قالت وكالة "فيتش" للتصنيفات الائتمانية، اليوم الخميس، إن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي اتجه للتسول من صندوق النقد الدولي لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا المستجد.
وأضافت الوكالة، في تقرير لها ترجمته "الحرية والعدالة"، أن تمويل صندوق النقد الدولي سوف يوفر بعض الدعم لاحتياطي مصر الخارجي (B+/Stable) ويمنح تدفقات المحافظ الاستثمارية حالة من الاستقرار، ولكن الصدمة المستمرة بوباء فيروس كورونا قد تزيد من الضغط على الاحتياطيات، خاصة إذا استمر جمود سعر الصرف.
صدمة كورونا
وأوضح التقرير أن الصدمة الخارجية أدت إلى تفاقم وضع السيولة الخارجية في الاقتصاد بما لا يقل عن ٢٣ مليار دولار، في الفترة من مارس – أبريل ٢٠٢٠، وقد انخفضت الاحتياطيات الرسمية للبنك المركزي، إلى جانب ودائع أخرى غير مدرجة في الاحتياطيات، بمقدار ٦ مليارات دولار في شهري مارس وأبريل، وانخفضت الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي بمبلغ ١٠.٥ مليار دولار في مارس (لم تتوفر بعد بيانات أبريل)، مما دفع القطاع إلى وضع صاف للمسئولية الخارجية.
وأشار التقرير إلى أن إجمالي الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري لا يزال كبيرا، حيث بلغ في نهاية أبريل ٣٧ مليار دولار، وبلغت الودائع الأخرى غير المدرجة في الاحتياطيات ٣.٢ مليار دولار، متوقعا أن ينخفض إجمالي الاحتياطي الأجنبي إلى ٣١ مليار دولار أمريكي في عام ٢٠٢٠ (٤.٥ أشهر من المدفوعات الخارجية الحالية)، مع توسع عجز الحساب الجاري بمقدار ١٠ مليار دولار أمريكي ليصل إلى ٥.٣٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وكانت الحيازات الأجنبية المتبقية من سندات الخزانة تعادل ٩.٥ مليار دولار في نهاية مارس.
ولفت التقرير إلى أن مصر حصلت على ٢.٨ مليار دولار في إطار أداة التمويل السريع لصندوق النقد الدولي، وقد طلبت أموالا في إطار اتفاق احتياطي، يمكن أن يطلق ٤ مليارات دولار على مدى سنة (استنادا إلى البرنامج السابق)، وكانت مصر تتطلع لإصدار سندات يورو بقيمة ٥ مليار دولار أمريكي في عام ٢٠٢٠، قبل حدوث الصدمة.
برنامج صندوق النقد
وفي عام ٢٠١٩، أكملت مصر برنامجا استمر ثلاث سنوات لصندوق النقد الدولي بلغ قيمته ١٢ مليار دولار أمريكي، أجرى خلاله البلد إصلاحات لخفض الدين الحكومي وزيادة الناتج المحلي الإجمالي ومعالجة النقص في العملات الأجنبية، بما في ذلك الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه المصري في أواخر عام ٢٠١٦.
ولقد تسبب هذا الوباء في هروب تدفقات مالية كبيرة إلى الخارج، كما حدث في الأسواق الناشئة الأخرى، وهو ما أدى إلى تراجع عائدات مصر الخارجية، وخاصة عائدات السياحة، بل وربما التحويلات المالية. وقد انخفضت الحيازات الأجنبية من سندات الخزانة بالعملة المحلية بمقدار ١٠.٥ مليار دولار أمريكي في شهر مارس (لم تتوفر بعد بيانات أبريل)، وسوف يمر القسم الأعظم من تدفقات المحافظ الاستثمارية عبر القطاع المصرفي.
وونوه التقرير إلى أن البنك المركزي لجأ إلى تغطية هروب المحافظ المالية إلى الخارج من خلال بيع العملات الأجنبية في السوق لدعم سعر الصرف، كما استخدم البنك المركزي احتياطات في أبريل للوفاء بمبلغ ١.٦ مليار دولار من الالتزامات الخارجية، بما في ذلك سداد سندات حكومية قيمتها ١.٠ مليار دولار.
فقد تحسنت التوقعات العالمية بعض الشيء في الوقت الحالي، مع بدء عكس اتجاه تدفقات المحافظ الاستثمارية من الأسواق الناشئة، وفقا للبيانات الخاصة بالأسواق الناشئة الضخمة التي جمعها معهد التمويل الدولي.
ومنذ مارس أصبحت مؤشرات المجازفة في مصر أكثر اعتدالا؛ فقد ارتفعت العائدات على السندات الدولارية لمدة عشرة أعوام إلى نحو ١٢٪ في منتصف مارس، ولكنها استقرت إلى ٨. ٠٪ إلى ٨. ٥٪ في أوائل مايو، ومن شأن تجدد المشاركة مع صندوق النقد الدولي أن يعزز الثقة.
سياسة نقدية حذرة
وسوف تلعب السياسة النقدية والمالية دورا مهما في الكيفية التي تخوض بها مصر الأزمة وفي أي اتفاق مع صندوق النقد الدولي (لا ينطوي صندوق النقد الدولي على شروط). وظلت السياسة النقدية حذرة منذ نهاية برنامج صندوق النقد الدولي السابق، حيث حافظ البنك المركزي على أسعار فائدة حقيقية إيجابية إلى حد مريح، ولكن من المرجح أن يعمل مؤشر الاعتماد المالي السويسري على إعادة التركيز على مرونة سعر الصرف، وخاصة إذا ظلت الاحتياطيات الأجنبية تحت الضغوط.
وكان الجنيه المصري، الذي ارتفعت قيمته بنسبة ١١ في المائة مقابل الدولار الأمريكي في عام ٢٠١٩، قد أظهر ثباتا في مواجهة التقلبات حتى الآن في عام ٢٠٢٠، على الرغم من الصدمة.
وكشف التقرير عن أن هناك تخوفا لدى البنك المركزي والبنوك، بما في ذلك البنوك الضخمة المملوكة للدولة، من أن يؤدي خفض سعر الصرف إلى تفاقم التدفقات من أسواق سندات العملة المحلية، وزيادة دولرة الودائع (١٧٪ في فبراير)، والأضرار بنسب رأس المال. فقد انخفض معدل التضخم، الذي يثقل كاهل صناع السياسات عادة، بشكل كبير، حيث بلغ في المتوسط أقل من ٦٪ في الفترة من يناير إلى إبريل ٢٠٢٠.
بيد أن النظام الصارم لسعر الصرف قد يكون بمثابة حالة إشكالية إذا كان التصور بأن المبالغة في تقدير قيمة العملة يهدد بعرقلة تدفقات محافظ الاستثمار الجديدة وغيرها من التدفقات إلى أن يحدث انخفاض في قيمة العملة. وكان هذا سببا للنقص في العملة الأجنبية في الفترة ٢٠١٤-٢٠١٦.
أضف تعليقك