كشفت صحيفة العربي الجديد عن أن وزير الري في جنوب السودان ماناوا بيتر أعلن عن أن بلاده تدعم حقوق إثيوبيا في الاستفادة بمواردها الطبيعية"، معلناً أنها "سوف توقع على الاتفاق الإطاري لحوض النيل، وستصادق عليه بمجرد انعقاد البرلمان".
جاء ذلك في بيان صادر من السفارة الإثيوبية في جوبا، ويحمل في طياته تطوراً كبيراً كانت إثيوبيا في أشد الحاجة إليه، لدعم جهودها الموجهة ضد دولتي المصب، مصر والسودان، لإدخال الاتفاق الإطاري حيز التنفيذ، أولاً ليلغي تحكم دولتي المصب في نصيب الأسد من المياه المتدفقة من دول المنبع، ويلغي عملياً الاتفاقيات السابق إبرامها في 1902 و1959 و1993، ويُحرر دول المنبع من القيود التي كانت تمنعها في الماضي من إقامة السدود والخزانات على نطاق واسع، وثانياً لتكون مقدمة لإجبار الدولتين على محاصصة جديدة لمياه النيل بالتوازي مع التوصل إلى اتفاق سد النهضة.
كما سيؤدي هذا الوضع إلى تأزم موقف مصر والسودان المتفقتين على رفض عدد من البنود، والمطالبة بأن تتضمن الاتفاقية في البند 14 ب، الخاص بالأمن المائي، نصاً صريحاً، يضمن عدم المساس بحصة مصر في مياه النيل وحقوقها التاريخية في مياه النيل. وذلك من خلال الإشارة للاتفاقيات التاريخية الموقعة بين القاهرة ودول حوض النيل، وبين مصر والسودان.
ويبدو أن الاتفاق الإطاري، ومطالبة إثيوبيا بالمحاصصة الجديدة، كانا حاضرين بقوة في اجتماعات كينشاسا المتعاقبة، على خلفية النقاشات التي لم تفض لشيء حتى مساء أمس، ولم تؤد إلى تحريك المواقف الإثيوبية المتعنتة، بحسب مصادر دبلوماسية مصرية.
وأكدت المصادر أن النقاشات جعلت من شبه المستحيل اتباع آلية الرباعية الدولية المقترحة من السودان ومصر، على أن يقتصر دور الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي على المراقبة والتسهيل في بعض المواضيع من خلال الخبراء فقط.
وأوضحت المصادر أن إثيوبيا أسهبت من خلال حديث وزير الري سيليشي بيكيلي، خلال اجتماع أمس الأول الأحد، في الحديث عن ضرورة الالتزام بمبدأ "الاستخدام المنصف والمناسب" (للموارد المائية المشتركة)، وهو المبدأ الرابع من اتفاق المبادئ حول سد النهضة، المبرم في مارس 2015، كنوع من الهجوم التكتيكي على المطالبات المصرية السابقة باحترام هذا المبدأ تحديداً.
وزعم بيكيلي أن بلاده سوف تستخدم مواردها المائية المشتركة مع مصر والسودان بأسلوب "منصف ومناسب"، مع الأخذ في الاعتبار "جميع العناصر الاسترشادية ذات الصلة المقررة في الاتفاق"، وهي العناصر الجغرافية، والجغرافية المائية، والمناخية، والبيئية وباقي العناصر ذات الصفة الطبيعية، والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول الحوض المعنية، والسكان الذين يعتمدون علي الموارد المائية في كل دولة من دول الحوض، وتأثيرات استخدامات الموارد المائية في إحدى دول الحوض على دول الحوض الأخرى، والاستخدامات الحالية والمحتملة للموارد المائية، وعوامل الحماية والتنمية واقتصاديات استخدام الموارد المائية، وتكلفة الإجراءات المتخذة في هذا الشأن، ومدى توفر البدائل، ذات القيمة المقارنة، لاستخدام مخطط أو محدد، ومدى مساهمة كل دولة من دول الحوض في نظام نهر النيل، وامتداد ونسبة مساحة الحوض داخل إقليم كل دولة من دول الحوض.
وأضافت المصادر أن هذا الخطاب يريد الوصول إلى أحقية إثيوبيا في الاستخدام السيادي لسد النهضة، طالما لم تثبت مصر والسودان وقوع ضرر عليهما خلال مراحل الملء التي ستتم في سنوات الرخاء والفيضان الغامر الحالية.
وبالتالي فهو يرمي إلى نقل عبء إثبات الضرر على دولتي المصب، وإخلاء ساحة بلاده من المسؤولية، طالما لم يكن لاستخداماتها تأثيرات سلبية.
وذكرت المصادر أن مصر والسودان أبدتا موقفاً موحداً إزاء ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل قبل الملء الثاني، وأنه لم يتم طرح المقترحات التي تم التداول بها الأسبوع الماضي، خلال الاتصالات التي انخرطت فيها الإمارات في صورة اتفاق ثلاثي مؤقت، بامتداد فترة الملء الثاني إلى شهرين، كحد أقصى، مع عدم اضطرار الدول الثلاث إلى عقد مفاوضات مطولة جديدة حول قواعد الملء والتشغيل قبل الملء الثاني، ومن ثم تأجيل المفاوضات الأساسية -المستمرة بفشل ذريع منذ 10 سنوات- إلى ما بعد هذه المرحلة من الملء.
وسيتبع هذا الأمر عملياً توليد الكهرباء للمرة الأولى، واستكمال النسبة الباقية من الإنشاءات والتركيبات، والتي لا تزيد حالياً عن 20 في المائة، فضلاً عن امتناع الكونغو الديمقراطية، بصفتها رئيس المفاوضات، عن طرح مثل هذه المقترحات.
وبالتزامن مع مباحثات كينشاسا، علمت "العربي الجديد" أن وزارة الخارجية الإثيوبية حددت مواعيد خلال الأسبوع الحالي والمقبل لعقد لقاءات عن بعد، بقيادات وزارات الخارجية في عدد من الدول الآسيوية والأوروبية، وقيادات سياسية أميركية ديمقراطية وجمهورية، للتعريف بـ"محددات الموقف الإثيوبي من سد النهضة وحق الشعب الإثيوبي في الاستفادة من موارده الطبيعية"، في مرحلة جديدة من فعاليات حشد التأييد الدولي.
ومن المتوقع أن تثير أديس أبابا، خلال هذه الفعاليات، مسألة حقها في التصدي للتهديدات المصرية الأخيرة، بحسب مصادر دبلوماسية مصرية، قالت إن "القاهرة تتابع التحركات الإثيوبية في هذا السياق، وسترد عليها بالطريقة المناسبة".
أضف تعليقك