بقلم.. عزالدين الكومي
يمنًا بكتاب العالم الجليل الشيخ "أبوالحسن الندوى" -رحمه الله- حاولت جاهدًا صياغة مقالة على عنوان كتابه الرائع "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين".
لما رأيت من تكالب قوى الشر العالمية والإقليمية والمحلية على هذا الفصيل الوطنى، وهذه الجماعة التي رفعت شعار الإسلام هو الحل، والتىي أنقذت شباب الأمة من براثن الأفكار الهدامة والمتطرفة، وحولته إلى طاقة إيجابية فعالة، تسعى لنهضة بلادها وأوطانها.
وكما قال الشيخ الألباني -رحمه الله- عن الإمام المؤسس لهذه الجماعة: "لو لم يكن للشيخ حسن البنا من الفضل على الشباب المسلم سوى أنه أخرجهم من دور الملاهي في السينمات ونحو ذلك والمقاهي، وكتَّلهم وجمعهم على دعوة واحدة، ألا وهي دعوة الإسلام، لو لم يكن له من الفضل إلا هذا لكفاه فضلًا وشرفا، هذا نقوله معتقدين، لا مرائين ولا مداهنين".
وقد تعرض أفراد الجماعة لظلم الأنظمة المتعاقبة، فحاربوها وضيقوا عليها وزجوا بأفرادها فى غياهب السجون والمعتقلات، دون ذنبٍ أو جريرة، سوى أنهم يدعون الناس إلى التحرر من أسر الاستبداد، والالتزام بالإسلام كمنهج شامل، لإصلاح الدنيا بالدين، مع التزام منهج وسطي مميز.
فقد كان لتبنى حركة الإخوان المسلمين للمنهج الوسطى، الأثر الطيب، بعيدًا عن الغلو والإفراط أوالتفريط، وتقديم الإسلام في صورة عصرية، كمشروع حضارى لبناء الإنسان والأوطان.
كما أن الأفكار التي تأسست عليها الجماعة؛ تعكس فكرا وسطيا معتدلا يدعو للتسامح والتعايش والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، بعيدا عن سمات التطرف والإرهاب، والتي يحاول البعض إلصاقها بالجماعة.
بل إن أدبيات الجماعة وبياناتها ومواقفها تؤكد بشكل مستمر نبذ الإرهاب وضرورة مواجهته واجتثاث مسبباته.
وقد نجح الإخوان فى القضاء على كثير من الأفكار الهدامة، التى كانت تموج بها البلاد منذ عشرينيات القرن الماضى، وعلى رأسها الأفكار الشيوعية والقومية، من خلال طرح جديد للعقيدة الإسلامية، وخلاصة أفكار المصلحين المتقدمين من العلماء الربانيين العاملين، من أمثال ابن تيمية، ابن القيم، الغزالى، الشاطبى، عبد الرحمن الرافعي، الأفغانى، محمد عبده، ومحمد رشيد رضا، وغيرهم من المصلحين.
وأهم ما يميز هذه الدعوة، أنها جعلت الإنسان محور التغيير والبناء والإصلاح؛ حيث يقول الإمام المؤسس – رحمه الله:
"إنَّ الرجلَ سرُّ حياةِ الأمم ومصدر نهضتها، وإن تاريخ الأمم جميعًا إنما هو تاريخ من ظهر بها من الرجال النابغين الأقوياء النفوس والإرادات.
إنَّ قوةَ الأمم أو ضعفها إنما تُقاس بخصوبتها في إنتاج الرجال الذين تتوفر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة".
ويقول أيضًا: "أما الإصلاح الذي يريده الإخوان ويهيئون أنفسهم عليه؛ فهو إصلاح شامل كامل تتعاون عليه قوى الأمة جميعًا، وتتجه نحوه الأمة جميعًا، ويتناول كل الأوضاع القائمة بالتغيير والتعديل.
لذلك سعى أعداء الأمة في الداخل والخارج –منذ اغتيال الإمام البنا وحتى الآن- لتغييب جماعة الإخوان، وإبعادها ومحاولة إقصائها والقضاء عليها، حتى رأينا في الوقت الحالي تعاون رباعى الشر الإقليمى في كل من القاهرة والرياض وأبوظبى والمنامة، ومن ورائهم دولة الكيان الصهيونى، وبرعاية أمريكية، وتمويل خليجى، للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين، لأنها تمتلك مشروعًا لمقاومة الصهيونية.
لذلك عندما غابت الجماعة، غابت معها حركة الشارع المقاوم والمناهض لدولة الكيان الصهيونى ومشروعاتها التوسعية، ولذلك نرى اليوم مباركة للهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيونى، وتقوم الحكومات المطبعة، بوأد أى تظاهرات رافضة للتطبيع.
وهو ما يؤكد أن الانقلاب على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى -رحمه الله- وماتبع ذلك من إجراءات أمنية وسياسية واقتصادية ودولية، كان القصد منه بالأساس تغييب جماعة الإخوان المسلمين، لتمرير "صفقة القرن" المشئومة.
لأن الجماعة تملك أيدلوجية فكرية وحركية تنطلق منها، ومن ثوابتها، أن قضية المسلمين الأولى، هى قضية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، ولا يمكن المساومة عليها.
فعندما غاب الإخوان ارتفعت أعلام الشواذ في مصر الأزهر، وأصبح الشذوذ الفكرى والأخلاقى علانية على شاشات التلفزة، فقد ظهرت إحدى المذيعات على قناة النهار، المملوكة لرجل الأعمال علاء الكحكى، إحدى الفضائيات الداعمة لسلطة الانقلاب، بدون حياء أو خجل، لتعلن بأنها حامل "سنجل"- أى بدون زوج! لإشاعة الفاحشة والرذيلة في المجتمع المصرى.
وعندما غاب الإخوان، خرجت آلاف الأسر تتكفف الناس؛ لأن الجماعة كانت ترعى هذه الأسر ماديًا، من خلال لجنة البر، فضلًا عن مستشفيات الجمعية الطبية الإسلامية التى كانت تقدم الخدمات الطبية للفقراء والمعوزين بالمجان أو بأجور رمزية.
وبغياب الإخوان ارتفعت معدلات الإلحاد والانحراف الخلقى والسلوكى، فضلًا عن ارتفاع معدلات الجرائم، وظهور جرائم أخلاقية غريبة عن المجتمع المصرى، نظرًا لغياب الدور الوعظي والإرشادي والتثقيفى، الذي كانت تقوم به الجماعة.
فقد كان طلاب الإخوان المسلمين ينظمون في الجامعات والمدارس، حملات توعوية أخلاقية لمواجهة الزواج العرفي والتحرش والاختلاط والتدخين وتعاطي المخدرات، ويعملون على غرس قيم وسلوكيات قويمة مثل العفة والكرم ودفع الظلم وغيرها.
وعندما غاب الإخوان، فتحت الأبواب على مصاريعها لنمو الأفكار المتطرفة والمتشددة، التي ترعاها الأنظمة الدكتاتورية المستبدة، للتغطية على جرائمها التي ترتكبها في حق شعوبها، وحق العدالة. فغابت المعارضة، والقيم الديمقراطية، واستخدامت شماعة محاربة الإرهاب للتشبث بكرسي الحكم.
وقال القائل في عرب اليوم: "لا أعرف أمّة غير العرب، أعادت أوطانها نصف قرن إلى الوراء، وما زالت تموّل خرابها، وتقتل وتذبح أبناءها بخنجرها، كي ينعم عدوّها بالأمان ".
لك الله يا دعوة الخالدين / لقـد أوشك البغي أن يهمــدا
أضف تعليقك