• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم أسامة سليمان

شاءت الأقدار أن استمع لما قاله السيسي في مكافحة كورونا وما تعرض له من موضوعات أخرى أقحمها في ثنايا حديثه، والتي سأتناول بعضها بكل حيادية، حباً للوطن وخدمة للقارئ وأملاً في تحقيق وعي وطني لا زيف فيه.

إنجازات ونجاحات غير مسبوقة طوال فترة حكمه:

- أفاض السيسي في طرح إنجازاته وأفرد لها مساحة من الوقت، ولن أعلق عليها بقدر ما سأشير لموضوعات لا يستطيع أن يتطرق لها ومنها على سبيل المثال..

- لم يتعرض السيسي لأخطر أزمة تواجه مصر وكيف يواجه نزيف زيادة الدين العام الذي تجاوز أربعة تريليونات جنيه بكثير، وتأثيراته على مستقبل الوطن في أمنه القومي وسيادته واستقلاله والأجيال القادمة.

- لم يتحدث عما تم إنجازه في ملف سد النهضة الإثيوبي وحقوق مصر المائية التي كان المسؤول الأوحد في التوقيع منفردا على مذكرة المبادئ، رغم اعتراض مؤسسات الدولة سواء التي أبلغت قبلها أو التي علمت بعدها.

- لم يذكر السيسي لنا متى تنتهي الحرب على الإرهاب التي حدد لها سقفا زمنيا مرارا وتجاوزه دون أي إنجاز يذكر، وكذلك تدخله المباشر في قتل الليبيين واليمنيين، وما تبع ذلك من زيادة أعداد ضحايا الوطن، ضباطا وجنودا في الجيش والشرطة، ولا زال التعتيم في الكشف عن أعدادهم قائما.

- لم يتحدث عن جدوى مشاريعه الخاصة التي أرهقت الاقتصاد المصري كبناء العاصمة الإدارية والقصور والسجون.. إلخ، وتجاهل أولويات الاحتياجات الشعبية الملحة في البنية التحتية كالصرف الصحي والمواصلات العامة وغيرها.

الشائعات خطر على ما يظن أنها إنجازات:

- يواصل السيسي انتقاده وليس ثناءه على الحقائق التي يكشفها الإعلام الحر للشعب، من سوء إدارة حكومته أو فساد واستبداد هنا وهناك، باعتبارها شائعات وجب التحذير منها!! ويردد ألا يسمع الناس إلا ممن يأمرهم هو بالحديث دون غيرهم، مؤكداً أنه مع الإعلام الموجه وليس الإعلام الحر، ومخوناً أي إعلام يخالف ما يقوله ويصفه بأنه من الأشرار.

- وعن جولاته التنكرية يجب التنبيه إلى أن السيسي منذ توليه الحكم لا يستطيع التجول في محافظات الجمهورية مثلما كان يفعل غيره، ولا يجرؤ على المواجهة الشعبية حتى الآن لا في السر ولا في العلن، وهذا يضع علامات استفهام حول أدائه وشعبيته!!

إجراءات مدروسة تجاه وباء كورونا:

- يستمر العرض الهزيل حول الإجراءات الناجحة ضد وباء كورونا، مع تجاهل ما سببته حالة الاستخفاف والسخرية من قبل إعلامه وفنانيه، وكذلك الاستهتار من الحكومة وخصوصا وزيرة الصحة في التعامل الجاد مع بداية ظهور العدوى.

- لم يحدثنا السيسي بشفافية عن استعداد حكومته لمواجهة الوباء، وخصوصا القطاع الصحي الذي يفتقر للمستلزمات الطبية ويعاني من العجز والنقص الهائل أصلاً قبل الوباء وبشكل ينذر بالخطر، ولا عن نقص عدد غرف العناية المركزة المجهزة، وأجهزة التنفس الصناعي ومستلزمات التعقيم.

وكلنا نعلم أنها لا تكفي أصلا لمصابي حوادث الطرق اليومية، وأن الحالات الطارئة لا تستطيع أن تجد سريراً لها في العناية المركزة إلا عبر واسطة من مسؤول كبير! هذا رغم تميز وكفاءة الأطباء والممرضين، وتفانيهم الوطني في المواجهة بالمقارنة بدول أخرى.

ومع كل ما سبق يصر السيسي أن يؤكد على ثوابت حكمه منذ 3 يوليو 2013 محذراً ومخوفاً ان تتحول أجهزة الدولة عنها ولا تسانده ومنها..

- حرصه الشديد على انقسام الشعب، وأن كل من يعارضه هو من الأشرار وعلى رأسهم الإخوان المسلمين، وكأنه لا مانع عنده من محاولة جر البلاد للعنف الدموي الذي كان بطله واعترف به منذ اندلاع ثورة 25 يناير، وفضحته موقعة الجمل وما تلاها من مجازر طالت كل أبناء الوطن، مسلمين ومسيحيين، ليبراليين واشتراكيين أو إخوان مسلمين، وصولاً لمذبحة رابعة العدوية وما بعدها حتى تاريخنا اليوم.

- ليس هناك إعلام حر وإنما إعلام موجه بما يمليه هو فقط، وما عداه فهو من الشائعات والتشويه الذي يضر إنجازاته.

- التأكيد على عدم قبول أي عمل شعبي تطوعي من خلال منظمات المجتمع المدني ، والمخول بالقيام بهذا الدور هو الجيش فقط بأفرعه المختلفة.

- أن الجيش ورجالاته فقط هم من لهم الحق في حكم مصر وتوجيهها وإطعامها وتنفيذ كل مشروعاتها، ولو رغماً عن دور مؤسسات الدولة المدنية أو ما ورد في الدستور.

