بقلم: عزالدين الكومي
استوقفتني تغريده لحافظ أبوسعدة –أحد داعمي الانقلاب، والمتسترين على انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ومن أصحاب سبوبة حقوق الإنسان – يقول في تغريدته: "يجب أن تدرك إثيوبيا أن محاولات السيطرة على نهر النيل والنيل الأزرق، بشكل خاص لن يمر مرور السلام، لأن مصر ليس أمامها إلا أن تدافع عن وجودها، ولها أن تستخدم كل السبل التي تؤمّن حقوقها التاريخية في مياه النيلين، لو أدى هذا إلى إزالة هذا السد من الوجود".
إنه الوهم الذي يعيشه النظام الانقلابى ونخب العار، الداعمة للانقلاب، لإلهاء الشعب وصرف الأنظار عن الفشل في كل المجالات!
وفي الوقت الذى غرد فيه أبوسعدة، لإزالة سد النهضة من الوجود –على طريقة "إللي هيقربلها هشيله من على وش الأرض".- كلمات بلحية مأثورة، مساء الأربعاء، قدم رئيس الوزراء الإثيوبى"آبي أحمد" التهانى للشعب الإثيوبى، ببدء ملء سد النهضة قائلاً: "أهنئ كل الشعب الإثيوبي على الإنجاز الذي حققناه في بناء السد من خلال جهودنا الجماعية"، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية.
و"كما وعدت.. -ولم يقل كما حلفت لبلحة- المرحلة الأولى من ملء خزان السد (تمت) دون إلحاق الأذى بالآخرين حتى قبل الموعد المستهدف بسبب الأمطار الغزيرة".
فهذا السد كان يجب أن يتحقق قبل 200 عام على الأقل، فهو الرمز والأيقونة لهذا الجيل والضوء الساطع للإثيوبيين على مدى سنوات، ونقطة تحول للإثيوبيين للتألق مرة أخرى، والقضاء على الفقر والتخلف".
وقبل تهنئة "آبي أحمد" للشعب الإثيوبى، سبقه وزير الخارجية: "غيدو أندارجاشو" في تغريدة له قال فيها: "تهانينا.. سابقا كان النيل يتدفق، والآن أصبح في بحيرة، ومنها ستحصل إثيوبيا على تنميتها المنشودة (..) في الحقيقة.. النيل لنا".
وهذه التهانى والأفراح والليالى الملاح في إثيوبيا، تأتى مع إعلان السودان رسمياً عن انحسار مفاجئ في مستوى مياه نهر النيل، وخروج عدد من محطات مياه الشرب عن الخدمة، وإعلان مصر بدء خطة شاملة لترشيد استهلاك المياه.
وشعارنا فاوض فاوض تحت تموت من العطش!
المفاوضات التى تمت برعاية الاتحاد الإفريقي، بقمة مصغرة، لم تغن شيئاً، ولم تقدم جديداً سوى مزيد من الوقت للجانب الإثيوبى، الذى راهن على عامل الوقت ونجح أخيراً، في كسب رهانه، وأعلن عن بدء ملء السد، وحكومتنا قالت أنها تفاجأت من هذا الإعلان.
فالجانب الإثيوبى، بالإضافة إلى تلاعب المفاوضات بدولتى المصب، أظهر العين الحمراء، عندما احتاج الأمر إلى ذلك.
وكما جاء في تصريحات إثيوبية رسمية على لسان رئيس الوزراء "آبي أحمد" : "لا يمكن لأي قوة أن تمنع إثيوبيا من بناء السد"، وأن بلاده "ستواصل بناءه بغض النظر عن المخاوف التي لا أساس لها، والتهديدات العسكرية التي يطلقها إخواننا المصريون".
و"إذا كانت هناك ضرورة للحرب فنستطيع حشد الملايين، وإذا كان البعض يستطيع إطلاق صاروخ، فالآخرون قد يستخدمون القنابل، لكن هذا ليس في مصلحتنا جميعا".
واعتبر الجانب الإثيوبى، أن ذهاب مصر بملف سد النهضة إلى مجلس الأمن "لا تأثير له"، في ظل حق أديس أبابا في التنمية.
والطريف "أن آبي أحمد" الذى تلاعب بالجانبين المصرى والسودانى ولا يزال، وأثناء مفاوضات يرعاها الاتحاد الإفريقى، يعلن أن الأمطار هي التي ساعدت على الملء الأول للسد بفعل الطبيعة.
لكن في الحقيقة أن الإعلان عن ملء السد في هذا التوقيت بالذات، كان القصد منه، توجيه رسالة واضحة لكل من مصر والسودان، بأن إثيوبيا هى التى تفاوض بإرادتها، أما الشق الآخر من الرسالة، أن هذه المفاوضات مجرد سراب" يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً".
ومع كل ذلك ما زالت مصر والسودان تراهنان على الاتحاد الإفريقي الذى يقوم بدور المتفرج- الذى يصفق للعبة الحلوة-، والذى مازال أيضاً يطالب بالعودة للمفاوضات.
والسؤال هنا: ما جدوى العودة لمفاوضات عبثية لم تقدم لنا شيئاً، سوى التمكين للجانب الإثيوبى، يصر عليها الاتحاد الإفريقى، رغم الإعلان عن فشلها، وإعلان إثيوبيا عن تنفيذ المرحلة الأولى لملء السد، ضاربة بمفاوضات الاتحاد الإفريقى عرض الحائط.
آبي أحمد يهنئ الشعب الإثيوبى، وبلاده بإنهاء أولى مراحل ملء خزان سد النهضة، ونظام الانقلاب يتفاوض؛ لكن لا أدرى على ماذا؟ والشعب يشرب من البحر".
وفى النهاية استطاعت إثيوبيا استكمال بناء السد والانتهاء من الملء التجريبي للخزان، بإرادة منفردة، والسودان ومصر يتحدثان عن مفاوضات، وإثيوبيا سوف تستمر في المفاوضات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع.
وبعد هذا المارثون من المفاوضات العبثية، والتي لم تجن منها مصر سوى الفشل. وبينما حققت إثيوبيا ما تريد، تنتظر مصر كارثة تحل بها في ظل ضياع حصتها التاريخية من مياه النيل.
والسفارة الإثيوبية، في القاهرة تحتفل بملء السد وعطش المصريين، والنظام الانقلاب يتحدث عن خطوط حمراء وأمن قومى في جهة إخرى.
وأنا أطالب "آبي أحمد بصيام ثلاثة أيام، كفارة عن حنثه في الأيمان البلحية!
أضف تعليقك