• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

بقلم..علي أبو هميلة

كعادته استيقظ من نومه في السادسة صباحا، تلك العادة التي شارك فيها جيله كله فهو من جيل كان الاستيقاظ مبكرا فرضا عليه.. مشى نحو مكتبه وبدأ يطلع على الاخبار العالمية قبل أن يعلق على اي حدث منها على تويتر الذي أصبح وسيلته الوحيدة في التواصل مع أبناء وطنه

مثل معظم الدبلوماسيين الذين عاش معهم لم يكتفِ  بالنظرة العامة للأخبار بل بحث كثيرا أيضا في معظم التحليلات السياسية الموجودة على مستوي العالم.. ثم بدأ يتطلع الى الاخبار القادمة من الوطن فأثارت مجموعة من الاخبار انتباهه

السيسي في الكنيسة: انتوا قلقانين ليه؟ ربط بين الجملة وتلك الحملة التي ملأت الدنيا في مصر عن معركة ليبيا

فشل مفاوضات سد النهضة وجولتها الخامسة عشرة.. أثار ذلك في ذاكرته ما قرا عن النيل وأهميته لمصر فالنيل شريان حياة المصريين.. وتذكر تلك الصورة التي التقطت في مارس ٢٠١٥ عند توقيع اتفاق المبادئ وتشابك الأيدي.. كان ذلك بعد خروجه من مصر بأشهر عدة.

أنباء عن نوايا للحكومة المصرية ببيع شركة الحديد والصلب بحلوان.. رغم أنه ينتمي للفكر الليبرالي في الاقتصاد إلا أن بيع مصانع التصنيع الثقيل والخدمات الاستراتيجية يقلقه كثيرا.. وتتابعت الأخبار أمامه  

وفاة أربعة مصريين في سجون النظام خلال الأسبوع الماضي بسبب البرد

اعتقال مجموعة جديدة من الشباب الذين ينتمون لحركات ثورية

توقع ارتفاعات جديده في أسعار السلع الرئيسية التي يعتمد عليها المصريون في حياتهم

لن اذهب الي تويتر
كست وجه الرجل السبعيني لمحات من الحزن نظر الى شاشة التلفزيون الذي ينقل له شاشات عالميه كثيرة ولم يشأ أن يزعج أحدًا في المنزل فقام من كرسيه وتوجه الى المطبخ ليعد فنجانًا من القهوة بنفسه.. تذكر أنه لم يقم بهذا الموضوع منذ فترة طويلة وقرر في داخله أنه لن يكتب شيئا على تويتر اليوم فقد ملت روحه الكتابة الى من لا يقرأ ولا يفهم

أمسك الرجل تليفونه المحمول وخلال خطواته من المكتب الى المطبخ بدا وكأنه يبحث عن رقم هاتف ما على ذاكرة الهاتف بينما يقلب في الهاتف رأى أسماءً كثيرة كان قد نسي أنها موجودة من قلة أو عدم الاتصال سواء منهم أو منه

هذا فلان يا الله أنه في سجن كذا يقضي عقوبة تهمة سياسة ... وذاك فلان لقد خرج من اعتقاله مؤخرا وأغلق بابه عليه ولم يعد أحد يسمع له صوتاً ... ثم هذا الكاتب الذي كان يوجد معه في كل المناسبات لقد خرج من البلاد ولم يعد يستطيع أن يعود إليها.. وذلك الإعلامي الذي اختفى بعدما وقع في خطأ لا يقع فيه من يعمل بالعمل العام

ذاكرة الهاتف بها أسماء كثيرة.. هذا الإعلامي الذي كان يظن أنه صوته والذي بشر به كثيرا بين الناس ولكنه للأسف تناسى بعد قليل من ذهابه وحاول أن يستمر على نهجه ولكنه أيضا ذهب إلى الاختفاء

من يا ترى من من هؤلاء يستطيع أن يتواصل معه الآن لعله يفعل شيئا ما في هذا الوضع الذي وصل إليه وطنه وصار مهينا لكل من ينتمي إليه؟

تذكر عودته الأولي الى القاهرة في النصف الثاني من عام ٢٠١٠ وكيف استقبل كأمل للمصريين في التغيير.. تذكر الجمعية الوطنية للتغيير وكيف تأسست.. ذهب بخياله الي الاجتماعات مع كل القوى السياسية الموجودة في مصر وتوحدهم جميعا في وجه مبارك.. تذكر التوكيلات التي جمعت له

