في ظل اتساع رقعة انتشار فيروس كورونا في مصر خلال الأسابيع الأخيرة، رصدت مؤسسات مصرية تزايد عدد الوفيات بين الأطباء باعتبارهم الصف الأول خلال مواجهة فيروس كورونا وعلاج الحالات المصابة.
وقال الدكتور إبراهيم الزيات، عضو مجلس نقابة الأطباء، في تصريحات لوسائل الإعلام: إن الفريق الطبي هو البطل الحقيقي في جائحة فيروس كورونا، وأعلن الزيات عن أن عدد الأطباء الذين توفوا حتى الآن وصل إلى 48 طبيبًا.
وأعلن "الزيات" عن وفاة الطبيب "فليب متري" استشاري الأنف والأذن والحنجرة، إلى جانب الدكتور "يوحنا لطفى صادق" استشاري النساء والتوليد والذي توفي في الرعاية المركزة بمستشفى الدمرداش أثناء عمله، إثر إصابتهما بفيروس كورونا المستجد.
كما أعلنت نقابة أطباء مصر، عبر حسابها على فيس بوك، عن وفاة الطبيب "إبراهيم علي" أستاذ الباثولوجيا الإكلينيكية بكلية الطب جامعة الأزهر، والذي توفي بمستشفى الأزهر التخصصية بسبب إصابته بفيروس كورونا.
وفي السياق ذاته قالت أميمة العشماوي، رئيس قطاع التمريض في مستشفى صدر العباسية: إن50 من طاقم التمريض أصيبوا بفيروس كورونا كما توفي اثنان من الممرضين، وأضافت أميمة العشماوي، في تصريحات لوسائل إعلام مصرية، أن الإصابات في مستشفى الصدر المخصصة لفرز وعزل حالات الإصابة بفيروس كورونا جاءت نتيجة مخالطة المرضى المصابين بفيروس كورونا.
يأتي هذا فيما تداول ناشطون مقطع فيديو لمصاب بفيروس كورونا ملقى أمام أبواب مستشفى صدر العباسية، في حين يشتكي الأهالي من خلوها من العناية الصحية والكوادر الطبية.
بين القمع وقلة الإمكانات
وكانت صحيفة لوموند الفرنسية قد نشرت تقريرا تحت عنوان "الأطباء المصريون بين القمع وقلة الإمكانات للتعامل مع وباء كوونا"، سلطت خلاله الضوء على الظروف الصعبة التي يعيش فيها الأطباء في مصر والتي أدت إلى وفاة العديد منهم.
وقالت الصحيفة، إن الظروف الصعبة التي يعمل فيها الأطباء أدت إلى ارتفاع حدة احتجاجاتهم في الأسابيع الأخيرة، فردَّ نظام السيسي بالقمع، مستعملًا وسائل الإعلام التابعة له لشيطنة الأطباء الذين كانوا إلى وقت قريب تشيد بهم وتصفهم بالجيش الأبيض.
وتحدَّثت الصحيفة عن صراع بين الأطباء ووزارة الصحة، دفع الأخيرة إلى تقديم بعض التنازلات، ولفتت الصحيفة إلى أن رئيس حكومة الانقلاب أمر إدارة المستشفيات بمنع الأطباء من أخذ إجازات، وباتخاذ إجراءات تأديبية في حق المتغيبين منهم عن العمل.
وقال الدكتور أمير بسام، أمين لجنة الصحة بالبرلمان المصري سابقا، إن الأطباء يقاومون جائحة كورونا دون أي استعدادات أو مواد وقاية، وما يشاع في الإعلام من توفير الرعاية الصحية وتقديم الدعم المادي والمعنوي للاستهلاك المحلي فقط.
الأمر ينذر بكارثة
وأضاف بسام، في مداخلة هاتفية لبرنامج المسائية على قناة الجزيرة مباشر، أن المستشفيات لا يوجد بها إمكانات لمواجهة الفيروس، وكان ينبغي على الدولة تجييش كل إمكانياتها لمواجهة الجائحة وليس وزارة الصحة فقط، مضيفا أن هناك 31 مستشفى عسكريا في ربوع مصر ولم يتم فتحها أمام مرضى كورونا، في الوقت الذي تم فيه تحويل المستشفيات الجامعية التي تخدم قطاعات كبيرة من المواطنين لمستشفيات عزل.
وأوضح بسام أن استمرار استغاثات المواطنين جراء الإهمال وتردي منظومة الصحة أمر غير طبيعي وينذر بكارثة، مضيفا كل دول العالم التي أصيبت بالوباء لم يحدث بها تلك الحوادث، لافتا إلى أن جائحة كورونا كشفت فشل منظومة العسكر في إدارة الأزمة، بداية من التبرع بالمستلزمات الطبية للصين وإيطاليا وأمريكا، في ظل العجز المحلي الشديد، مرورًا بعدم إعلان الحظر الشامل وإلغاء الحجر الصحي في المطارات.
أزمة الأطباء متجذرة
بدوره قال علاء عبد المنصف، مدير منظمة السلام الدولية لحقوق الإنسان، إن المتابع لإدارة الدولة لأزمة جائحة كورونا يؤكد حجم المعاناة التي يتعرض لها الأطباء، مضيفا أن أزمة الأطباء متجذرة منذ سنوات وليست وليدة اليوم.
وأضاف أن منظمة الصحة العالمية أصدرت تقريرا منذ سنة، تكلمت فيه عن الوضع الطبي في العالم، واستثنت منه دول الخليج، وأشارت إلى أن هناك ضعفا في الإمكانيات والمخصصات المالية لقطاع الصحة مقابل مخصصات الدفاع والأمن، كما أشار التقرير إلى أن الدول العربية في مؤخرة دول العالم في توفير الخدمات الصحية والرعاية الطبية.
وأوضح عبد المنصف أن مصر في الأساس لديها ضعف خطير في منظومة الصحة، وعلى الرغم من ذلك تعاملت مع أزمة كورونا في البداية بمبدأ "الفتونة" وأن لديها كل الإمكانيات للتعامل مع هذه الجائحة، كما لجأت إلى إخفاء المعلومات الحقيقية عن المجتمع وبدأت تسود حالة من الاطمئنان لدى المواطنين، في الوقت الذي كان العالم كله يتخذ التدابير الاحترازية لمواجهة الوباء، ونتج عن ذلك انتشار رهيب للفيروس في مصر، وما زالت الدولة تتعمد إخفاء المعلومات الحقيقة بشأن أعداد الإصابات وحجم انتشار الفيروس عن الناس.
وأشار عبد المنصف إلى أنه نتيجة هذا الوضع، أصبح المواطنون في مواجهة يومية مع الأطباء، وتخلت عنهم الدولة ولم توفر لهم الحماية اللازمة أو الإمكانيات الضرورية لممارسة عملهم، كما لم تقم ببناء حتى مستشفيات ميدانية لاستقبال الحالات المتزايدة لتخفيف العبء على المستشفيات المركزية ومستشفيات العزل.
أضف تعليقك