• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

.. هذا رد على رواية الصديق الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، عن فترة حكم الرئيس الشهيد محمد مرسي. وبما أن أطرافها في القبور، أو السجون، فالسكوت عن محاولة تقديم سرد دقيق، يعد جريمة أو على الأقل تواطؤًا بالصمت على ما أسميته التوثيق الخليع لما جرى:

مبدأ احتفاظ أعضاء الجبهة الوطنية بمسافة فاصلة عن المناصب الرسمية، أو الاستشارية، بقي قائمًا، بل كان جزءًاً أساسيًا من الرسالة الأخيرة الموجهة إلى الرئيس محمد مرسي في مؤتمر صحافي شهير، انعقد في ساقية الصاوي بعد 27 يومًا من تولي الرئيس الحكم، شرّفت بالمشاركة في صياغة البيان الصادر عنه، وتلاوته على الشعب المصري، تحت عنوان "تصحيح المسار"، فيما أطلق عليه الإعلام المناوئ للرئيس "الإنذار الأخير".

فيما بعد، تكاد الجبهة الوطنية تكون قد ماتت إكلينيكيًا، بعد أن رأى كثيرون، منهم الراحل حمدي قنديل، أنه لم يعد هناك مبرّر لوجودها، بعد أن التحق أعضاء منها بالمناصب الرئاسية، وأيضًا ما بدا أنه عدم اعتداد بمطالبها وتوصياتها. واللافت أن الذين قرّروا الابتعاد عن الجبهة اقترابًا من المناصب الاستشارية، كانوا هم الأسرع في الاستقالة، حين تصاعد نشاط الثورة المضادة لإسقاط الرئيس، ليذهب بعضهم إلى المعسكر الآخر، مدللًا تلك الثورة المضادة بمنحها وصف "موجة ثورية"، منهم سكينة فؤاد، أو أيمن الصياد الذي جمعني به لقاء على شاشة الجزيرة مباشر من القاهرة مساء 30 يونيو/ حزيران فاجأني خلاله بوصفه ذلك اليوم بأنه أحد أيام ثورة يناير العظيمة.. بينما آثر آخرون الصمت، مثل سيف عبد الفتاح، أو لجأ فريق آخر للاختباء في حفرة فاصلة بين الثلاثين من يونيو، والثالث من يوليو، وكأنهما حدثان منفصلان عن بعضهما بعضا.

يروي الدكتور سيف عبدالفتاح، في شهادته عن أحداث الاتحادية واستقالته من منصبه مستشارًا للرئيس، أنه أدرك أنه لم تعد هناك جدوى من الاستمرار، وأنه استقال من المنصب الرئاسي ليلتحق بثورة الشعب المصري، ويعيد تنظيم صفوفها للسير بها نحو تحقيق أهدافها، وهذا حقّه بالطبع، ولا يصحّ أن يحاسبه عليه، أو يمنعه منه أحد، أو يتهمه بالهروب أو التخاذل أو التخلي عن الرئيس في أخطر أزمه تواجهه، ذلك أن الحياة اختيارات، لا يستطيع أن يصادرها أحد على أحد.

في تلك الفترة، كانت الثورة المضادّة مدعومة بتدفقات الخارج ومؤامرات الداخل، تعد العدة ليكون الخامس والعشرين من يناير 2013 موعدًا لإسقاط الرئيس مرسي، غير أن هذا التاريخ مر وبدا كما لو أن الغبار قد انقشع، وخرجت مصر من النفق المظلم.

في تلك الأثناء، تم إقرار الدستور الجديد، بعد الاستفتاء عليه، وبدأت الاستعدادات للذهاب إلى انتخاباتٍ برلمانية، بعد إقرار قانون الانتخابات من مجلس الشورى الذي صدر قرار جمهوري بزيادة عدد أعضائه بتعيين تسعين عضوًا من الأحزاب، بحسب أوزانها السياسية، ومن الشخصيات المستقلة، وقد آثر الفقيه الدستوري الراحل الدكتور ثروت بدوي وكاتب هذه السطور الاعتذار عن عدم قبول التعيين، وخصوصًا أن ممثلي بعض الأحزاب كانوا يتعاركون مثل التلاميذ على حصص التعيينات.

في ذلك الوقتـ،، كانت جلسات حوار وطني حقيقي تدور في مقر رئاسة الجمهورية، بدأت بإلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس، وأثار أزمة حصار الاتحادية، ومرت بصياغة قانون للانتخابات النيابية، بعد اجتماعاتٍ ماراثونية. وقبل ذلك حصر ومناقشة المواد المطلوب تغييرها في وثيقة الدستور، وقد شارك في هذه المناقشات، عن بعد، عديد من أعضاء "جبهة الإنقاذ" أرسلوا 17 ورقة تتضمّن 21 اقتراحًا مكتوبا، تتضمن المواد التي يرون تعديلها أو إضافتها، ومن هؤلاء عمرو موسى، محمد أبو الغار، فريد زهران، ومنى ذو الفقار.

في الإجمال، يمكن القول إنه بمرور يناير/ كانون ثاني 2012 من دون إسقاط الرئيس محمد مرسي، عن طريق مؤامرة إقليمية قادمة من أبو ظبي تحديدًا، تقوم بتمويل وتحريك ثورة مضادّة بالداخل، كانت قد تكونت ملامح صورة تقول إن النظام خرج من هذه المعركة سالمًا، وإن مظاهر استقرار سياسي واقتصادي بدت واضحة.

في تلك اللحظة تحديدًا، عبر عدد من المستشارين المستقيلين وقت الشدة عن رغبتهم في العودة إلى مقاعدهم، وهناك أربعة منهم على الأقل أوصلوا رسائل مباشرة بأنهم يريدون العودة، غير أن الرئيس مرسي لم يتحمّس لذلك، مبديًا دهشته، وقائلًا لمن نقل إليه رسالتهم "قل لهم إن العواصف لم تمر، بل أنها لم تبدأ بعد"، ثم كانت عبارته الشهيرة التي سمعها منه كثيرون ممن التقوه بقصر الاتحادية في ذروة الأزمة "وهناك كلمة الرئيس المشهورة لكل ضيوف الاتحادية من أصدقاء الثورة "لما تلاقوا دمي سايح في الاتحادية لن أتراجع بس انتم كملوا".

.. وهذا موضوع نستكمله لاحقًا.

أضف تعليقك