بدأت “مؤسسة مرسي للديمقراطية”، منذ ساعاتها الأولى، ترجمة أهدافها والتعبير بشكل أساسي عن الرئيس من خلال أسرته، حيث مشروعية التعبير إن لم تواصل سلطات الانقلاب قصف من تبقى منهم، سواء كان زوجته أو ابنيه أحمد وشيماء بعد مقتل عبد الله في ظروف مريبة واعتقال أسامة مرسي.
المؤسسة التي أعلنت انطلاقها أمس– حيث الذكرى الأولى لرحيل الرئيس الأسبق لجمهورية مصر العربية الشهيد د.محمد مرسي، المنتمي لجماعة “الإخوان المسلمين”- نشرت تغريدة عبر حسابها لحرم الرئيس الشهيد محمد مرسي، كتبتها السيدة نجلاء محمود في ذكراه فقالت: “مرسي سيبقى في العلا رمزا للصمود وستبقى سيرته عطرة على مر العصور”. وأضافت “هنيئًا سيدى لا أجد من الكلمات ما تكفى ولكن سيسطر التاريخ ذكراك”.
“مؤسسة مرسي للديمقراطية” انطلقت رسميًا في المملكة المتحدة، بناءً على وصية عبد الله مرسي، قبل وفاته المأساوية، فلحق بوالده بعد أشهر من اغتياله.
وستكون المؤسسة بمثابة حركة مجتمع مدني دولية، ومنظمة غير ربحية تدافع عن الحرية والديمقراطية في جميع أنحاء العالم، وتدعم كل من يحارب الفساد والاستبداد والاحتلال كمنصة للعدالة والسلام في جميع أنحاء العالم.
وأطلقت أسرة الرئيس الشهيد محمد مرسي، من بريطانيا “مؤسسة مرسي للديمقراطية”، الأربعاء، من خلال محامي الرئيس البريطاني توبي كادمن، وذلك بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لوفاته.
وفي تدشين المؤسسة قال “كادمن”: إن المؤسسة ستكون معنية بالدفاع عن الحرية والديمقراطية في العالم، ودعم جهود محاربة الفساد، وفق بيان صدر عن الفريق القانوني الدولي المعني بالدفاع عن عائلة مرسي.
ودعا البيان الإدارة الأمريكية إلى التصرف بناءً على مسئوليتها القانونية تجاه أبناء الزعيم المصري الشهيد، الذين يحملون الجنسية الأمريكية، ويواجهون الاضطهاد في ظل نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ومن بين أبناء الرئيس الشهيد، يحمل نجله الأكبر “أحمد”، وابنته “الشيماء”، الجنسية الأمريكية؛ نظرا لمولدهما في الولايات المتحدة عندما كان يعمل مرسي في الولايات المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي.
وطالب البيان الأمم المتحدة بضمان إجراء تحقيق فعال في ملابسات وفاة أول رئيس مصري مدني منتخب ديمقراطيا، وتقديم الجناة إلى العدالة. لافتا إلى أن “أفراد عائلة مرسي، الذين بقوا في مصر، تعرض أحدهم للمضايقة والانتقام السياسي”.
شخصيات ورموز
وتضم المؤسسة شخصيات عامة عربية وغربية، ومن أبرز المنضمين لها، الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي، بحسب وكيل المؤسسين والمتحدث باسم المؤسسة محمد هلال.
وأوضح “هلال” أن المؤسسة لها مجلس شرفي، وتسعى لتخليد ذكرى مرسي على غرار نيسلون مانديلا (الزعيم والمناضل الجنوب إفريقي).
وأكد أن المؤسسة وصية “عبد الله”، النجل الأصغر لمرسي، عندما كان يسعى لإنشاء مؤسسة تدافع عن والده وتخلد ذكراه وتحافظ على الديمقراطية.
ولا يزال أسامة مرسي محتجزا تعسفيا ولم يره أحد منذ أن حضر الدفن السري لأخيه عبد الله، الذي توفي في ظروف غامضة بعد أقل من 3 أشهر من وفاة والده، كما لا يزال أفراد الأسرة الآخرون يواجهون المضايقات اليومية المدعومة من الدولة.
