تحت عنوان "سجون السيسي.. مقابر الأحياء"، نظم التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، السبت، مؤتمرا صحفيا بمدينة إسطنبول التركية، حول ما وصفه بالقتل البطيء، وتزايد الانتهاكات ضد المعتقلين السياسيين داخل سجون الانقلاب.
وشدّد القيادي بتحالف دعم الشرعية، مجدي سالم، على أنه "لا توجد منظومة عدالة في مصر، فقد صدرت أحكام سياسية بالجملة لا تتسم بالنزاهة على الإطلاق، وفي ظل انعدام استقلالية جهات التحقيق التي تُعد شريكة في الجرائم التي يرتكبها النظام، لأنها جهات ليست مستقلة وليست عادلة أو نزيهة".
واستنكر، في كلمته بالمؤتمر، ما وصفه بالدور المشبوه الذي يؤديه المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أكد أن دوره الوحيد هو غسل أيادي سلطة الانقلاب من الدماء والانتهاكات التي ترتكبها، لافتا إلى أنهم تقدموا بشكوى لنادي باريس الذي تنضوى تحت المجالس القومية المتخصصة لحقوق الإنسان في العالم، كي يبطل عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان في هذا النادي.
وأشار سالم إلى أنه شخصيًّا مكث في سجن العقرب 14 عاما، ويعلم جيدا أبعاد الأوضاع وما يدور بداخله، مؤكدا أنه "لا توجد به أي حياة آدمية، وقد أقرت بذلك تقارير حقوقية دولية ومحلية، ومنها ما يسمى بالمجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) الذي طالب بتعديل السجن أو إلغائه تماما".
وذكر سالم، الذي يشغل منصب نائب رئيس الحزب الإسلامي، أن "الإهمال الطبي داخل السجون هو قتل مُتعمد عبر المنع من العلاج، والزيارة، والأغطية، والملابس، ومنع كل سبل الحياة عن المعتقلين داخل سجن العقرب".
وتلا القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، مدحت الحداد، بيان المؤتمر الذي أكد فيه أن "سجون السيسي لم تعد فقط مقابر للأحياء، بل هي جعلت من الوطن كله سجنا لأبنائه، ومقابر لأحلامه وتطلعاته في العيش الكريم والعدالة والحرية".
وأضاف البيان: "لقد تجاوزت سلطات الانقلاب العسكري في مصر كل الخطوط الحمراء في تعاملها مع الشعب المصري، ونحن هنا لا نقول تجاوزت السياسة، وسخرت من القانون، وأهانت القضاء، وانهارت بسبب كل ذلك منظومة العدالة".
ولفت إلى أن فكرة الإنسانية والأخلاق أيضا لم تعد تؤرق ضمير تلك الضغمة العسكرية الفاشية، والحقيقة أنها مجردة من ذلك الضمير منذ اليوم الأول؛ فقد بدأت بالدماء والقتل، وباعت الأرض والعرض والمقدرات، وأفقرت البلاد والعباد".
وأردف: "لقد قتلت سلطة الانقلاب مئات المواطنين الأبرياء في سجن العقرب وغيره من السجون المصرية، ولا نقول قتلتهم إهمالا، بل عمدا مع سبق الإصرار، ولم تفرق في ذلك بين مواطنا كان رئيسا شرعيا لمصر هو الدكتور محمد مرسي أو شيخا كبيرا مريضا هو الأستاذ مهدي عاكف أو شابا صغيرا أكاديميا اسمه جوليو روجيني أو إعلاميا واعدا في ربيع عمره اسمه محمود صالح، وكان آخر هؤلاء هو الشهيد مصطفى قاسم الذي يحمل الجنسية الأمريكية، ولكنهم قتلوه وكأنه مصريا".
ولفت بيان تحالف دعم الشرعية إلى أن "هذا النظام فاقد للشرعية؛ فلا شرعية لنظام جاء بصناديق الذخيرة والدبابة والقتل والقنص، وآن أوان جلبه للعدالة والقصاص منه، وأن منظومة العدالة والقضاء في مصر هي منظومة منهارة وعاطلة عن العمل لا وجود لها".
وذكر أنه "لا فرق في منظور العدالة ومفهوم الأخلاق وشعور الإنسانية بين ضحية يحمل جنسية أجنبية وبين الضحايا المصريين الذين يموتون ليل نهار فلا يجتمع لموتهم كونغرس أو يدين قتلهم مسؤولا أمميا هنا وهناك"، منوها إلى أن "العالم بات يعرف اليوم كمّ الجرائم التي يرتكبها النظام المصرى بالضبط كما يعرف جرائم الأسد وحفتر، وآن أوان أن يقول لهم العالم كفى قتلا، وتعذيبا، وفسادا".
وأكمل البيان: "يجب أن يدرك الضمير الحر في كل العالم أن هؤلاء وأمثالهم لن يكونوا أبدا جزءا من الحل، ولا أملا في استقرار أو تنمية أو رخاء، وأن قيمنا الإنسانية المشتركة تتطلب جلب هؤلاء إلى العدالة الدولية ليكون العالم أكثر أمنا وإنسانية، وحتى لا تبقى مصر كلها مقبرة للأحياء".
