بقلم.. عز الدين الكومي
شيخ الأزهر نتفق أو نختلف معه، بسبب بعض مواقفه، وقبل هذا وذاك، فهو عضو لجنة سياسات الحزب الوطنى المنحل.
وكنا ننتظر من "الطيب"، موقفًا شجاعًا من التطبيع مع العدو الصهيونى، لكن للأسف الشديد آثر الصمت.
وقد كان لشيوخ الأزهر السابقون مواقف شجاعة من العدو الصهيونى والتطبيع معه، سطرت بحروف من نور. فقد حرّم شيخ الأزهر الأسبق، الشيخ "جاد الحق علي جاد الحق"، التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، ورفض إجازة زيارة القدس، وقال :"من يذهب للقدس من المسلمين آثم آثم"، وأكد أنه "يجب عدم زيارتها قبل تطهيرها من دنسِ المغتصبين اليهود وعودتِها لأهلها".
كما أن الشيخ "عبد الحليم محمود" رفض مرافقة السادات في زيارته للقدس 1977.
وقال الشيخ "طنطاوي": "أرفض زيارة القدس وهى مُكبّلة بسلاسل قوات الاحتلال الصهيونية، لأن زيارة أي مسلم لها يُعد اعترافا بمشروعية الاحتلال الصهيوني، وتكريسا لسلطته الغاشمة".
لكن موقف شيخ الأزهر من قانون فصل الإفتاء عن الأزهر، لإقامة كيان مواز، يحمد للطيب بلا أدنى شك، وهذا من باب الإنصاف، فالحكم على المواقف لا على الأشخاص!!
كما أن قسم التشريع في مجلس الدولة، كان له موقف مضيئ، من هذا القانون المشبوه، واعتبر اقتطاع وظيفة الإفتاء من مهام الأزهر تعدٍّ على الدستور الذي يحدد اختصاصات الأزهر ومهامه، سيما المادة السابعة من دستور العسكر.
كما اعتبر، أن مشروع القانون بصيغته الحالية يجعل من دار الإفتاء طريقًا موازيًا للأزهر تمارس اختصاصات أناطها المشرع الدستوري بالأزهر وما يشمله من هيئات ممثلة في مجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء وذلك بغير سند من الدستور.
ولكن برلمان عبدالعال -سيد قراره- برغم تقرير مجلس الدولة الذي أكد مخالفة مشروع القانون للدستور المصري، فى المادة (7)، والقانون 103 لعام 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر وهيئاته، أصر على مناقشة القانون المخالف للدستور، لإيجاد هيئة موازية للأزهر، تقوم بإصدار الفتاوى الشاذة، لتوظيفها أمنيًا وسياسيًا.
مع أن حكومة الانقلاب، تزعم مع كل حكم مسيس للقضاء الشامخ، بأن القضاء مستقل، ولاتعقيب على أحكام القضاء، لكنها ضربت بفتوى مجلس الدولة عرض الحائط، وأصرت على طرح القانون المعيب للمناقشة في جلسة عامة!!
فما كان من الطيب، إلا أن أرسل خطابًا إلى برلمان العسكر، أصّر فيه على حضور الجلسة العامة لمناقشة مشروع القانون، معلنا أن دار الإفتاء ليست مستقلة عن الأزهر وشيخه وهيئة كبار علمائه.
مما اضطر برلمان عبدالعال صاغرًا إلى تأجيل الموافقة على مشروع قانون دار الإفتاء المصرية خلال الجلسة العامة إلى أجل غير مسمى. بزعم إعادة مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية، إلى لجنة الشئون الدينية والأوقاف، للنظر في ملحوظات قسم التشريع بمجلس الدولة وإعداد تقرير بذلك.
وقد أشاد "أحمد طنطاوي"، الذى يمثل المعارضة الكرتونية، في برلمان العسكر، بسحب القانون قبيل التصويت النهائي عليه، ووجه التهنئة للمصريين، معتبرًا أن ذلك يمثل فشلا لهذه الهجمة على الأزهر كما فشلت سابقاتها وستفشل لاحقاتها.
وكالعادة كان لا بد من الحضور الإخوانى، ليكون له الحظ الأوفر من هذه الحملة الإعلامية لأبواق الانقلاب، فقد قال مخبر أمن الدولة "وائل الإبراشي": إن جماعة الإخوان الإرهابية وقطر وقناة الجزيرة وكافة أذرعهم الإعلامية يعملون الآن على إحداث فتنة بين مؤسسة الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف، على الجزيرة وقطر والإخوان وكافة عملائهم وأدواتهم ومليشياتهم الإلكترونية التوقف عن ذلك، مخططاتكم ستفشل".
بينما ذهب المدعو، "مصطفى حمزة: الباحث في شئون الإرهاب والكباب، إلى القول: "إن حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين أسّس قسم الشائعات لكى تلعب دورًا هدامًا فى الدولة، وإن قنوات الإخوان المسلمين تعمل على إحداث وقيعة بين مؤسسة الأزهر والدولة المصرية".
والقانون المقترح يتضمَّن عُدوانًا على اختصاص هيئة كبار العلماء بالأزهر واستقلاليتها، فهي التي تختص وحدها بترشيح مفتي الجمهورية، بترشيح ثلاثة بواسطة أعضاء الهيئة، والاقتراع وانتخاب أحدهم لشغل المنصب، بينما جاء المقترح الجديد ليلغي ذلك، ويجعل تعين المفتي بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة ترشحهم هيئة كبار العلماء خلال مدة شهرين قبل خلو منصب المفتي، ويبقى في منصبه حتى بلوغه السن القانونية المقررة للتقاعد، ويجوز التجديد له بعد بلوغ هذه السن، دون تحديد مدة، ودون العرض على هيئة كبار العلماء".
كما تضمن مشروع القانون المقترح نصًا جديدًا لم يكن موجودًا من قبل بالنص على : "ينشأ بدار الإفتاء مركز يسمى "مركز إعداد المفتين" برئاسة المفتي.
ولا يخفى على أحد، بأن القصد من القانون المقترح، إنهاء الطريقة التي اعتمدت عام 2012 في عهد الرئيس "محمد مرسي" والتي تقضي بانتخاب المفتي من خلال اقتراع سري مباشر، يصوت فيه أعضاء هيئة كبار العلماء التي يترأسها شيخ الأزهر.
ومشروع القانون المقترح ما هو إلا نوع من التضييق على الطيب ودفعه للاستقالة، وإلا فمفتى الدم "شوقى علام" يبصم على كل ما تريده سلطة الانقلاب، حتى لو وصل الأمر إلى اعتبار إعادة مسجد آيا صوفيا مخالفا للشرع، وكذلك مشاهدة مسلسل أرطغرل!!
وكان الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر، الشيخ "محمد عبد الرحمن الضويني"، قال بصريح العبارة: "إن هذا التشريع جرى تفصيله خصيصًا للإبقاء على "شوقى علام" في منصبه بعد بلوغه سن التقاعد.
والذى يتراءى لنا، أن القصد من القانون هو الهيمنة على المؤسسات الدينية، بعد الهيمنة على المؤسسات الرقابية والقضائية، بالرغم من استقلالية هذه المؤسسات، كما نص على ذلك دستور العسكر.
أضف تعليقك