• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

أكد الكاتب الألماني راينر هيرمان إن السيسي أبعد ما يكون عن استحقاق التكريم، ومع ذلك تقوم الدول الغربية "بتدليل نظامه"، وذلك في تعليق على قصة منحه وساما ألمانيا (وسام من أوبرا ألمانية) ثم التراجع عنه. 

وحسبما نقل موقع "دويتشه فيله" الألماني الشهير، عن هيرمان خبير الشؤون السياسية في صحيفة "فرانكفورتر ألجماينة"، فإنه لا شيء تحسن في مصر في السنوات الماضية، بل إن الوضع حاليا أسوأ مما كان عليه في 2011 عندما خرج المصريون للتظاهر وأطاحوا بالمخلوع مبارك. 

في المقابل، يقول الكاتب إن "واقع مصر السيسي يبدو مختلفا تماما عما عليه الحال في إثيوبيا؛ فالجيش المصري -الذي قاده السيسي مشيرا حتى انتخابه رئيسا في 2014- يشارك في حروب، كتلك الدائرة في ليبيا وفي اليمن. وفي مصر أيضا يتحكم هذا الجيش في نصف الاقتصاد على الأقل، ليضمن الجنرالات الامتيازات، ويمنعون المنافسة.

واستعرض هيرمان قصة التكريم، مشيرا إلى أن البداية كانت عندما قرر هانس-يواخيم فراي، مدير دار أوبرا زمبر في مدينة دريسدن، منح وسام جورج للسيسي في 26 يناير الماضي، مشيرا إلى أن منظمي مهرجان دار الأوبرا قرروا لاحقا التراجع عن منح الجائزة للسيسي. 

وأضاف الكاتب "بدا الأمر مثل جائزة نوبل صغيرة أراد منظمو مهرجان دار أوبرا دريسدن "زيمبر أوبر" منحها؛ فقد أرادوا تكريم السيسي  هذا العام، ظنا منهم أنه "رجل دولة" مدعين ضمن حيثيات التكريم أنه "باعث للأمل ومشجعا لقارة بأكملها"، كما ظنوه "باني جسور متميزا وصانعا للسلام". 

وقارن الكاتب الالماني بين السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الذي نال جائزة نوبل للسلام، مشيرا إلى أن الأخير أبرم سلاما مع إريتريا إثر نزاع استمر عقدا من الزمن، وداخليا أطلق سراح معتقلين سياسيين، كما اعتقل مَنْ يخرق حقوق الإنسان وفتح البلاد سياسيا واقتصاديا. 

وتشير التوقعات إلى أن عدد المعتقلين السياسيين يفوق ستين ألف شخص، ولم تكن السجون في مصر أبدا مليئة بهذا العدد من السجناء من قبل، ناهيك عن التقارير المسربة إلى الخارج التي تتحدث عن أشكال التعذيب الفظيعة. 

ويضيف هيرمان "ولم تعد في مصر أي معارضة تستحق أن يُطلق عليها اسم معارضة". ووسائل الإعلام -الرائدة سابقا في العالم العربي- تدهورت إلى أبواق دعاية موالية للحكام، وفقدت بالتالي أهميتها، كما أن القانون القمعي لعمل المنظمات غير الحكومية يسلب المجتمع المدني الحي سابقا كل بريق هواء للحرية. ومن يدافع عن هذه السياسة لا يُعد باني جسور وناشر سلام، وليس حامل أمل ولا يشجعه. 

ويشير الكاتب الألماني إلى أن القيادة المصرية تعلل رسميا هذا القمع بضرورة ضمان الاستقرار، لكنه يضيف أن "ما كان في 2011 سيئا وأدى إلى الاحتجاجات الشعبية في ميدان التحرير وفي كافة أرجاء مصر هو اليوم أسوأ؛ فالبنية التحتية لا تواكب نمو السكان، ونظام التعليم في وضع كارثي، وجزء قليل فقط -من بين أكثر من مليون من الشباب المصريين- الذي يدخل كل سنة سوق العمل يجد عملاً". 

استقرار خادع

ويلفت الكاتب النظر إلى أمر آخر؛ حيث يقول إنه "في 2011 كانت توجد متنفسات لتفريغ الضغط، كالوسطاء السياسيين وأحزاب المعارضة، وكذلك المجتمع المدني ووسائل الإعلام الحرة، وهذه المتنفسات باتت منغلقة اليوم، والضغط الداخلي في تزايد وغليان، خاصة في الطبقة الوسطى التي تكافح من أجل البقاء اقتصاديا. وفي عام 2011 كانت هناك فرصة لتحول منتظم؛ فهذا الباب انغلق منذ الثورة المضادة في 2013، وتحولت قبضة اليد الحديدية إلى قبضة خنق". 

وفي ما يتعلق بموقف الدول الغربية ختم الكاتب قائلا "تراجع منظمو مهرجان دار أوبرا دريسدن عن منح السيسي الجائزة، لكن السياسة الغربية تواصل تدليل نظامه، لأنه في النهاية يمنع تسلل اللاجئين من أفريقيا. وهذه النظرة إلى مصر تبدو قاصرة، لأن ثمن هذا الاستقرار الخادع قصير المدى هو خطر حتى لا تفشل مصر على المدى المتوسط؛ فالحكام العسكريون المعاصرون لا يقومون بما يجب القيام به كي لا تغرق البلاد في التحديات الهائلة التي تواجهها".

أضف تعليقك