كشفت صحيفة "العربي الجديد" أنّ وزير أوقاف الانقلاب مختار جمعة أصدر تعليمات منذ أسبوعين، بجمع تحريات أمنية وإدارية جديدة عن جميع الخطباء والواعظين العاملين بمساجد وزارة الأوقاف، وكذلك الموظفون في هيئة الأوقاف المصرية والجهات التابعة لها، وبتشديد الرقابة على المساجد والزوايا الصغيرة للتأكد من الالتزام بغلقها بعد الصلوات، وكذلك الالتزام بالموضوع الموحد لخطبة الجمعة وبجميع القرارات السابق إصدارها الهادفة لإحكام سيطرة الدولة على الشأن الديني.
وأضافت الصحيفة نقلا عن مصادر أنّ جمعة شكل لجنة لبحث تفعيل قانون فصل الإخوان والمعارضين، بدءاً من التنسيق مع الأمن الوطني وانتهاءً بالتحقيق معهم داخلياً والتصرف وفقاً للقانون الجديد، بالفصل السريع من قبل قائد الانقلاب أو من يفوضه بناءً على عرض جمعة، من دون عرض على النيابة الإدارية أو المحاكمة التأديبية.
وستنسب للواعظين والعاملين الذين ستستقر اللجنة على إبعادهم، أنهم أخلوا بواجباتهم الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بالدولة ومصالحها، ووجود قرائن جدية على ارتكابهم ما يمس بالأمن القومي للبلاد وسلامتها. وسيوقف هؤلاء عن العمل بقوة القانون لمدة لا تزيد على 6 أشهر أو لحين صدور قرار الفصل، مع وقف صرف نصف أجرهم طوال فترة الوقف.
وتسهل صياغة القانون على اللجنة التعميم وتبسيط الاتهام، كما يرغب الوزير، بتسهيل اعتبار الموظف مخالفاً أو مُعرضاً الأمن القومي للخطر، للبطش به وفصله مباشرة، فضلاً عن تسهيل خطة الدولة لمحاربة الامتدادات الاجتماعية لجماعة الإخوان، إذ يتيح القانون الفصل إذا أدرج العامل على قوائم الإرهابيين، على أن يعاد إلى عمله في حالة إلغاء قرار الإدراج. علماً بأنه لم يسبق لأي شخص أن خرج من تلك القوائم التي تحولت إلى أداة عقاب وتنكيل، بدلاً من كونها في الأساس -نظرياً- إجراءً احترازياً لحين انتهاء التحقيقات في القضايا.
وذكرت المصادر أن جمعة يراهن على حملته الجديدة هذه لضمان بقائه في منصبه بعد رفع تقارير جديدة من الرقابة الإدارية أخيراً تتهمه بعدة مخالفات مالية وإدارية، تضاف إلى تقارير قديمة كانت قد رفعت للرئاسة عام 2017 لكنها لم تتسبب في إبعاده، نظراً لاقتناع السيسي بأهمية وجود جمعة على رأس الوزارة ليشكل مع المفتي المقرب من السلطة، شوقي علام، جبهة مضادة لشيخ الأزهر أحمد الطيب، ولنجاح جمعة في محاصرة الواعظين المنتمين فكرياً وتنظيمياً للإسلام السياسي، وتفريخ جيل جديد من الخطباء والعاملين بالوزارة، يدين بالولاء للسيسي وحده.
ويعتبر قانون "فصل الإخوان" بصياغته التي صدر بها، مقدمة لمرحلة جديدة من خطة الحكومة للتنكيل بالإخوان وامتداداتهم، كما حدث سابقاً في قطاعات عدة.
وظهر هذا القانون للمرة الأولى في البرلمان في خريف عام 2020، ثم تم تغييبه، لكنه عاد في يونيو الماضي مدفوعاً برغبة أمنية وحكومية لملاحقة ضحايا التقارير الأمنية والرقابية في الجهاز الإداري للدولة، وتحميلهم مسؤولية كل فشل تقع فيه القطاعات المختلفة، وأحدثها قطاع النقل.
ويدفع القانون المحاكم التي قد تنظر في دعاوى الموظفين المفصولين ضدّ فصلهم إدارياً من دون تحقيق أو تأديب، لعدم إعادتهم والاكتفاء بتعويضهم مالياً "وذلك للأسباب التي ترى المحكمة أن المصلحة العامة تقتضيها"، وهي عبارة تدل على استخدام حكومة الانقلاب -التي ستكون مختصمة في الدعوى وممثلة بواسطة هيئة قضايا الدولة- اعتبارات المصلحة العامة الفضفاضة المطاطة التي لا يمكن تحديدها لإقناع المحكمة بالاكتفاء بالتعويض.
أضف تعليقك