كشفت صحيفة العربي الجديد إن الاتصالات التي جرت خلال الأيام الأخيرة بالأطراف الأربعة، التي تمثل آلية الرباعية الدولية المقترحة لتولي جهود الوساطة في قضية سد النهضة، عكست "تردداً وقلقاً من كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة" بشأن انتهاء عمل الآلية من دون تحقيق تقدّم، بسبب التعنّت الإثيوبي من جانب، واتساع الخلاف الفني والقانوني بين كل من مصر والسودان وإثيوبيا من جانب آخر.
وأوضحت الصحيفة نقلا عن مصادر دبلوماسية، أن تلك الاتصالات أجرتها الخارجية المصرية والسودانية بصيغة مشتركة أحياناً، وكل على حدة في أحيان أخرى، وتم التركيز على منح الآلية الرباعية سلطات أوسع في عدد من بنود المفاوضات، وذلك في خمسة ملفات رئيسية.
الملف الأول، هو صياغة اتفاق نهائي لقواعد الملء والتشغيل، بحيث ترعى الآلية صياغة نهائية وموحدة لجميع البنود التي شهدت المفاوضات السابقة خلافات واسعة بشأنها، ومنها وضع برنامج واضح ومسبق ومتفق عليه للملء المستمر والدائم للسد، والاتفاق على حجم التدفق اليومي من السد، والذي سيصل إلى سد الروصيرص في السودان حتى لا تتأثر السلامة الإنشائية للأخير وباقي السدود السودانية. والاتفاق على حجم التدفق العام في فترات الجفاف والجفاف الممتد، والذي تقترح مصر أن يكون 37 مليار متر مكعب كرقم وسط بين ما تطالب به إثيوبيا وهو 32 مليارا وما كانت تطالب به مصر وهو 40 مليار متر مكعب، على أن يُترك الرقم الخاص بأوقات عدم الملء والرخاء لآلية التنسيق بين الدول الثلاث. والاتفاق على معايير قياس امتلاء سد النهضة، وسد السرج الاحتياطي المجاور مجتمعين، والربط بينه وبين سد الروصيرص والسد العالي، وهي مسألة تراها مصر ضرورية، في حين تراها إثيوبيا مدخلاً للربط بين السدود وهو ما ترفضه.
والملف الثاني، هو ضمان سياسي وتفاوضي لتقديم إثيوبيا خطتها طويلة الأمد للاستخدامات الخاصة بالمياه، سواء كانت مخصصة لإنتاج الطاقة أو الزراعة أو غيرها، تحقيقاً لمبدأ عدم الإضرار بدولتي المصب.
والملف الثالث، هو حسم المواضيع القانونية العالقة، والتي من بينها التوافق على آلية فض المنازعات التي ستنشأ مستقبلاً حول تشغيل السد والملء، والبت في اقتراح مصري سوداني بأن تظل الآلية الرباعية هي مرجعية فض المنازعات وليس الاتحاد الأفريقي فقط.
والملف الرابع يتمثل في القيام بضمانة سياسية في المقام الأول لالتزام إثيوبيا بتنفيذ الاتفاق، واعتباره
أما الملف الخامس فهو رعاية وضع أسس تفاوضية لأي اتفاق مستقبلي بشأن التطورات التي ستطرأ على حوض النيل الأزرق، مثل السدود والمشاريع والبحيرات الصناعية. وهو الملف الذي يسوده خلاف كبير بين القاهرة وأديس أبابا، لرغبة الأولى في توسيعه ليأخذ بعين الاعتبار الوضع المائي الحالي لجميع دول حوض النيل، وبالتالي اعتبار إثيوبيا محتكرة للمياه الدولية، وفي المقابل ترغب إثيوبيا في تحويله إلى اتفاق جديد لمحاصصة مياه النيل وإلغاء الاتفاقيات السابقة، ومنها معاهدتا 1902 و1959.
وأضافت المصادر أن تفويض آلية الرباعية الدولية برعاية الاتفاق على هذه الملفات الخمسة يحمل توسيعاً لسلطات مكونات الآلية وصلاحياتها. وعلى الرغم من أن بعض الأطراف، كالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لديهما رؤى فنية يمكن البناء عليها في جميع هذه الملفات على خلفية مشاركتهما السابقة كمراقبين، إلا أنهما متخوفان من أن يفضي كل هذا العمل إلى لا شيء، وهو ما يدفعهما للتردد، انتظاراً لنداء جماعي بالمشاركة، أو اتفاق برعاية الاتحاد الأفريقي على استدعاء الأطراف الدولية للمشاركة في هذه الآلية الوسيطة.
أضف تعليقك