نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرا، أعدّه الصحفي "سبنسر أس سو"، قال فيه إن "الدعوى القضائية التي قدمها مواطن أمريكي تعرض للتعذيب عندما اعتقل كسجين سياسي مدة 21 شهرا في سجن مصري، يجب أن تعتمد على اعتبار صندوق النقد الدولي أن المتهم الرئيسي يتمتع بحصانة دبلوماسية، كما يقول المحامون الذين تولوا القضية ونواب في الكونغرس.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن حازم الببلاوي، عضو مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، يتمتع بحصانة دبلوماسية من الدعوى التي تقدم بها محمد سلطان (32 عاما) في العاصمة واشنطن، حيث يعمل كلاهما.
ويطالب سلطان، المدافع عن حقوق الإنسان، بمحاسبة الببلاوي والمسؤولين المصريين بالمشاركة في حملة القمع في ظل رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي ضد الإسلاميين والليبراليين في أغسطس 2013، والتي أدت لمقتل المئات.
وأضافت الصحيفة: "في الوقت الذي تتفق فيه مصر والحكومة الأمريكية على وضعية رئيس الوزراء الانتقالي السابق، إلا أن المحامين عن سلطان طلبوا هذا الشهر من قاضية محكمة المنطقة كولين كولار-كوتيلي عدم رفض الدعوى مباشرة. وقالوا إن حصانة الببلاوي الدبلوماسية تقتضي معاهدة ثلاثية تضم صندوق النقد الدولي".
وكتب محامو سلطان، بقيادة إريك أل لويس: "في غياب الدليل عن اتفاق ثلاثي على هذا الوضع، ودليل يقترح أن صندوق النقد الدولي منحها، وأنه لا يمنحها كسياسة متعلقة بالمؤسسة، فإن الببلاوي لا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية".
وتعلق الصحيفة بأن "هذا الموقف حظي بدعم من أعضاء في مجلس الكونغرس بمن فيهم السيناتور الديمقراطي عن ولاية فيرمونت وأبرز عضو في لجنة المخصصات، باتريك ليهي الذي طلب من وزارة الخارجية تقديم إخطار من الحكومة المصرية في ما يتعلق بأن الببلاوي هو الممثل المقيم الرئيسي في صندوق النقد الدولي، ومقره واشنطن، وهي المؤسسة التي تقوم بمراقبة الأنظمة المالية وتقدم القروض للدول التي تعاني من ديون. ويعيش الببلاوي في ماكلين – فرجينيا، وعُيّن عضوا في مجلس إدارة الصندوق عام 2014".
وقال ليهي: "معاهدة جنيف (للحصانة الدبلوماسية) تخدم هدفا مهما ويجب احترامها، وعلى حكومتنا أو صندوق النقد الدولي عمل أي شيء يمنع تحقيق العدالة في هذه القضية وليس مطلوبا بناء على المعاهدة".
وأكد السيناتور الديمقراطي: "لدينا اهتمام في تقديم الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم شنيعة ضد المواطنين الأمريكيين للعدالة. ويجب أن تكون هذه أولوية. وفي الوقت نفسه، نقوم بعمل هذا بناء على المعاهدة".
ورفضت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي رندا النجار، الإجابة عن ما إذا كان الصندوق وافق على منح الحصانة للمدعى عليه، وحولت الأسئلة عن الببلاوي إلى المستشار القانوني، مضيفة: "نحن لسنا في موقع للتعليق على القضية، لأنها لا تزال تحت النظر".
ويتم انتخاب أعضاء مجلس إدارة صندوق النقد الدولي من الدول التي يمثلونها وليس المؤسسات.
ولم يرد محامو الببلاوي والسفارة المصرية في واشنطن على أسئلة الصحيفة.
وفي ملفات المحكمة التي قدمها فريق الدفاع عن الببلاوي مطالبة برفض القضية جملة وتفصيلا، ورفضوا طلب فريق سلطان لوقف المحكمة لفترة قصيرة، حتى يتم التحقق من موضوع الحصانة المتعلقة برئيس الوزراء السابق.
وكتب فريق الدفاع بمن فيهم راشيل إي بيك وروبرت أتش بونزيل: "يجب التعامل مع هذا الطلب كمحاولة يائسة لتأخير رفض هذه الدعوى المدفوعة بنوايا سياسية ضد دبلوماسي مؤهل ويملك حصانة".
ووصفوا تأكيدات الدعوى بأنها لا تقوم على أساس وغطاء لإخفاء قضية فاشلة. وزعموا أن سلطان رفع الدعوى ضد "المسؤول المصري الوحيد السابق والذي وجده في الولايات المتحدة".
وقال محامو الببلاوي إن "مزاعم سلطان بمسؤولية موكلهم عن التعذيب ليست مدعومة بالأدلة".
وكتب فريق الدفاع عن الببلاوي: "الدعوى تتسم بالمبالغة، وتقوم على نظرية مؤامرة لا أساس لها ولتزييف السجل الرسمي ولا مكان لها في العملية القانونية ولا تحترم حكم القانون، وللمدعى عليه ومحاميه والسفارة المصرية ووزارة الخارجية" الأمريكية.
ويطالب سلطان الذي نشأ في منطقة وسط غرب الولايات المتحدة بتعويضات لإصابته برصاص الأمن المصري وتعرضه للتعذيب خلال 643 يوما قضاها في المعتقل بعد سجنه في أغسطس 2013. ويعد ناقدا شديدا للنظام العسكري المصري ومدافعا عن السجناء بما فيهم عدد من المواطنين الأمريكيين.
وكشف سلطان عن تعرضه لمحاولات اغتيال وانتهاكات بربرية لأنه "فضح النظام القمعي".
وتؤكد الدعوى القضائية أن "الببلاوي هو من وجه وأشرف على تعذيب سلطان، الذي عمل كمنسق مع الصحافيين الأجانب خلال الاحتجاجات على عملية الإطاحة التي قادها الجيش للرئيس محمد مرسي".
وبعد أيام من تقديم الدعوى اعتقلت السلطات الانقلابية خمسة أقارب لسلطان وتم التحقيق مع والده السجين فيما تقول منظمات حقوق الإنسان محاولة إسكاته.
واتهم عدد من النواب ومنظمات حقوق الإنسان مصر بابتزاز إدارة دونالد ترامب وقطع التعاون الاستراتيجي، إلا إذا تدخلت في قضية سلطان.
وطالب عدد من النواب والشيوخ الحكومة الانقلابية بالإفراج عن أقارب سلطان، وأكدوا حقه في استخدام القانون الأمريكي لمقاضاة المسؤول المصري السابق.
وقال ليهي: "احتجاز أبرياء كرهائن في محاولة لإجبار مواطن أمريكي سحب دعوى في محكمة أمريكية، حيث يمكن للمصريين الدفاع عن أنفسهم أمر رهيب، وهذا أمر لا تقوم به حكومة محترمة".
وتعليقا على هذا التطور، كتب محمد سلطان على حسابه بموقع "تويتر": "قدّم فريق دفاعي يوم الاثنين الماضي آخر رد مكتوب للمحكمة الفيدرالية على الطعن في الورقة التي قدمها الببلاوي كدليل على حصانته الدبلوماسية وننتظر قرار المحكمة".
أضف تعليقك