عاد الأسى يكسو وجه الرجل والحزن يشع من عينيه لقد تغيرت ملامح كثير من الناس وأحوالهم  أظهرت الأيام وجوها غير تلك الوجوه التي عرفها  أو تعرف إليها أما الذين عرفهم ولا يزالون على مبادئهم ويمكن أن يفكر في أحد منهم فمعظمهم الآن يقبع في سجون النظام سواء من التيارات المدنية أو التيارات الإسلامية تذكر أن عبدالمنعم أبو الفتوح في السجن وعبدالعزيز الحسيني ويحيي عبدالهادي حسين وهشام جنينه وحسن نافعة وحازم حسني  تذكر ائتلاف شباب الثورة وتذكر أن معظم أعضائه في السجون أو مطاردين خارج البلاد وكم من شباب الثورة المصرية في السجون غير هؤلاء ولكن هل هذا مبرر للوقوف عاجزين أمام ما يحدث ؟ أم أن كل هذا يستدعي التضحية؟ حتى لو وصل الأمر إلي أمانه الشخصي لم يلحظ الرجل الذي كان أملا كبيرا في لحظات من عمر الوطن أن فنجان القهوة وصل لدرجة الغليان (القهوة فارت وكما يقول المصريون.. دلق القهوة خير) صب الرجل فنجان قهوته لأول مره يشرب قهوة هكذا منذ سنوات بعيدة 

توافق مع مدن كثيرة في العالم
توافقت حالة الرجل الذي كان ملء السمع والبصر مع حالات أخرى لآخرين كانوا أملًا للمصريين في يوم ما خلال السنوات العشر الأخيرة.. استيقظ الجميع على الإحساس العام بالقهر والمهانة من صمتهم الذي طال دون مبرر حقيقي وإن كان لكل واحد منهم مبرره الداخلي الذي يسوقه لنفسه ومبررا آخر يسوقه لجماهيره أو للناس عبر منصات التواصل

كانت المفاجأة الكبرى بينما الرجل يرشف فنجان القهوة غارقا في الحزن إذ تليفونه المحمول يدق.. يا الله تليفون من القاهرة

 هل يمكن أن نستمر هكذا.. كان الصوت القادم من القاهرة يتحدث

 نعم لا يمكن الاستمرار فقد أصبح الشعور بالإهانة لا يحتمل

 إذن لابد من البحث عن حلول.. الوطن يغرق في مصائب كثيرة والأوضاع في الإقليم. تلزمنا أن نتحرك، فنحن مسؤولون عن ضياع أمة كاملة

نتفق إذن ولنفكر معا كيف يمكننا أن نصنع التغيير وها هو ٢٥ يناير قادم فلنكفر فيما ارتكبناه جميعا من خطايا خلال السنوات التسع

اتفق الرجلان على التواصل فبينهما الكثير من الاتفاقات العامة والإنسانية وكذلك المحبة الخالصة للوطن

توالت الاتصالات بين جميع العواصم التي يوجد بها مصريين وبين الرجل وبين القاهرة حيث الأمل الحقيقي في هؤلاء الذين ما زالوا يتمسكون بالحق في مواجهة هذا الطغيان الكاسح في مصر

تواصلت القاهرة.. لندن.. القاهرة.. فينا.. القاهرة.. روما.. فينا.. اسطنبول.. اسطنبول.. القاهرة..  كان الاحساس العام في كل العواصم وفي القلب منها القاهرة أن أي تأخير في العمل والحركة هو بمثابة إعلان وفاة الوطن وما إدراك ما سقوط مصر بالنسبة للمنطقة العربية كلها

خطوات تم الاتفاق عليها خلال المحادثات التي تمت منذ عدة أيام وحتى الان
أولا: نسيان كل ما تم خلال السنوات التسع الماضية واعتبارها صفحة وأغلقت فالوطن أبقى من كل الخلافات

ثانيا: الإعلان عن وصول كل المصريين السياسيين خارج البلاد الي القاهرة خلال يومي ١٧ و١٨ يناير بلا تأخير على الجميع أن يعودوا الى أرض الوطن

ثالثا: على كل القوي الثورية في داخل البلاد أن تعلن عزمها على استقبال الجميع بمطار القاهرة دون إقصاء لأحد والدعوة للشعب المصري ليكون حاضرا في هذا الاستقبال

رابعا: أن من يتأخر أو يشكك أو يتنصل من الوجود والحضور أو يفتت في هذا التجمع سيكون في نظر الجميع ساعيا للفرقة

خامسا: الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي مدني تمثل فيه كل القوي الوطنية

هذا ما تم الاتفاق عليه بين ممثلي جميع القوي الوطنية والسياسية في مصر خلال اتصالات أجراها الرجل مع كل أطراف العملية الثورية وهكذا تم الاتفاق على أن يوم ٢٥ يناير ٢٠٢٠ سيكون يوما لتحرير المصريين ويوما لخروج جميع المعتقلين السياسيين والمتهمين في قضايا سياسية ليست لها أي علاقة بجرائم جنائية.. 

هذا المقال محض خيال للكاتب ولا يوجد أي تشابه بينه وبين ما سيحدث في ٢٥ يناير القادم ولم يكن لأي طرف ورد ذكره في المقال علاقة به نهائيا

أضف تعليقك