قالت وكالة سبوتنيك، إن قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي أجرى تغييرات جذرية على المناهج الدراسية لتحسين صورة دولة الاحتلال الإسرائيلي، بعد سنوات من تربية الطلاب على كراهيتها.
وأضافت سبوتنيك، في تقرير ترجمته “الحرية والعدالة”، أنه على الرغم من أن إسرائيل لا تزال توصف بأنها قوة احتلال، إلا أنها تُصوَّر أيضا على أنها شريك موثوق به، في حين يُقدَّم الاتفاق التاريخي “معاهدة كامب ديفيد” على أنه محوري لاستقرار مصر.
وأوضحت الوكالة أن إسرائيل عندما وقعت معاهدة سلام مع مصر في نهاية مارس 1979، كانت تأمل في أن تنهي هذه الوثيقة، التي وقعت في واشنطن، ثلاثة عقود من الحرب بين البلدين.
وقد تكشّفت هذه الآمال في كثير من النواحي، فسحبت إسرائيل قواتها من سيناء وفككت المستوطنات التي بنتها في شبه الجزيرة. وفي المقابل اعترفت القاهرة بالدولة العبرية ووافقت على إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية مع تل أبيب.
وأشارت الوكالة إلى أنه بمجرد توقيع المعاهدة، سحبت الدول العربية الصديقة لمصر سفراءها من القاهرة وفرضت مقاطعة اقتصادية كاملة على البلاد، ووصفت الرئيس المصري آنذاك أنور السادات، الذي وقّع الاتفاق التاريخي، بأنه خائن اختار التعاون مع عدو؛ وقد كلّفه التوقيع على الاتفاق التاريخي في نهاية المطاف حياته.
نظام التعليم يولد الكراهية
وتابع التقرير: بعد اغتيال السادات، أرادت مصر العودة من جديد إلى جامعة الدول العربية، لكنها كانت مترددة في إسقاط اتفاق السلام مع إسرائيل، وقررت استخدام مجموعة مختلفة من التكتيكات، وبينما أظهرت القاهرة على السطح تعاونا مع إسرائيل، طرح نظامها المدرسي رواية تنكر شرعية الدولة اليهودية.
ونقلت الوكالة عن عمرو زكريا، الخبير المتخصص في العلاقات الإسرائيلية المصرية، قوله: “أرادت القاهرة أن تظهر أنه على الرغم من معاهدة السلام، فإن الموقف تجاه إسرائيل لم يتغير وأن قلوب المصريين لا تزال مع الفلسطينيين. ولهذا السبب ذُكرت إسرائيل في الكتب المدرسية كعدو مرير لمصر،” كما أن العديد من الفصول في الكتب الدراسية كانت مخصصة لقضية الصراع الإسرائيلي العربي والفلسطيني، في حين “تم تهميش معاهدة السادات للسلام “.
ونوهت الوكالة إلى أنه في عام 1989، حتى بعد انتهاء مقاطعة مصر استمرت القاهرة في سياستها التعليمية المناهضة لإسرائيل، وأظهرت الدراسات التي فحصت كتب التاريخ والدين المدرسية في مصر منذ التسعينيات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أنها ترفض أي صلة يهودية بأرض إسرائيل، وتصورها على أنها دولة غير شرعية تخدم الإمبريالية الغربية.
كما أن الخرائط الجغرافية التي ظهرت في الكتب المدرسية تشير إلى إسرائيل باسم “فلسطين المحتلة”، في حين تم رفض سيادة إسرائيل على القدس الشرقية، وتأكيد التراث الإسلامي والمسيحي للمدينة المتنازع عليها.
ولفتت الوكالة إلى أن هذه السياسة، التي نُفذت على مدى ثلاثين عاما في عهد مبارك بأكمله، قد أسفرت عن نتائج وأفرزت المدارس جيلا من المواطنين الذين لا يعرفون أو لا يريدون الاعتراف بدولة الاحتلال. كل ما يعرفونه هو أن إسرائيل هي قوة احتلال لأن هذا ما قاله لهم معلموهم”.
وواصلت الوكالة: “ولهذا السبب، عندما أطيح بمبارك ووصل الإخوان المسلمون إلى السلطة، تصاعدت المشاعر المعادية لإسرائيل، وبرزت رسائل تضمنت “أجر الجهاد” و”تحرير فلسطين من مخالب الاحتلال”، وعلى الرغم من أن حكم جماعة الإخوان المسلمين لم يدم طويلا بما يكفي لنتمكن من تقويض العلاقات مع إسرائيل، إلا أنه نجح في الإضرار بصورة الدولة اليهودية في أعين عامة الناس”.
وقالت الوكالة، إنه في عام 2015 نشر المركز المصري لأبحاث الرأي العام دراسة تؤكد أن المصريين يعتبرون إسرائيل “البلد الأكثر عدائية”.
رياح التغيير
وأضاف عمرو زكريا أنه “عندما وصل السيسي إلى السلطة، قرر تغيير تلك المعادلة، بزعم أن مصر وإسرائيل تشتركان في عدو مشترك هو تهديد الإرهاب، وأقر بأن تربية الكراهية لن تحل المشكلة الفلسطينية.
وأوضح أن هناك عاملا آخر أسهم في التغيير، وهو تحول الموقف تجاه إسرائيل في العالم العربي. وعلى الرغم من أنه لم توقع أي دولة خليجية اتفاق سلام مع إسرائيل حتى الآن، إلا أن التعاون يزدهر مع دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين التي تتولى القيادة، مضيفا أن هذه الأسباب جعلت مصر في عهد السيسي تتخذ نهجا معتدلا تجاه إسرائيل، وقد انعكس ذلك أيضا في الكتب المدرسية.
وأشار إلى أن مصر أصدرت، في عام 2015، كتابًا جديدًا بعنوان جغرافية العالم العربي وتاريخ مصر الحديثة، مخصصًا للصف التاسع، وعلى الرغم من أن الكتاب لم يتضمن خريطة تشير إلى إسرائيل على هذا النحو، وكرر بعض الرسائل القديمة، بما في ذلك مفهوم الأرض الفلسطينية المحتلة، إلا أنه طرح أيضا عددا من الأفكار الجديدة.
وأوضح أن الكتاب قدم دعما أكثر وضوحا لاتفاق سلام مع إسرائيل، وأشاد بالمزايا الاقتصادية لمثل هذا الاتفاق التي يعتبر حاسما لاستقرار مصر وتنميتها، كما صور إسرائيل على أنها شريك السلام الشرعي ونشر لأول مرة صورة رئيس الوزراء آنذاك مناحيم بيغن، الذي وقع الاتفاق التاريخي مع الرئيس السادات، وأخيراً، خصص الكتاب مساحة أقل للصراع الفلسطيني والصراع ضد إسرائيل (12 صفحة مقارنة بـ32 كتابا في عام 2002)، مفضلاً التركيز أكثر على اتفاق السلام بين البلدين.
أضف تعليقك