دعا الائتلاف السوري المعارض بمحاسبة السفاح بشار الأسد، في الذكرى الثامنة لمجزرة قرية البيضا في ريف بانياس على الساحل السوري التي ارتكبتها مجموعات طائفية مسلحة موالية للنظام السوري، وذهب ضحيتها مئات المدنيين.
وبهذه المناسبة، أصدر الائتلاف السوري المعارض بياناً، قال فيه إنه "في مثل هذا اليوم من عام 2013، اقتحمت قوات النظام وعناصر الشبيحة والمليشيات الطائفية قرية البيضا بريف بانياس وارتكبت فيها مجزرة مروعة جرى خلالها قتل النساء والأطفال والرجال بأبشع الطرق، ليتم بعد ذلك حرق عشرات الجثث في مجزرة خلفت أكثر من 260 شهيداً غالبيتهم من الأطفال والنساء، حسب ما تمكنت التقارير الحقوقية من توثيقه".
ورأى الائتلاف أن هذه المجزرة مع سلسلة من المجازر التي ارتكبت في تلك الفترة، منها 20 مجزرة ارتكبت بالسكاكين "توضع أمام قادة العالم وزعمائه ومؤسساته لتحمل مسؤولياتهم، كما توضع أمام أي أطراف تسعى لتعويم النظام وإعادة تدويره بأي شكل".
وطالب بيان الائتلاف وسائل الإعلام العربية والعالمية والنشطاء بـ"تحريك هذا الملف وإلقاء الأضواء باستمرار على جرائم النظام"، وتبيان عجز النظام العالمي عن أي رد فعل أمام سجل رهيب من الإجرام والإرهاب الذي مارسه النظام طوال عشر سنوات.
وحث البيان على أن تأخذ جهود وقف الإجرام وملاحقة ومحاسبة المجرمين، إطاراً دولياً وعاجلاً، خاصة وأن ملايين الوثائق والشهادات والأدلة والتقارير تُجمع على مسئولية النظام عن آلاف الجرائم التي وقعت في سورية طوال عشر سنوات.
وراح ضحية المجزرة 264 مدنياً، من بينهم 36 طفلاً و28 امرأة، إضافة إلى عشرات المفقودين، وغيرهم من المعتقلين، بحسب إحصاءات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في حين أكد ناشطون أن عدد القتلى يزيد عن 300 مدني، سقطوا عندما هاجم عشرات المسلحين الموالين للنظام بقيادة معراج أورال، أحد قادة المليشيات الموالية للنظام، صباح الخميس، الثاني من مايو قرية البيضا الواقعة جنوب مدينة بانياس، والتي تقطنها غالبية سنية، وقتلوا المئات من أهلها من شبان ونساء وأطفال، وأحرقوا جثثهم.
كما اعتقل المسلحون الموالون للنظام آخرين، ما زال بعضهم مصيره مجهولا حتى الآن. وجرت المجزرة على دفعات، بدأت صباحا، ثم عاودوا الهجوم مساء اليوم نفسه، ثم صباح اليوم التالي، حين تم استهداف حي رأس النبع الواقع في الأحياء الجنوبية من المدينة.
وبعد المجزرة، حاول إعلام النظام التستر على الجناة، وتزوير الحقائق، حيث ظهر على شاشاته معتقلون من أهالي الضحايا في مدينة بانياس، ممن فقدوا أبناءهم، ليجبروهم على الإدلاء باعترافات ملفقة بأنهم هم من نفذوا المجزرة في مدينة بانياس.
وتشير المصادر إلى أن المجزرة ارتُكبت ميدانياً بقيادة الملازم الأول علي وجيه شدود، قائد الدفاع الوطني ببانياس، الذي كان جميع عناصره ممن استقدمهم من مدن وقرى محافظتي اللاذقية وطرطوس، وقد قتل في اشتباكات مع فصائل المعارضة في نوفمبر 2013.
وكانت قرية البيضا التي كان يقطنها مسيحيون ومسلمون، تعيش أجواء مستقرة وهادئة، حتى وقع اشتباك بين مجموعة منشقة عن جيش النظام السوري حين واجهت مصادفة دورية للجيش على طريق يبعد عن القرية نحو تسعة كيلومترات، وأردت المجموعة المنشقة عناصر النظام بين قتيل وجريح، فشن النظام حملة عسكرية شرسة على البلدة بدأها بالقصف المدفعي العنيف للأحياء "السنية"، قبل أن يتم اقتحام البلدة من قبل مئات المسلحين الموالين للنظام السوري من القرى المجاورة.
واستمرت المذبحة حتى صبيحة الرابع من مايو، وتحدث تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" حينها عن تكديس الجثث وإحراقها، وعن صعوبة توثيق أعداد وأسماء الضحايا، وأورد شهادات عن تصفية عائلات بكاملها وإحراق للبيوت والسيارات ونهب لممتلكات السكان.
وأثار ما حصل في البيضا ورأس النبع مخاوف أهالي باقي أحياء وقرى المدينة، إضافة إلى اعتقال عشرات الشبان من قرية البساتين، ونزح جميع من بقوا أحياء تجاه مدينة جبلة ومحافظة طرطوس جنوباً ومنطقة أورم الكبرى واستقروا فيها، وبلغ عدد العائلات التي خرجت من البيضا حوالي 500 عائلة، ولم يعودا إلى بلدتهم حتى اليوم.
وتتبع قرية البيضا لمنطقة بانياس الواقعة شمالي محافظة طرطوس، وتطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وكانت القرية من أوائل المناطق التي انطلقت منها الثورة السورية بعد درعا.
أضف تعليقك