال المعركة في مقاومة الانقلاب، لأن ذلك لا يمثل إلا جزءً منها، أو فصلاً من فصولها، ومقاومة الاستبداد والفساد والتبعية للمشروع الصهيو أمريكي هي الأساس، واحذروا كذلك من اختزال المعركة بتصورها صراعاً بين الإخوان والعسكر، أو بينهم وبين قائد الانقلاب، ولكنها معركة الأمة الإسلامية وفى القلب منها الإخوان وكل القوى الوطنية والثورية من ناحية، ومن الناحية الأخرى جميع وكلاء مشروع الهيمنة؛ الصهيوني الأمريكي في مصر والعالم العربي والإسلامي، وقادة العسكر في مصر في القلب منهم.
واحذروا أيها الإخوة من اختزال مفهوم النصر في كسر الانقلاب؛ فالنصر في مرحلة المقاومة هو الصمود والثبات والتضحية والالتزام بالمنهج وعدم الاستدراج للعنف والحفاظ علي وحدة الجماعة والحفاظ علي الثورة والاصطفاف الثوري والحاضنة المجتمعية لها.
والنصر في مرحلة ازاحه الانقلاب هو تفكيك أركانه وخلع أنياب الفساد وقصم ظهر الاستبداد مع الحفاظ على وحدة الوطن ومقدراته والشعب ومؤسساته.
والنصر في مرحلة البناء هو نشر الدعوة وترسيخها وتجذيرها، ومشاركة كل القوى الشعبية في أقامة العدل وبناء مؤسسات الدولة, وتعميق قيم الإسلام في كل مناحي الحياة التي تسعي لوحدة الامة الإسلامية، وكل ذلك يمهد للكرامة التي يريدها الله تعالى للإنسانية جميعا فما جعل الله الناس شعوبا وقبائل إلا ليتعارفوا, وما جعل أكرمهم عنده إلا أتقاهم له ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ), وما كانت الأمة الإسلامية خير أمة إلا بالإيمان بالله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم) وما كان رسول الله رحمة لزمان أو مكان أو قوم بل رحمة للعالمين (ووَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ).
الإخوة والأخوات.. اعلموا أن أخوتنا هي سر قوتنا وسبب تنزل رحم
ات الله علينا؛ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ وأمرنا صلى الله عليه وسلم أن “وكونوا عباد الله إخوانا”.
ومما تعلمناه في دعوتنا أن: ليست أول القوة هي قوة الساعد والسلاح ولكن أول القوة هي قوة العقيدة والإيمان ثم قوة الوحدة, والأخوة ثم قوة الساعد والسلاح حينما لا يجدي غيرها. ومما قاله الإمام البنا محذرا لنا (إني لا أخاف عليكم الدنيا مجتمعة, فأنتم بأذن الله أقوى منها ولكني أخاف عليكم أن تنسوا الله فينسيكم أنفسكم أو تنسوا أخوتكم فيجعل الله بأسكم بينكم شديدًا)
وأعلموا أن العدو لا يستطيع القضاء علي المتحابين في الله، وأن أدنى درجات الأخوة هي سلامة الصدر وأعلى درجاتها هو الإيثار، فاعتصموا بحبل الله المتين، وتمسكوا بأخوتكم، ووحدوا صفكم، وثقوا بمنهجكم وقيادتكم، وامضوا في طريق ثورتكم, وتعبدوا لله تعالى بممارسة الشورى قولاً وعملاً والرضى بنتائجها، والالتزام بثوابت الجماعة وقرارات مجالسها الشورية وخياراتها الفقهية في إطار السياسة الشرعية والموجودة في وثائق الجماعة وبياناتها الرسمية.
وقوموا بواجب النصيحة بضوابطها الشرعية في ظل الحب والأخوة والتجرد, ولا تعتدّوا إلا بالتصريحات الرسمية التي تخرج من قيادة الجماعة ومؤسساتها الرسمية.
الإخوه والأخوات
أبشروا بفرحة في كل يوم من أيام رمضان عند ابتلال العروق وذهاب الظمأ وثبوت الأجر إن شاء الله, وأبشروا بفرحة يوم الفطر حين تكملوا العدة وتكبروا الله على ماهداكم, وانتظروا الفرحة الكبرى حين تلقون من قال في حديثه القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به.
فيا أيها الإخوان ويا أيها المسلمون أجمعون .. إلى المساجد تجمعوا في الدروس, واحتشدوا في الفرائض والتراويح والتهجد, قاطعوا الزور وأهله ومؤسساته وأجهزة إعلامه, فإن من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه. وفي كل ما ذكرت طاعة لله ثم تشجيع الناس على الاصطفاف حول الثورة.
هيا إلى الصيام والقيام والصدقة .. أوليس الله قد جعل لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تكبيرة صدقة, وأمر بمعروف صدقة, ونهي عن منكرٍ صدقة, وتعين الرجل على دابته تحمله عليها أو ترفع له متاعه عليها صدقة, وكل خطوه تخطوها إلى المسجد صدقة, والكلمة الطيبة صدقه, وفي كل ذلك عبادة لله وتكافل وتعاون بين الثوار والتفاف الشعب حولهم.
شاركوا في الحراك الثوري السلمي لمواجهة الانقلاب العسكري, وابذلوا ما تستطيعون رفضا للظلم والاستبداد, وطلبا للحرية والكرامة, وثقوا في أن الله ناصركم ومعينكم, فلم تخرجوا إلا لله وحده.
لعل الله أن يمن على كل صائم بعتق من النار, وعلى كل شاهد ليله القدر بعمر في الطاعة هو خير من ألف شهر, ويعجل للمجاهدين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس بيوم كيوم بدر, وعلى الثوار في كل وطن بيوم كيوم الفتح ,وعلى الأمة جميعا بالعافية بمغفرة والأجر العظيم (فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا).
والله أكبر ولله الحمد
د. محمود عزت
القائم بأعمال المرشد العام للإخوان المسلمون
أضف تعليقك