انتهت قبل أيام انتخابات مجالس إدارات الصحف القومية، وأشهد أنها جرت بنزاهة، والذين نجحوا أراهم بالفعل أهلا لذلك! وهم ستة في كل مؤسسة صحفية، اثنان يمثلان أصحاب الأقلام، واثنان من الإداريين، واثنان من العمال، فيكون المجموع ستة فرسان.
والمفترض لو كانت صحافتنا حرة أن ينطلق هؤلاء مع رئيس كل مؤسسة صحفية للنهوض بالمؤسسة التي ينتمون إليها!، ولكن لأن هذه الصحف حكومية وليست قومية، فالحكومة تقوم بتعيين ستة من عندها في مجلس الإدارة ينتمون إلى ذات المؤسسة؛ لتكون لها الكلمة الأولى، خاصة وأن رئيس مجلس الإدارة معين هو الآخر!.
وهذا الأمر موجود منذ زمن؛ حتى تضمن السلطة الحاكمة أن تعبر تلك الصحف عنها، لكن الجديد في الموضوع أن الحكومة اشتدت قبضتها على هذه الصحف، ولم يكن هذا الأمر موجودا من قبل، حيث كان لرئيس مجلس الإدارة حرية واسعة في التصرف ما دام ولاؤه مضمونا لمن جاء به!.
وقبل سنوات أُنشئت عدة هيئات للإشراف على الإعلام، منها الهيئة الوطنية للصحافة ويرأسها حاليا زميلنا “كرم جبر”، وتلك الهيئة مسئولة بالكامل عن كل ما يحدث في الصحف القومية، ولا يستطيع مجلس إدارة أي مؤسسة اتخاذ أي قرار مهم دون موافقة تلك الهيئة.
وزمان قبل ثورة يناير كانت تلك الصحف تتبع مجلس الشورى نظريا، ولها حرية واسعة في ترتيب بيتها، ولكن رجعنا “للخلف در” في ظل تلك الهيئة.
وتلك هي البلوى الأولى، ومن نتائجها المباشرة “بلوى ثانية” تتمثل في فشل تلك الصحف دون استثناء في أن يكون لها مواقع إلكترونية ناجحة يقبل الناس عليها بعد تراجع التوزيع الورقي؛ وذلك بسبب القيود المفروضة عليها من فوق!.
وصدّق أو لا تصدق، أصدرت الهيئة الوطنية فرمانًا بأن يكون لكل مؤسسة صحفية موقع إلكتروني واحد فقط لا غير، وهذا بالطبع يدخل في دنيا العجائب، وترتب على ذلك إغلاق العديد من المواقع الإلكترونية حيث كان لكل مطبوعة صحفية داخل المؤسسة الواحدة موقع إلكتروني، وهكذا تخلفت الصحافة القومية، أقصد الحكومية، أمام ثورة الاتصالات.
والبلوى الثالثة تراجع هامش الحريات إلى حد بعيد، ووجود رقابة على الصحف بمقتضى قانون الطوارئ المعلن في البلاد، ولم يجد القارئ فائدة من قراءة الصحف على اختلاف اتجاهاتها وأنواعها بسبب القيود المفروضة عليها، فانصرف إلى العالم الإلكتروني الواسع الذي لا توجد عليه رقابة حتى الآن وربنا يستر.
أضف تعليقك