تتواصل معاناة المعتقلين وذويهم في رمضان االذين باتوا مضطرين لتناول وجبات السجن التي تعافها الحيوانات فضلا عن البشر لعدم قدرة ذويهم على توصيلها لهم.
ولا تنحصر المعاناة عند هذا الأمر في عدم وصول طعام الإفطار للمعتقلين ففي أحيان كثيرة، ومنذ قرار وقف الزيارات التي اتخذته مصلحة السجون ضمن إجراءات الاحتراز من فيروس كورونا، منعت وزارة داخلية الانقلاب إدخال أغلب المستلزمات والاحتياجات حتى الضرورية منها.
ورغم السماح مع بداية شهر رمضان بإدخال وجبات للإفطار والسحور في بعض السجون فإن آمال أسر المعتقلين خابت في أن يبهجوا ذويهم بتلك الوجبات، حينما وجدوا الأمر محصورا في أصناف محددة لا تعد على أصابع اليد الواحدة، في ظل منع تام لإدخال الفاكهة والخضراوات والحلويات وأغلب المشروبات.
بينما تعدد أم أميرة، زوجة معتقل بأحد سجون محافظات الوجه القبلي، أشكالا أخرى من المعاناة، فأصناف الطعام المحدودة الموافق عليها ومنها الأرز والمعكرونة لا يسمح بدخولها إلا في أكياس، كما يجبر الأهالي على الانتظار مدة لا تقل عن 4 ساعات خلال النهار قبل استلام تلك الأطعمة.
وترى زوجة المعتقل أن الهدف الواضح من هذا الأسلوب هو "الامتهان والتكدير" وملء نفوس المعتقلين وذويهم بمشاعر السخط والغضب، لافتة إلى أن قطاعا من ضباط السجون وحرسه يظهرون حالة من التشفي وهو يمارسون هذه الأساليب.
وتلفت إلى أنه إلى جانب ذلك، ورغم عبارات الاستعطاف التي يرددها ذوو المعتقلين فإن بعض حرس السجون يتعمدون خلط الأطعمة أثناء تفتيشها بشكل يفسدها، وبعد ذلك كله لا يتم أحيانا إيصال الطعام للمعتقلين رغم استلامه.
معاناة أهالي المعتقلين تمثلت بشكل واضح في صورة د. ليلى سويف أم الناشط علاء عبد الفتاح، وهي تفترش الأرض أمام باب السجن، في انتظار السماح لها بإدخال خطاب مكتوب ومحلول جفاف لنجلها المضرب عن الطعام منذ أكثر من شهر، الأمر الذي استدعى حالة واسعة من التفاعل والتعاطف بمواقع التواصل الاجتماعي.
وتساءلت منى (شقيقة علاء) والتي نشرت صورة والدتها: هل من الطبيعي انتظار والدتها أياما وساعات على باب السجن لأجل إدخال "خطاب ومحلول جفاف"؟ وهل يعلم النائب العام ما يحدث أمام السجون وظروف المعتقلين المضربين عن الطعام؟
وقد تحفظت منى -في منشور لاحق- على قول إن دافع التعاطف مع والدتها كونها أستاذة جامعية، مشددة على أن المفترض ألا تتعرض لذلك أي أم وهي تسعى للاطمئنان على ابنها المعتقل، ومشيرة إلى أنه على أبواب السجون الكثير من الأمهات اللاتي يتعرضن لـ "أشكال مختلفة من البهدلة والقرف وانعدام الإنسانية".
ويكشف معتقل داخل أحد السجون عن حالة من "الاستهتار واللا مبالاة" تتعامل بها إدارة السجن مع وجبات الإفطار والسحور التي يعمل الأهالي على إدخالها لذويهم المعتقلين، حيث يتم خلط جانب منها وعدم التدقيق في إيصالها لأصحابها مما يحرم الكثير من المعتقلين من طعامهم.
ورغم وقف الزيارات ومنع إدخال أغلب الاحتياجات واللوازم، فإن ذلك لم يمنع إدارة السجن من زيادة حملات التفتيش للعنابر والزنازين، وهو الأمر الذي أثر -حسب المصدر- على روحانيات الشهر الكريم التي كان المعتقلون يتصبرون بها على ما يعانونه في السجن.
ووفقا لهذا المعتقل تقوم وزارة داخلية الانقلاب ببيع الخضار واللحوم للمعتقلين داخل السجون بأسعار خرافية، مما يزيد من الأعباء المالية على أسر المعتقلين.
وفي هذا السياق، يؤكد خلف بيومي مدير مركز "الشهاب" لحقوق الإنسان أن معاناة المعتقلين وذويهم تزايدت بشكل ملحوظ في رمضان بسبب إصرار مصلحة السجون على عدم السماح بدخول الأطعمة بصورة مناسبة لظرف الصيام، فضلا عن التعنت في إدخال الأدوية إضافة لاستمرار منع التريض في عدد غير قليل من السجون.
وأشار بيومي - إلى أن انشغال العالم بوباء كورونا وتداعيته أثر بشكل سلبي على الاهتمام ومتابعة أوضاع المعتقلين وذويهم، وهو ما تستغله السلطات الأمنية ويدفعها لمزيد من التضييق والتعنت بحق السجناء.
وشدد بهذا السياق على أهمية حملات المناصرة للمعتقلين، ويرى أنها باتت في رمضان "فرضا وواجبا على الجميع" خاصة مع تفشي وباء كورونا الذي يهدد جميع السجناء نظرا للتكدس الشديد داخل السجون وندرة الأدوية والوقاية.
ولفت مدير مركز الشهاب إلى أهمية أن يكون ذلك من خلال حملات حقوقية وشعبية منظمة، والعمل على الترويج لها ونشرها على نطاق واسع حتى تؤتي ثمارها وتمثل ضغطا على النظام، إضافة إلى التواصل مع الجهات الدولية لإحاطتها بالوضع داخل السجون ومقار الاحتجاز.
أضف تعليقك