بقلم: فتحي السيد
التربية عملية مستمرة لاتنتهي، ولكل مرحلة عمرية مختلفة قيم وسلوكيات خاصة بها، ويرى علماء التربية أن غرس السلوك أو القيم لها سن لا يزيد عن عشرة أعوام وبعضهم يرى أقل من ذلك . فالغرس والتربية كلاهما يبدأ من سن مبكرة، ولا ينتظر حتى البلوغ؛ لأن ما يحدث بعد البلوغ يسمى تعديل السلوك .
أما القيم: فهي تلك المفاهيم الراسخة التي تكوِّن هيكل الشخصية المتكامل فيتفاعل بها في مجتمعه ويؤثر فيه .
- إن مجموع القيم الإسلامية تتصف بثلاث صفات:
إنسانية، تصلح لجميع البشر ويجتمعون عليها .
وفطرية، لا تصادم الطبيعة البشرية ولا نواميس الكون.
وأخلاقية، فلا تتحايل على الصواب والحق.
إن التربية هي عماد الشخصية الناجحة التي تتفاعل في مجتمعها، وتحافظ عليه، وتطوره، وتسعى لعزته بمجموع القيم التي تتربى عليها وتمارسها، فنجد الشيخ رفاعة الطهطاوي يعرف التربية بأنها "هي التي تبني خلق الطفل على ما يليق بالمجتمع الفاضل، وتنمي فيه جميع الفضائل التي تصونه من الرذائل، وتمكنه من مجاوزة ذاته للتعاون مع أقرانه على فعل الخير..".
ويحرك الأفراد والمجتمعات مجموعة القيم التي تربت عليها، وتعيشها، وتتأثر بها، ويكون مدى ثبات هذه القيم في النفوس هو الدافع والمحرك لتوجيه الفرد والمجتمع إلى إجراء أو سلوك معين؛ لذلك فإن من أولويات التربية غرس القيم. وغرس الفكرة: هي تثبيتها وطبعها في الذهن.
وإن عملية غرس القيم تحتاج إلي تربة خصبة تنمو بها بذرة القيم الصالحة والتي يتعهدها المربي لمتابعة نمو وبناء القيمة بوسائل شتى وعناية فائقة .
وتلك مجموعة من القيم التي يحتاج المربي لغرسها في الناشئة:
الربانية . – الوسطية . – الواقعية . – الأولويات . – العالمية والإنسانية . – الشمول .
التكامل . – الثبات ولاستمرارية . – الإيجابية . – التكيف والمرونة .
أما التربية فهي التي تبني خلق الطفل على ما يليق بالمجتمع الفاضل، وتنمي فيه جميع الفضائل التي تصونه من الرذائل، وتمكنه من مجاوزة ذاته للتعاون مع أقرانه على فعل الخير.
يقول سيدنا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (عودوا أبنائكم الخير فإن الخير عادة )، وقد قال الإمام الغزالي في الإحياء (مما يحتاج إليه الطفل أشد الإحتياج الاعتناء بأمر خُلُقه ، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره من حرد وغضبة لجاج وعجلة وخفة وهوى وطيش وحده وجشع ، فيصعب عليه في كبره تلافي ذلك وتصير هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة له ، فإن لم يتحرر منها غاية التحرر فضحته لابد يوماً ما ، ولذلك نجد أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم ،وذلك من قِبل التربية التي نشأ عليها).
وكما قال الشاعر:
وينشأ ناشيء الفتيان فينا على ماكان عوده أبوه
وحدث ولاحرج عن هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في التربية، لتجد مدرسة متكاملة المناهج، راسخة الأصول، يانعة الثمار، وافرة الظلال في التربية والتنشئة الصالحة، وطالع سيرته لتقرأ وصاياه لسيدنا ابن عباس ودعائه له، وتوجيهه لسيدنا أسامة، وتعليمه لسيدنا سَمُرة بن جندب، وكثير من أطفال الصحابة مع ذلك إذا نظرت بعيون المتخصصين من أهل التربية تجد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ راعى الفروق الفردية حتى عندما تعامل مع الأطفال فلا تظلم نفسك بتوحيد أسلوبك في التربية في مختلف المراحل العمرية؛ فكل مرحلة لها أساليب مخصوصة وتوجيهات وإرشادات مخصوصة .
إن المربي لابد أيضا أن يفرق في تقييمه لفعل من يربيه، هل هذا غرس أم تعديل ؟ . فيستخدم الأسلوب الذي يتناسب مع ماحدده من غرس أو تعديل ولابد أن يحرص المربي على أن يسلك المسالك التربوية التي تتضمن توافق نفسي واجتماعي مع المنهج النبوي في التربية ويواكب الواقع الحديث المتطور.
يقول الشيخ سلمان العودة: "إن الإنسان كلما ترقى في الإيمان ترقى في القيم والأخلاق التي تحكم أقواله وأفعاله".
وخلال الغرس أو التعديل منك أيها المربي تذكر عظم مهمتك، وسمو رسالتك؛ فاجتهد أن تكون أهلاً لذلك .
أما تعديل السلوك فهو: "تغيير أنماط السلوك باستخدام تقنيات التعلم"، كما يعتمد تعديل السلوك على فكرة أن السلوك الجيد يجب أن يؤدي إلى عواقب إيجابية، وأن السلوك السيئ يجب أن يؤدي إلى عواقب سلبية. ونستطيع تعريف تعديل السلوك أنه أسلوب يستخدم ليزيد الفعل أو يقلل منه وفقاً لبيان عواقبه السلبية أو الإيجابية.
ولذلك على المربين للشباب أو للأطفال من الآباء والأمهات والمعلمين الإلمام بكل ما سبق كي تتم عملية التربية وغرس القيم بشكل سليم وصحيح.
أضف تعليقك