بدوره، قال رئيس المكتب السياسي بالمجلس الثوري المصري، عمرو عادل، إن "الاستمرار في المحاولة والضغط على المجتمع الدولي هو أحد مساراتها الرئيسية في ملف المعتقلين بمصر، وأن أحد أهم أهداف النظام من القمع الوحشي هو استمرار بناء حاجز الخوف لدى الشعب من المصير المحتمل لكل من يعارض أو يطالب بحقه".
وأضاف عادل: "نحن نصر أن الشعب حتما سيتحرك في يوم ما، وسيستمر المجلس الثوري والقوى الوطنية في مخاطبة كل كل المجتمعات والمنظمات الدولية، وسيستمر في دعوة الجماهير للتحرك حتى تتحرر مصر".
وتابع: "كانت السجون المصرية منذ عشرات السنين مضرب المثل في الظلم والاستيداد، وكان التعذيب الممنهج أحد وسائل السلطة لتحقيق أهدافها سواء بإذلال المعتقلين وكسر إرادتهم أو إنهاء حياتهم بشكل كامل، وخلال السنوات السبع الأخيرة وبعد انقلاب تموز/ يوليو توحشت ظاهرة التعذيب، وانتهى وجود القانون كحائط صد ضد تغول الدولة المستبدة، وأصبحت كل منظومة العقاب والعدالة أدوات في يد النظام لتمكينه من رقاب الشعب وترسيخ جدار الخوف والاستبداد".
ونوّه إلى أن "المردود الكارثي لهذه التصرفات نراه في التوحش داخل المجتمع في تعاملاته، فأصبح القتل هو الحل الأسهل والأسرع، وأصبحت الفوضى هي الحاكمة، وانتهى أي احترام القانون بالمجتمع"، مؤكدا أن "معاملة الأسرى والمختطفين في سجون الانقلاب تجاوزت كل الخطوط الحمراء وسط صمت مخز من المنظمات الحقوقية والدولية حول حقوق السجناء المصريين، وأصبحت وصمة عار ستطارد كل من شارك وصمت عن هذه الجريمة".
وقال: "نحن في المجلس الثوري المصري نفعل ما بيدنا من مخاطبة كل المنظمات الدولية المعنية، وكذلك منظمات المجتمع المدني لعل ضميرا يصحو أو توازنات تتغير، وننقذ الأبطال في سجون مصر".
وأضاف: "هذا الملف الضاغط وبشده نفسيا على الجميع هو أحد أكثر الأمور المزعجة والمؤثرة على كافة القوى الوطنية الحقيقية التي تسعى جاهدة بكل وسائلها المتاحة لحل تلك المشاكل سواء حلا حاسما أو على الأقل توفير الحماية القانونية والإنسانية للمعتقلين بمصر، وذلك بمعاملتهم وفقا للقانون والقواعد المستقرة في معاملة السجناء".
من جهته، ذكر رئيس حزب الفضيلة، محمود فتحي، أن "جوليو ريجيني الإيطالي، والرئيس محمد مرسي، ومصطفى قاسم الأمريكي، وقبلهم وبينهم وبعدهم مات وسيموت المئات في سجون مصر تحت التعذيب والقتل البطيء. وللأسف عشرات الآلاف من المعتقلين مرشحين لنفس هذا المصير؛ فالسيسي يقتل المعتقلين بسلاح الجوع والبرد والمرض، ويحارب عموم الشعب المصري بسلاح الإفقار والقهر والمرض وتضييع مقدرات وموارد مصر".
وأشار فتحي إلى أن "الإهمال الطبي المتعمد، والظروف القهرية في السجون لمدة 7 سوات تؤكد أن معدلات القتل المتعمد في سجون العسكر ستزيد الأيام القادمة، ولابد للشعب المصري أن يتحرك في موجة ثانية للثورة المصرية، ولا بد للعالم الحر أن يرفض ما يحدث في مصر".
وزاد بقوله: "لغة الأرقام لا تكذب، في مصر 68 سجنا بنى السيسي منها 25 بعد الانقلاب، وهناك حوالي 380 مقر احتجاز، ومعدل الإشغال في السجون 400%، كما صرح مساعد وزير الداخلية، أي أن الإجرام في حق المعتقلين زاد بنسبة 4 أضعاف، وأعداد المعتقلين عشرات الآلاف حاليا، ومجموع من ذاق مرارة الاعتقال مئات الآلاف منذ الانقلاب حتى الآن".
واستطرد فتحي، وهو مؤسس تيار الأمة، قائلا: "في عام 2019 مات في مقار الاحتجاز المختلفة 39 معتقل بينهم امرأة، وحجم الاستغاثات من المعتقلين بالمشارفة على الموت 300 معتقل".
كما لفت ممثل البرلمان المصري في الخارج، محمد فرج، إلى أنه "تم قتل 192 معتقلا داخل السجون، وتم إعدام 54 مصريا، فضلا عن إصدار 1514 حكما بالإعدام، وهذا يعبر عن مدى وحجم الظلم الذي يتعرض له المصريون داخل السجون وخارجها".
وتحدث عن الانتهاكات التي تعرض لها البرلمانيين الذين تم انتخابهم عام 2012، قائلا: "هناك 10 نواب معتقلين ماتوا داخل السجون، و58 نائبا لازالوا معتقلين، و72 نائبا مطاردين خارج مصر، و26 نائبا في تعداد الاختفاء القسري، وهؤلاء هم جزء من الشعب الذين تم انتخابهم في أول انتخابات نزيهة تحدث الآن بمصر".
أضف تعليقك