• الصلاة القادمة

    العصر 13:46

 
news Image
Oct 04 23 at 11:08 AM

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد..

الإخوة الفضلاء .. الأخوات الفضليات.. تحل علينا ذكرى ميلاد الرسول الأعظم سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) بنفحات الهداية، وقبسات النور الخالدة التي حلت على الدنيا بميلاده وبعثه ورسالته، لتكون نورا لطريقنا، وإشراقا لأرواح أشقاها الألم المضنى والظلام المطبق من كل جانب.. ولنتنسم من سيرة النبي العطرة ما يمنحنا الصبر، والقدرة على تخطى الصعاب. ويمنحنا الأمل في مستقبل أفضل لدعوتنا وديننا وأمتنا.

فقد جاء النبى( صلى الله عليه وسلم ) على حين فترة من الرسل، بعد أن أظلمت الدنيا، وخَفُتَ نور الوحى الإلهي، واستعلى الهوى على هدي السماء، ونال التحريف ميراث الأنبياء؛ فطال الأمد، وقست القلوب، وعُبدت الأوثان، وساد البغي والطغيان، وضل الناس طريق الهدى والرشاد، وظهر الفساد واستشرى في الأرض؛ فبعث الله محمدا (صلى الله عليه وسلم) رحمة مهداة، ومنَّة مسداة، إلى البشرية الحيرى والمعذبة؛ ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد قال تعالى: ( لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَٰلٍ مُّبِينٍ) [آل عمران 164]

وقد سعدت البشرية بهدي النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) قروناً طويلة، علا فيها صوت الإسلام، وعمَّ خيره ونوره مشارق الأرض ومغاربها، وحلَّ العدل والأمن والرخاء والحرية، محل الظلم والخوف والفقر والعبودية.. وضرب المسلمون أروع الأمثلة في الحكم الرشيد، وتقدموا في مختلف العلوم والفنون على قرناء عصرهم، وأسسوا لتقدم علمي نرى أثره إلى اليوم، وأصبح العالم في ظل الإسلام ورسالته أكثر رحمة ورخاءً وأمناً عدلاً؛ وصدق الله تعالي إذ يقول: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) [الأنبياء 107]

وها نحن اليوم ونحن نستدعي تلك الصورة المشرقة التي حلت على الدنيا بميلاد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وبعثته - نرى ما حل بالمسلمين بهدف إبعادهم عن نور الهداية الربانية، وعزلهم عن مصدر عزهم وقوتهم: فعلى مدار نحو قرنين من الزمان نُحِىَ فيها الإسلام عن الحكم وكافة مناحي الحياة، وأصبح المسلمون يحارَبون في أوطانهم وأرزاقهم وحرياتهم، ويُفتنون في دينهم. وأصبح الدين ودعاته مطاردين، ودعاة الفجور والإلحاد سافرين. وبلغ سعار الحرب على الإسلام حد الاعتداء على المصحف الشريف والمقدسات؛  فحل ما حل بالمسلمين، وهو ما لا يخفى على أحد.

الأمر الذي يحدونا أيها الإخوة والأخوات إلى الدعوة للتمسك بحبل الله المتين، وتذليل كل العقبات وتوجيه كل الطاقات للعمل على استئناف الحياة الإسلامية، ونشر رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) وبشاراته، والتصدي لدعاوى الزيغ والضلال وتنحية الإسلام عن الحياة، والعمل على تحصين مجتمعاتنا وحمايتها من سوء أخطار تتهدد عقيدتها وأخلاقها ودينها؛ فإن أخطر ما يصيب المسلمين قبل الجوع والخوف هو البعد عن الدين. والدعوة إلى الله واجبنا وقدرنا. قال تعالى: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ....) [الأنعام 124]

أيها الإخوة والأخوات.. فى ذكرى مولد النبى الأعظم حرى بنا أن نراجع أنفسنا، ونسأل عن محبته في قلوبنا، لنستكمل إيماننا، وماذا أعددنا لنستحق شفاعته، وعن عملنا وجهادنا في سبيل الدعوة إلى رفعة دين الله، وعن الشريعة نقيمها في حياتنا ونسعى لإقامتها على أرض الله، وأمرِنا بالمعروف ونهيِنا عن المنكر، فقد ورثنا رسالة رسول الله نقيمها في أنفسنا، وعهد علينا أن نبلغها قومنا. قال تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًا) [الأحزاب 39]

 

الدكتور صلاح عبد الحق

القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون

الأربعاء 12 ربيع الأول 1445هـ؛ الموافق 27 سبتمبر 2023م

أضف تعليقك