في بلادنا المنكوبة بفيروسات الفشل والتخلف، عندما يتحدث المسئولون يلقون باللائمة على الشعب المسكين، أما في العالم المتحضر فنسمع أن وزيرا استقال أو طلب إعفاءه من المسئولية لفشله في إدارة ملفٍ ما، أو أنه أخفق في أداء عمله. لكن في بلادنا فإن المسئول الفاشل يتحدث باعتبار أنه مصلح زمانه.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، وزيرة صحة الانقلاب تقول بكل ثقة: “لو فشلنا في مواجهة كورونا هيبقى بسبب سلوكيات الناس؛ لأن الدولة- على حد زعمها- توفر كل الاستعدادات للوقاية من فيروس “كورونا”، مثل الكمامات وغيرها، وإجراءات الدولة الاحترازية لتقليل عدد الإصابات اليومية”.
وقالت على إحدى فضائيات الانقلاب: “لو فشلنا هيبقى لأن الناس مخدتش بالاحتياطات الواجبة، لأننا قلنا تباعدوا وهم أصروا ينزلوا، مفيش طاقة لأي دولة مهما كانت قدرتها المالية، إنها تعمل مستشفيات تستوعب البشر في حالة حدوث تفشي، ومفيش قوة بشرية في أي دولة تشتغل على ده”.
“نعمل على تقليل منحنى الإصابات حتى يمر الأمر بسلام. الدولة تبذل مجهودًا غير طبيعي، ونعمل لمدة 24 ساعة يوميًا”.
وليس من تفسير إلا لأن الشعب المسكين- يا وزيرة الغبرة- “مش فارقة معاه”؛ لأنه لو لم يمت بكورونا فسوف يموت حرقا أو غرقا أو جوعا أو عطشًا، أو تحت عجلات القطارات أو بسبب عاصفة التنين!. النظام الفاشل يعرف أنه فاشل، لكنه يعلق فشله دائما على الآخرين.
قنوات الرقص والكذب والدجل والتطبيل التي من المفترض أن تقوم بدورها بنشر حملات توعية للشعب، مشغولة بالتطبيل للنظام الفاشل، ومع ذلك يصر النظام على تعليق الفشل على شماعة الشعب.
الوزيرة الفاشلة تعلم علم اليقين أن الشخص الألماني الذى توفى قبل أسبوعين، دخل البلاد وهو حامل للفيروس، ودخل من المطار بكل أريحية، ولم يخضع لإجراءات الحجر الصحي، فلماذا لا يُحاسب المسئولون على دخوله. أم أن الشعب هو الذى سمح له بالدخول؟!.
والطريف أن وزيرة صحة الانقلاب تنتقد عقد حلقات الذكر، وتقول: إن “فيروس كورونا” انتشر في إيران بسبب “مُولد”، ولكنها لم تتحدث عن أكوام اللحم البشرية المكدسة في وسائل المواصلات، ولا عن آلاف المعتقلين في سجون الانقلاب!.
ومن يتكلم عن الفيروس وعن خطورته يعتبر في عرف الوزيرة الفاشلة خائنًا، ويسهم في الحرب الكونية ضد مصر المحروسة أو المخروسة؛ لأن مصر محروسة بأولياء الله الصالحين.
الوضع في مصر جد خطير، بدليل تصريحات السفير الفرنسي في القاهرة، الذى وجه خطابه للرعايا الفرنسيين في مصر قائلا لهم: إن “أمام مصر أسابيع صعبة، وسيكون أمام إمكاناتها الطبية تحدٍ صعب”.
وإن مصر ستواجه عزلة مثل باقي بلدان العالم، بسبب تفشي الوباء، مؤكدا استعداد السفارة لتقديم المساعدة لكافة الرعايا.
وبمناسبة عيد الأم قالت الوزيرة: “أنا بقولكم إحنا خايفين على كبار السن واللي عندهم أمراض مزمنة، والحوامل. إنت متعرفش إنت عندك المرض ولا لأ.. حامل للمرض ولا لأ”. “مش عايزة أقول منرحلهمش بس التخالط مضر، وهما بيبقوا تعبانين جدا”.
ومن تصريحات الوزيرة الألمعية: “إن المصابين بفيروس “كورونا” في مصر يتعافون من المرض بدون أدوية”. جاء ذلك بعد الإعلان عن ارتفاع الحالات المصابة إلى 110.
وزارة أوقاف الانقلاب بدورها أدلت بدلوها في كورونا، وكان لها حضور لافت من خلال فتوى “أيمن أبو عمر”، مدير عام الفتوى، وبحوث الدعوة بـ”الأوقاف”، قائلا في فتواه: “إن من مات بسبب فيروس كورونا فهو شهيد”.
وتابع “فالنبي– صلى الله عليه وسلم- قال ذلك، إنه من الشهداء “من مات بالطاعون فهو شهيد. فالطاعون يظهر فجأة وينتشر بين الناس بصورة مخيفة، وينطبق هذا الأمر على فيروس كورونا. والشريعة لا تفرق بين المتماثلات، فحكم من مات بالطاعون مثل من مات بفيروس كورونا”.
وهناك حملة انتشرت في مصر ترفع شعار “خليك بالبيت”، كحل احترازي للحد من تفشي وانتشار وباء كورونا.
ولكن هذه الحملة تكون في الدول التى تحترم آدمية الإنسان، وتحترم العلم، وليست الدول التى تبنى أكثر من خمسين معتقلاً دون أن تجدد مدرسة أو مستشفى. كما أن الدول التى رفعت شعار خليك بالبيت تكفلت بخدمة شعوبها، أو قامت بصرف مبالغ مالية للشعب خلال بقائه بمنزله.
وقامت بتوفير الخدمات اللازمة والضرورية من أجل إنجاح الحجر الصحي، والمحافظة على أرواح شعوبها.
لكن ماذا عن شعب غالبيته تحت خط الفقر، ولا يملك قوت يومه؛ يعاني من البطالة ويئن من الفقر والجوع والأمراض المزمنة؟!
والمفروض في مثل هذه الأزمات والكوارث والأوبئة، أن يختفى المطبلاتية والمشخصاتية وبقية الفيروسات الفتاكة من المرتزقة ومصاصى الدماء، ويظهر العلماء، وأصحاب الرؤى لإيجاد الحلول لمواجهة الوباء!.
لكن في مصر، وفى المواصلات العامة المكدسة، تسمع حديث الساعة، من السذج والحمقى والمغفلين، بأن “مصر اخترعت علاجا للكورونا، وأمريكا عاوزاه بس الريس مش موافق، وبيضغطوا عليه بسد النهضة، وهو رافض، لأنه عاوز يديه للصين، وأمريكا عاوزاه علشان توقع اقتصاد الصين”.
وتنتشر الشائعات التى تطلقها الشئون المعنوية لعسكر كامب ديفيد انتشار النار في الهشيم، ناهيك عن تطبيلة “مصطفى بكرى”، العابرة للفيروسات والقارات، التى قال فيها: “بعد زيارة الوزيرة للصين، وزيرة الصحة تسافر إلي إيطاليا، المرض يتراجع في الصين، غدا سيتحدث العالم عن هذا القائد العظيم عبد الفتاح السيسي، والأيام بيننا، بارك الله فيه وفي جهده لإنقاذ البشرية، ومتابعة أحوال الدول المنكوبة، إنه القائد الإنسان بمعني الكلمة، تحيا مصر، ويحيا القائد الجسور”.
والسؤال لهذا المطبلاتي: هل الفيروس تقلص في الصين لكى يتمدد في مصر؟، “ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”.
أضف تعليقك