- أنه لا قيمة لدستور البلاد عنده ولا الفصل بين السلطات الثلاث، وأن العمل بالدستور واحترامه ينتهي دوره عقب كتابته وبمجرد الاستفتاء عليه.

وبناء على ما سبق، أضع الحقائق الآتية بين أيدي الشعب بكل قواه ومكوناته السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية، سواء من معارضي نظام السيسي أو من زمرته ومن يؤيده، لعلها تعين العقل الوطني في حسن تقدير الموقف والنظر بعين الاعتبار لما يقتضيه مستقبل الوطن:

- دستور البلاد ومؤسسات الدولة ورموزها أقوى من أي حاكم أياً كان، وخصوصاً إذا ما تعلق الأمر بالوطن وأمنه القومي.

- وجوب الحفاظ على كل مؤسسات الدولة فهي الباقية، وإن تغير النظام ورحل الحاكم.

- احترام الدستور والعمل به صمام أمان للدولة بشعبها ومؤسساتها وأي نظام يحكمها.

- لا يمكن القبول مجتمعياً أو دولياً بأي إنجاز يذكر لمصر الدولة وما زال يقبع في معتقلاتها ما يتجاوز المئة ألف معتقل، ثم تحدثني عن مستقبل مشرق للوطن!

- وكذلك لا يمكن السكوت طويلاً على زيادة معدلات نسبة الفقر التي تتجاوز نصف عدد السكان، وأن يحاصر الدين العام سيادة واستقلال واستقرار الوطن.

- الانقسام المجتمعي وإنكار الدور الإيجابي للمعارضة المصرية، وفي القلب منها الإخوان المسلمون، هو إنكار بالتبعية لما ثار عليه المصريون ضد نظام مبارك، ما يعيق أي إنجاز وطني بما فيه المشروعات الوطنية الكبرى، ويفتح الباب على مصراعيه أمام أزمات عانى منها الوطن كثيراً وقوضت أي تقدم أو نهضة.

- الإخوان المسلمون لن تثنيهم اعتقالات وانتهاكات نظام السيسي عن الوقوف جنباً إلى جنب مع الشعب المصري في محنة جائحة كورونا، رغم كل ما يعانونه، فرفع العناء عن كاهل أي محتاج غاية لن تفرط أو تقصر فيها الجماعة بأي حال من الأحوال. وليس أدل على ذلك من إلحاح مرشد عام الجماعة على قاضيه أن يتركه ومن معه يضحون بأرواحهم فداء لمقدسات المسلمين ومواجهة صفقة القرن المزعومة، وكذلك بيان الأطباء المعتقلين استعدادهم مواجهة وباء كورونا، وأخيرا المؤتمر الصحفي بعنوان "شعب واحد.. نقدر" الذي يؤكد أن التعاون والمشاركة لمواجهة وباء كورونا فريضة.

- والذي يجب أن أؤكد عليه هنا وكما غردت سابقا: "كما أنه لا يمكن اعتبار كل إنجاز لمصر الدولة بشعبها ومؤسساتها نجاحاً للسيسي، لا يمكن اعتبار أي فشل للسيسي إخفاقاً لمصر بشعبها ومؤسساتها، فتاريخ وعطاء المصريين يتجاوز من يحكمها آلاف المرات والعمل الشعبي التطوعي خير برهان".

- الوباء العالمي يفرض على الجميع (مؤيد ومعارض) العمل بروح الفريق الواحد، وأن يسموا بآلامهم وإستحقاقاتهم تغليبا للمصلحة العليا للوطن.

- استحالة بقاء الوضع اللاسياسي كما هو طويلا، وأن الاستئثار بالسلطة والاستئساد بالجيش والشرطة لن يدوم إلى ما لا نهاية، وتحريك الماء الراكد اليوم بلا شك أفضل للوطن من غد.

- أن النظام الذي لا يستطيع التعاطي إيجابياً مع معارضيه هو نظام هش سهل الانكسار ويعرض البلاد لمخاطر عديدة.

- ضرورة التفكير استراتيجيا وبعمق إذا ما زادت وتيرة انتشار وباء كورونا عالميا، وتخلى الداعمون إقليميا ودوليا عن مساندة نظام السيسي وانكفأ الكل في محنة الوباء، وما قرصنة بعض الدول لاحتياجات طبية تخص دول أخرى منا ببعيد.

- ضرورة التفكير في ما إذا زادت العدوى وطالت مدة العزل والتوقف عن العمل وخرجت الأمور عن السيطرة، خصوصا أن المعاهد البحثية والاستخباراتية تترقب اندلاع احتجاجات شعبية في بعض البلدان، مع إمكانية تغير النظام العالمي وما يترتب عليه من تحالفات يمكن أن يعاني منها الوطن.

أقول ناصحاً ومنبهاً لكل من اتصف بالحكمة وبُعد النظر إنه ليس من مصلحة أحد (مؤيد أو معارض) أن تدخل البلاد في حالة من الانفلات وعدم السيطرة تؤدي إلى فوضى مدمرة.

ولا بديل لكل مسؤول أياً كان موقعه (مؤيد أو معارض)، يعمل لوطنه محباً ومخلصاً له، إلا أن يستمر في التوضيح والتفنيد وسوق الأدلة للضغط من أجل الإصلاح والعمل على وحدة الشعب بكل مكوناته دون إقصاء أو تمييز، والنظر بعين المستقبل قبل فوات الأوان.

ولنعلم أخيراً أن الصمت أو اليأس والانسحاب في تحقيق ما سبق ستكون عواقبه وخيمة على المصلحة العليا للوطن التي تعلو على أي نظام أو مسؤول، بمن فيهم السيسي.

"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".

أضف تعليقك