بقلم.. محمد عبدالقدوس
عنوان مقالي هذا قد تراه يدخل في دنيا العجائب ويثير دهشتك وغيظك أيضًا، وتتساءل: إزاي؟ التدخل التركي سيزيد الأمور تعقيدًا في ليبيا التي مزقتها الحرب الأهلية.. فكيف أقول بعد ذلك إن الحل السياسي قادم هناك؟ والإجابة يمكن تلخيصها في أربعة تطورات حدثت في مجريات الأمور بالحرب هناك.
1_ أمريكا أوقفت دعمها للمشير “حفتر” الذي يحكم شرق ليبيا بعدما اكتشفت أن روسيا تؤيده بقوة، ومؤخرًا سافر وفد من خصمه من غرب ليبيا إلى أمريكا للتأكد من ذلك، والتقى قيادات الكونجرس ووزارة الخارجية الأمريكية.
2_ من المستبعد جدا أن يقع صدام بين تركيا وروسيا في ليبيا؛ وذلك بسبب مصالحهما المشتركة في سوريا، والحرص على العلاقات الاستراتيجية بينهما، والجدير بالذكر أن هناك مرتزقة من الروس يقدر عددهم بأكثر من ألف مقاتل إلى جانب قوات حفتر، بالإضافة إلى الأموال الروسية الطائلة التي أنفقتها روسيا هناك على القبائل لضمان ولاءها له. ولذلك بعد التدخل التركي لا بد من إيجاد حل سياسي لمنع الصدام بين الدولتين.
3_ التدخل التركي سيؤدي إلى توازن القوى بين الأطراف المتحاربة، وبالتالي لن يكون الحل بعمل عسكري، بل بعمل سياسي.
4_ الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة يعترفان بحكومة طرابلس باعتبارها تمثل الشرعية في البلاد، ولها حكومة معترف بها دوليًّا، عكس دول السعودية ومصر والإمارات التي تدعم “حفتر” وتريد منه حسم المعركة عسكريًّا، والدخول إلى العاصمة طرابلس بحجة القضاء على المليشيات الموجودة هناك. وهو ما تنفيه الحكومة هناك وتقول إن المليشيات موجودة في الطرف الآخر، وتتمثل في المرتزقة الروس وغيرهم الذين يقاتلون إلى جانب قوات شرق ليبيا.
وفي يقيني أن كلام الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة “هو اللي هيمشي” في النهاية! فلا يوجد حل عسكري بل جمع الطرفين في حوار ومفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي.
والأيام القادمة كفيلة بتأكيد ذلك، وفي النهاية لا أستطيع أن أشكر تركيا بل أقول “رب ضارة نافعة”؛ لأن كل تدخل في الشأن الليبي مرفوض سواء من قاموا بتأييد “حفتر” الذي يحكم شرق ليبيا، أو من ساندوا حكومة طرابلس التي تحكم غربها وأجزاء من وسط البلاد.
ملحوظة: بعد كتابة المقال جاءت الأخبار بأن مؤتمرًا دوليًّا خاصًّا بليبيا سيعقد في العاصمة الألمانية برلين تحت رعاية الأمم المتحدة، يجمع الأطراف المتخاصمة على مائدة المفاوضات للبحث عن حل سياسي للحرب الأهلية الدائرة هناك.
أضف تعليقك