كشفت صحيفة العربي الجديد عن وجود عدة خلافات داخل مجلس الأمن، لا سيما بين ممثلي واشنطن وبكين وموسكو، حول طبيعة الصورة التي ربما يخرج بها مثل المشروع الذي أعدته تونس بشأن أزمة سد النهضة، ووافقت عليه مصر حال التوافق عليه، في شكل قرار أم بيان أو توصية.
وحول هذه النقطة ثار خلاف بين الدول المنخرطة في الاتصالات والمقابلات في نيويورك، حول الشكل القانوني المفترض لمثل هذا التدخل. وتتجه معظم الأصوات، ومنها فرنسا الرئيس الحالي لمجلس الأمن، إلى أن يكون هذا التصرف تفعيلاً للفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يجعل من صلاحيات مجلس الأمن تقديم توصيات ومساعدات للدول الأطراف في نزاع للتوصل إلى حل، وبموجب هذه الرؤية لن يكون القرار ملزماً.
وأوضحت المصادر أن التوصية الأممية، حال صدورها، لن تتطرق إلى تفاصيل المفاوضات بعد استئنافها، وبالتالي سيتطلب الأمر اجتماعاً جديداً للدول الثلاث، تحت رئاسة الاتحاد الأفريقي وبحضور فريق الوسطاء الدوليين، الذي تحاول مصر حالياً توسيعه ليتم تحديد خريطة طريق للمفاوضات. وتميل الأصوات حالياً إلى اعتماد المقترح السوداني، الذي تحدث عنه باستفاضة في الساعات الماضية وزير الري السوداني ياسر عباس، المتواجد حالياً في نيويورك، بحيث يتم تقسيم المفاوضات إلى مرحلتين، أولاهما عاجلة تخص قواعد الملء ككل، والثانية تنتهي خلال الشهور الستة المذكورة سابقاً، للتوصل إلى اتفاق على جميع قواعد التشغيل والالتزامات القانونية الخاصة بفض المنازعات والتحكيم عند الخلاف.
ووفق المصادر فإن مصر والسودان طلبتا من الاتحاد الأفريقي قائمة من الشروط الواجب توافرها لتفعيل هذا المقترح، الذي سيتم بموجبه القبول باستمرار الملء الثاني للسد حالياً دون مشاكل، والمعروف على المستوى الفني بأنه لن يكون سبباً في أي ضرر خلال الفترة الحالية. ولكن خطورته تكمن في أن إثيوبيا ستمسك بتلابيب التحكم في مياه النيل مستقبلاً دون شريك أو رقيب، متخذة من سابقة ملئها السد مرتين، بقرار سيادي، حجة للخروج عن أي اتفاق يمكن إبرامه مع مصر والسودان، وإقدامها على تغيير نسب التدفق ومعدلات التشغيل بين فترة وأخرى، أخذاً في الاعتبار استنادها الدائم لاتفاق المبادئ، الموقع بين الدول الثلاث في مارس 2015، الذي يجيز لها إعادة ضبط القواعد من وقت لآخر، وأن الإخطار المسبق الوحيد الذي تكلف به إثيوبيا، ضمن الاتفاق، هو إخطار دولتي المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد.
وتثير هذه النقطة مشكلة أخرى في المفاوضات والمشروع التونسي، وهي أن الدعوة لوقف الملء الثاني الآن لن تتحقق عملياً تحت أي بند. وأوضحت المصادر أن التطبيق العملي لهذه النقطة لن يتحقق إلا بتوجيه إثيوبيا خطاب جديد إلى مصر والسودان تحدد فيه بصورة دقيقة حجم المياه التي سيتم تخزينها يومياً، والأرقام المستهدفة حالياً، على ضوء حجم الإنجاز الواقعي الحالي في تعلية الممر الأوسط للسد، والتصرفات اليومية مع اعطاء ضمانات باستمرار تشغيل فتحتي تصريف المياه من السد لبحيرة سد الروصيرص حتى نهاية فترة الملء الثاني.
ومن المشاكل التي تتسبب في حساسيات أيضاً بالنسبة لمصر في المشروع، والذي ربما يكون أقل مما تطمح إليه القاهرة لكنه سيكون مرضياً ارتباطاً بالظروف التي أحاطت بعقد الجلسة، هو أن النص يمكن تفسيره بصورة واسعة تمنع مصر من استخدام القوة في أي لحظة لوقف عمليات الإنشاء والملء، ولذلك تسعى القاهرة إلى تحرير النص، لتجعل المشروع سارياً فقط على الجوانب الفنية من الأزمة، دون أن تمتد للمصادرة على تصرفاتها المستقبلية.
أضف تعليقك