وتابع: “لم يتم إجراء تحقيق رسمي في ملابسات وفاة الرئيس مرسي، والفريق القانوني يعيد مطالبته بإجراء تحقيق قضائي لإثبات الحقيقة ومحاسبة المسئولين”.
الرئيس الصامد
وفي ذكرى وفاة الرئيس السنوية الأولى، تستمر أزمة حقوق الرئيس الشهيد حيا وميتا مع السلطات المصرية قائمة، في سياق تعتبره الإخوان المسلمين “حقا لن يسقط بالتقادم”، فلا “الإخوان” أو أسرة مرسي يقران بأن رحيل الرئيس الأسبق كان إثر “أزمة قلبية” فاجأته أثناء المحاكمة، ولا يزال هدف تحريك تحقيق دولي يشغل بال أنصاره، بينما يعتبر الانقلاب وأنصاره وأذرعه ذلك “تحريضا وأكاذيب” ضده.
وعقب الانقلاب على الرئيس مرسي، في يوليو 2013، حظرت سلطات الانقلاب الإخوان قبل نهاية العام ذاته، ولاحقتها بتهم تنفيها الجماعة متعلقة بـ”الإرهاب والتحريض على العنف”، تلقت على إثرها ضربات أمنية متلاحقة.
وأصدرت الإخوان بيانا عشية اغتيال الرئيس، واعتبرت أن ما حدث مع الرئيس الشهيد محمد مرسي اغتيال، وطالبت جماعات حقوقية مستقلة ومرتبطة لها، الأمم المتحدة بتحقيق دولي على خلاف رواية الانقلاب التي قالت إنه سقط مغشيا عليه أثناء محاكمته.
وصدرت إشادات عديدة بأسرة مرسي منذ وفاته، كان أبرزها في ندوة بإسطنبول بذكرى وفاته، إذ أشاد ياسين أقطاي، مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، بـ”موقف الأسرة وثباتهم وتضحياتهم”، مفتخرا بـ”مقاومتهم”.
التمسك بالشرعية
وأكد الرئيس محمد مرسي، في خطابه المتلفز الأخيرة على الشاشات الرسمية المصرية والفضائيات، تمسكه بالشرعية التي منحها الشعب له والمتمثلة في احترام صندوق الانتخابات وعدم فرض الرأي بالقوة، أو ممن يملكها، وهي في الأصل ليست له أو لغيره، وعلى عهد الرئيس أعلن المتحدث باسم الجماعة طلعت فهمي، في بيان نشر في 11 ديسمبر الماضي، أن “الشعب هو صاحب الحق الأصيل في الشرعية التي منحها للرئيس مرسي، وباستشهاده تعود للشعب، يعطيها لمن شاء من أبنائه عبر انتخابات حرة ونزيهة”.
وفي بيان لاحق في الشهر نفسه أكد فهمي أن “الإخوان جزء من المجتمع المصري وأنها ستواصل مسيرة الكفاح الوطني مع كل أبناء الوطن الشرفاء دون أن تتقدم عليهم أو تتأخر عنهم”.
وأكد الأمين العام للجماعة، محمود حسين، في مقال بعنوان “مواقف مبدئية من صميم دعوة الإخوان” نشر في 14 يناير الماضي، عبر موقع الجماعة “إخوان أونلاين”، قائلا: “لم يكن استشهاد الرئيس محمد مرسي وفاةً للشرعية، كما حاول البعض أن يصوّر ويروّج، بل تعني إنها عادت لصاحبها الأصلي، وهو الشعب”.
فارس الحرية
وبالتزامن مع تدشين المؤسسة، كشف وزير العدل السابق في حكومة الدكتور هشام قنديل المستشار أحمد مكي عن أن الرئيس مرسي كان فارسا للحرية، وقال “الرئيس محمد مرسي اتصل بي وأخبرني أنه لم يستطع النوم قبل الإفراج عن الصحفي إسلام عفيفي الذي تم اعتقاله لسبه رئيس الجمهورية فأخبرته عدم استطاعتي الإفراج عنه فأمر على الفور بإلغاء قانون حبس الصحفيين”.
