" يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي"
فقد تلقينا بقلوب مفعمة بالرضى بقضاء الله وقدره نبأ وفاة المفكر الإسلامي الكبير وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور محمد عمارة عن عمر يناهز 89عامًا بعد رحلة قصيرة مع المرض ، وكان رحمه الله بمثابة الحارس اليقظ المرابط على ثغور الإسلام، كما وصفه العلامة القرضاوي، وكان عالماً ومكافحاً، دافع عن الإسلام ضد التيارات التي تعاديه، ورد على العلمانيين والليبراليين، وغيرهم، ما يفوق نصف قرن، وكتب عن التيارات الإسلامية وعن الغرب والإسلام ،وعن الجماعات وعن الدولة والشبهات التي تثار حول مسألة الدولة في الإسلام، ودافع عن مشاريع المصلحين الكبار كأمثال الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وحسن البنا. فرحمه الله وأسكنه فسيح جنانه وعوض للأمة خيرا منه.
ولد رحمه الله في 8 ديسمبر/كانون الأول 1931، بقرية قلين بمحافظة كفر الشيخ، بدأ حفظ القران في السادسة من عمره، وحصل على ليسانس اللغة العربية والعلوم الإسلامية بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1965، وحصل على الدكتوراه في العلوم الإسلامية تخصص في الفلسفة الإسلامية عام 1975.
كان اعتقال عمارة في أواخر الخمسينيات بمثابة إرهاصات لتحول فكري جديد، فكان سجنه خلوة فكرية تأمل خلالها مع ذاته وأفكاره فراجع مواقفه، فخلال سجنه بدأت بواكير مرحلة البعد عن اليسار بعد أن اكتشف أن حل المشكلة الاجتماعية هو في الإسلام وليس في الصراع الطبقي واليسار والماركسية، فتفرغ بعد خروجه من السجن عام 1964 للمشروع الفكري.
وشغل عمارة عدة مناصب منها عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، ورئيس تحرير لمجلة الأزهر، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، كما كان عضوا باللجنة التأسيسية لدستور 2012.
وعقب إطاحة الجيش بالرئيس الراحل محمد مرسي أصدر عمارة بيانا أكد فيه أن ما حدث في 3 يوليو/تموز 2013 هو "انقلاب عسكري على التحول الديمقراطي الذي فتحت أبوابه ثورة 25 يناير2011".
وصاياه
وكشف نجل عمارة عن بعض وصايا والده قبل رحيله التي تمثلت في "إقامة صلاة الجنازة أو صلاة الغائب على والده في أكبر عدد ممكن من مدن العالم"، بالإضافة إلى نشر أفكار عمارة بين الناس في كل مكان سواء عن طريق نشر كتبه أم مقالاته أم أحاديثه وتسجيلاته أم مقاطع مسجلة من برامجه ومحاضراته.
وقد فقدت الأمة الإسلامية علما من أعلامها العظام وعالما من علمائها المخلصين الأفاضل نسأل الله العلي القدير أن يغفر له ويرحمه رحمة واسعة ويعفو عنه، ويجزيه خير الجزاء، ويكرم نزله، ويدخله جنة الفردوس، ويحشره مع النبيين والصديقين وحسن أولئك رفيقا، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه وزملاءه الصبر والسلوان إنه نعم المولى ونعم المجيب.
أضف تعليقك