حذّر مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي من أن الانتصارات التي حققتها، أخيراً، حكومة "الوفاق الوطني" في ليبيا قد تشكل تهديداً مباشراً للمصالح الإسرائيلية إذا تواصلت وتيرتها، وأوضح المركز، في تقرير أعدته الباحثتان سارة فوير وجليا ليندشتراوس، ونُشر اليوم الاثنين، أن دور تركيا الحاسم في تمكين "الوفاق" من تحقيق الانتصارات الأخيرة سيعزز مكانتها في ليبيا وسيوسع دورها في المنطقة بشكل يهدد مصالح إسرائيل وكل من اليونان وقبرص ومصر.
ولفت المركز إلى أن تطبيق اتفاق ترسيم الحدود المائية مع ليبيا الذي وُقِّع في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي سيساعد تركيا على إحباط مخطط تدشين أنبوب "EastMed"، الذي يفترض أن ينقل الغاز الذي تستخرجه إسرائيل من حوض البحر المتوسط إلى أوروبا عبر قبرص واليونان.
وشدد المركز على أن صنّاع القرار في تل أبيب مطالبون بمتابعة الأوضاع في ليبيا، على اعتبار أن انتصارات "الوفاق" تعزّز مكانة تركيا ودورها في المنطقة، وستضعف مكانة المحور المقابل الذي يضمّ إسرائيل، مصر، قبرص، اليونان.
وأشار إلى أن الصمت الإسرائيلي الرسمي إزاء التطورات في ليبيا يعكس أزمة الخيارات التي تواجهها تل أبيب، على اعتبار أن تدخلها الفاعل في ليبيا يمكن أن يهدد علاقتها بتركيا المتوترة أصلاً، مشيراً إلى أن إسرائيل تواجه تشكّل بيئة إقليمية تمتاز بدور نشط لكل من تركيا وروسيا.
ولفت المركز إلى أن ما يفاقم الأمور تعقيداً بالنسبة إلى إسرائيل، أن الولايات المتحدة تتجنّب القيام بدور عسكري أو دبلوماسي بهدف التأثير على اتجاه الأحداث. وأضاف المركز أن انتصارات "الوفاق" دفعت حفتر إلى اقتراح وقف إطلاق النار، وهو ما يمثل تحولاً جوهرياً في اتجاه القتال الدائر في ليبيا، وسيكرس مكانة تركيا وسيطاً مركزياً في حلّ الصراع المتواصل.
ورأى المركز أن اتفاق التعاون العسكري الذي وقعته تركيا مع حكومة "الوفاق" أسهم في حدوث التحول في اتجاه المعركة لمصلحة "الوفاق"، مشيراً إلى أنه بخلاف الدول الأخرى التي تتدخل في ليبيا، جاء تدخل أنقرة بشكل معلن وواضح، بحيث صوّت البرلمان التركي بتأييد تقديم مساعدات عسكرية إلى ليبيا على مدى عام، وهو ما مكّن الرئيس رجب طيب أردوغان من الإعلان في يناير/ كانون الثاني الماضي إرسال قوات إلى هناك.
ولفت المركز إلى وجود إحباط في كل من القاهرة وأبوظبي وموسكو، بسبب دور الدعم العسكري التركي في تمكين حكومة الوفاق من إحراز الانتصارات المتتالية على قوات حفتر.
وأشار المركز إلى أن كلاً من تركيا وليبيا وقّعتا اتفاقاً لترسيم الحدود المائية بينهما، وهو الاتفاق الذي رفضه حفتر، واليونان، وقبرص، ومصر، وفرنسا وإسرائيل. واقتبس التقرير كلام وزير الخارجية الإسرائيلي السابق يسرائيل كاتس، الذي قال إنه "على الرغم من أن إسرائيل ترفض الاتفاق التركي الليبي، إلا أنها لا تنوي إرسال سفن حربية لمواجهة تركيا بهدف إحباطه".
وشددت على أنه إذا تمكن حفتر من احتلال طرابلس، فإن هذا التطور سيكون في الواقع انتصاراً كبيراً أيضاً لجميع الدول التي تعارض اتفاق ترسيم الحدود المائية بين تركيا وحكومة الوفاق. وحسب المركز، إن القطيعة بين الاتحاد الأوروبي دفعت تركيا إلى المجازفة بتحمّل مخاطر عبر تدخلها في ليبيا.
وتوقع المركز أن تجني تركيا مكاسب اقتصادية كبيرة في حال تمكُّن حكومة "الوفاق" من السيطرة على المرافق النفطية الليبية، إلى جانب أنّ من المرجح أن تحوز الشركات التركية نصيب الأسد من مشاريع إعادة الإعمار في البلاد.
وتوقع المركز الإسرائيلي أن تواصل تركيا الاحتفاظ بموقع قدم في قاعدة "الوطية" الجوية الليبية ذات الموقع الاستراتيجي. وقدّر وجود 100 ضابط تركي يشرفون على تنسيق وتوجيه العمليات والحملات العسكرية التي تشنها حكومة الوفاق، مشيراً إلى أن كلاً من سلاح البحرية وسلاح الجو التركي أدّيا دوراً في المعارك التي تخوضها "الوفاق" ضد قوات حفتر. وأوضح المركز أن أسراباً من الطائرات من دون طيار التي أرسلتها تركيا إلى ليبيا أدت دوراً مهماً في حسم المواجهات لمصلحة "الوفاق".
وأشار إلى أن التطورات في ليبيا زادت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا سيما بعد أن أرسلت موسكو طائرات عسكرية من طراز "ميغ 29" وقاذفات من طراز "SU-24" إلى قاعدة "الجفرا" الليبية، وهي الخطوة التي أغضبت واشنطن، التي تعهدت بنشر لواء مقاتل على الأراضي التونسية.
أضف تعليقك