ويضاف إلى ذلك مساحة الانتقاد والسخرية والسب التي كانت موجهة للدكتور مرسي بشكل ممنهج وممول من دولة الإمارات العربية (اتضح لاحقا)، وكان يطيب للدكتور مرسي التعامل معها بإتاحة مجال أكبر.
وعن مظاهرات القصر الجمهوري قال “مكي”: “أحاط المتظاهرون بالقصر الجمهوري، اجتمع مرسي بوزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي، ومسؤولين آخرين، اقترح بعضهم أن يتم إطلاق النار على المتظاهرين، وحينها أبدى السيسي استعداده تزويد الحرس الجمهوري بالجنود”.
وأضاف “مكي” أن مرسي رفض تلك الفكرة بشكل قطعي، وردد الحديث النبوي: “لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما”.
وكشف مكي، الذي حضر اللقاء حينها، أن الرئيس الراحل قال: “مصر مليون كيلو متر مربع، شاغلين نفسكم بكيلو متر، سيبوا الناس تتنفس وتتظاهر”.
وأصدر المركز المصري للإعلام، كتابا رمزيا من 15 فصلا بعنوان “مرسي الرئيس الشهيد.. فارس الحرية ورمز الصمود”، يقدم فيه صورة متكاملة وشاملة عن حياته ومواقفه، وظروف توليه حكم مصر، وما قدمه حتى الانقلاب عليه ومحاكمته ووفاته.
ورصد الكتاب تسلسلا معلوماتيا عن انتماء مرسي للإخوان منذ 1977، وانضمامه للقسم السياسي للجماعة عام 1992، وترشحه باسم الجماعة في انتخابات برلمانية فاز في أحدها عام 2000، ومشاركاته في أكثر من جبهة معارضة للنظام آنذاك.
ويتضمن الكتاب ما سماه “اغتيالا معنويا” لمرسي عبر حملة إعلامية ضخمة، بـ”أقوال وأفعال وممارسات نالت من شخصه وحزبه وجماعته”، بجانب فصل يبرز شهادات من مختلف الدول بحق الرئيس السابق الشهيد.
السيادة المصرية
ونعت جماعة الاخوان المسلمين “الرئيس الشهيد” محمد مرسي، وقالت إن الانقلاب العسكري قتله بالإهمال الطبي المتعمد ورفض علاجه، وإنه “ارتقي دفاعًا عن حق الشعب في الحرية والسيادة والحياة الكريمة”.
ومن أبرز مواقف الرئيس مرسي الواضحة في تحقيق هذه السيادة، إعلانه أن الحرب هي السبيل الوحيد إذا نقصت مياه النيل قطرة واحدة، وهو ذات الملف الذي فشل فيه الانقلاب وبات أضحوكة العالم أمام الصلف الإثيوبي المدعوم من الصهاينة، وأقرب لحالة منظمة التحرير في مفاوضاتها المارثونية منذ 1993 وما قبلها وما بعدها، والتي هدمها الاحتلال أخيرا بجرة قلم.
واقتحم الرئيس فارضا سيادة مصر على الجوار، فنافح عن غزة وقت العدوان الصهيوني، وقال قولته الشهيرة من الجامع الأزهر الشريف: “لن نترك غزة وحدها”، وخاطب العدو بفزعة “شعب وقيادة” للدفاع عن الحياض، وسارع بإرسال رئيس الوزراء وقوافل الاغاثة فأوقف الحرب على الغزاويين.
وحقق الرئيس سيادة مصر باعتبارها قلب العالم الإسلامي السني، فصلى الرئيس المصري محمد مرسي في قلب إيران على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وترضى على صحابته الكرام أبو بكر وعمر، فانتزع لهما من سنة الخليج الاحترام والتقدير.
وعلى عكس الأذيال العربية التي تركت الصحف الأوروبية تنال من شخص رسول الله، وهبت تندد بمهاجمة مقر هذه الصحف، كان خطاب الرئيس مرسي في الأمم المتحدة فريدا من نوعه في إعلانه قيمة رسول الله للمسلمين ولقيادة مصر الجديدة الأكثر تعبيرا عن رؤية الشعوب العربية والمسلمة.
أضف تعليقك