• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانية واحدة

بقلم.. ممدوح الولي

 تتعدد صور الغش الغذائي بالأسواق المصرية بداية بإضافة مواد إلى الفول البلدي وجبة المصريين الشعبية لسرعة النضج، واستعمال زيوت طعام سبق استخدامها لقلي البطاطس وعمل الطعمية، وبيع منتجات غذائية منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر، والنتيجة تدمير صحة المصريين وكثرة الحالات المترددة على المستشفيات نتيجة التلوث الغذائي. 

فبعد ارتفاع أسعار اسطوانات الغاز وفواتير الغاز الطبيعي، لجأ بعض أصحاب عربات بيع الفول إلى إضافة مادة "إدتا" والتي تخفض مدة تسوية الفول إلى وقت أقل كثيرا من الاحتياج إلى حوالي 12 ساعة لإنضاجه .

ويجيء توفير الطاقة هذا على حساب إصابة آكلي هذا الفول بتجلط الدم والتهاب الكبد والفشل الكلوي وهشاشة العظام والضعف الجنسي. 

وتتعدد صور التلوث بتصنيع الفول، بداية من تفريغ أجولة الفول إلى قدرة الفول مباشرة دون غسله أو تنقيته، وعدم الغسل الجدي لأوعية إعداد الفول، وإضافة بعض مكسبات الطعم واللون للحصول على اللون الأحمر الذي يحوز إعجاب المستهلك، إلى وضع الفول ساخنا في أكياس بلاستيك بما يسبب مشاكل صحية . 

ولا تكتفي محلات الفول والطعمية "الفلافل" بذلك، حيث تشتري بعضها كميات من الزيت السابق استخدامها بمصانع السيبشي، لإعادة استخدامها في قلي البطاطس وعمل الطعمية، وحتى مع استخدام زيوت لم يسبق استخدامها يتم شراء زيوت مهدرجة أقل تكلفة، كما يتم إعادة استخدام تلك الزيوت في القلي عدة مرات رغم التحذيرات الصحية من ضرورة استخدامها مرة واحدة .

استمرار الاستهلاك بسبب الفقر 

يسبب تكرار الاستخدام لزيت القلي تصلب الشرايين وضعف الذاكرة والفشل الكلوي والكبدي، لكن عوامل زيادة التكلفة تحول دون ذلك، وللحصول على أقراص طعمية كبيرة الحجم يقوم البعض بإضافة الخبز العفن والفول المدشوش وكميات من كربونات الصوديوم . 

ورغم انتشار المعرفة بتلك الأمور ما زال المصريون يلتفون صباح كل يوم حول عربات الفول، لأنها الأرخص لتوفير وجبة إفطار تمنحهم الطاقة طوال اليوم . 

وكشفت تقارير زراعية أن المزروعات المجاورة لطريق القاهرة الاسكندرية الزراعي، يكثر بها عنصر الرصاص بسبب عوادم السيارت المارة على الطريق، وفي الريف تسبب عدم وجود صرف صحي بغالبية القرى في استخدام عربات كسح خزانات الصرف الصحي، والتي تلقى بدورها حمولتها في المصارف المائية، والتي يتم ري الزراعات بها، لتنتقل السموم إلى الزراعات . كما تسبب إلقاء الصرف الصحي والقمامة والحيوانات النافقة في المصارف إلى وصول تلك المياه بما تحتويه من عناصر ضارة إلى البحيرات، مما أثر على الأسماك الموجودة بها والتي تشكل موردا مهما للأسماك بمصر. 

وهكذا أصبح اللجوء إلى الغش الغذائي وسيلة للكسب السريع، فبعض مزارع الدواجن تقوم بإضافة مواد ضارة تزيد من الوزن، وبعض مزارع الخضر والفاكهة تضيف هرمونات ضارة لسرعة إنضاج الثمار، ومصانع اللحوم المصنعة التي حذرت منظمة الصحة العالمية من منتجاتها، تقوم بإضافة مسحوق النترات لاكساب اللحوم اللون الوردي، وبعضها يستخدم بقايا لحوم مجمدة منتجية الصلاحية ويقوم الفرم والإضافات بالتغطية على ذلك . 

ورغم ذلك وبسبب عامل السعر الأقل تجد تلك اللحوم المصنعة رواجا بالمناطق الشعبية كثيرة السكان بالمحافظات، مثل إمبابه والوراق المنيب بمحافظة الجيزة والسيدة زينب والجمالية ومنشية ناصر والمرج بمحافظة القاهرة، وحتى عبوات الفراخ البانية لم تخلُ من الغش وإضافة مواد عليها لتقليل التكلفة وتقليل كمية الدجاج بالعبوة.  

تقليل الخامات لخفض السعر 

وتنتشر بالمحافظات محلات لبيع ساندوتشات الكبدة بأسعار منخفضة، تجد رواجا بين البسطاء رغم كم الكبدة بالرغيف لا يمكن تبرير سعره، والذي يشير بوضوح إلى أنها ليست كبدة بالمرة، ويتكرر ذلك مع اللانشون والسجق ومحلات ساندوتشات الحواشي. 

كما تخلى كثير من المنتجين عن المواصفات القياسية واستخدام المواد الخام الجيدة خلال عمليات التصنييع لعوامل تتعلق بزيادة التكلفة . 

فتصنيع الطحينة يتطلب خامات من السمسم تزيد معها التكلفة مما يدفع البعض لإضافة مواد أخرى، والنتيجة طحينة مغشوشة، وكذلك بتصنيع الحلاوة الصحينية، حتى العسل الأسود يتم إضافة مواد له للحصول على قوام وكميات أكبر بتكلفة أقل . 

تتعدد صور الغش الغذائي بالأسواق المصرية بداية بإضافة مواد إلى الفول البلدي وجبة المصريين الشعبية لسرعة النضج، واستعمال زيوت طعام سبق استخدامها لقلي البطاطس وعمل الطعمية، وبيع منتجات غذائية منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر، والنتيجة تدمير صحة المصريين

كذلك البسكويت بالعجوة ومع زيادة سعر البلح والعجوة، تم إدخال مواد أخرى لعمل عجينة بها القليل من البلح، حتى أنه عند فركها تتحول إلى حبيبات بما يتنافى مع طبيعة العجوة، ويبرر أصحاب مصانع البسكويت بأن الزبون يريد منتجا رخيصا، وأن المنتجات التي تستخدم العجوة الخالصة أسعارها مرتفعة مما جعل الزبائن يعزفون عنها . 

ويحصل أصحاب مصانع العصائر على الفاكهة الفرز الثاني والمعطوبة من سوق الخضر أو من أصحاب المزارع ذات الإنتاج التالف، ليقوموا بتصنيعها مع تغطية مكسبات الطعم وغيرها لذلك، كما قاموا بتقليل المواد الطبيعية وإضافة مكسبات الطعم حتى تحولت العصائر إلى مجرد سوائل لها طعم نوع الفاكهة المكتوب على العبوة .

ونفس الأسلوب لجأت إليه مصانع الألبان بتقليل نسبة اللبن لتقليل السعر، حتى يمكنهم المنافسة بالسوق بعد أن أصبح السعر هو العنصر الحاكم لدى غالبية المستهلكين وليس الجودة. ونفس الأسلوب لجأت إليه بعض مصانع الشاي بإضافة مواد أخرى منها نشارة الخشب للحصول على الوزن، أما ما يسمى بعبوات المياه المعدنية فهي أكذوبة لدى غالب الشركات المنتجة . 

الفساد بين المنتجين والمفتشين 

ورغم وجود مفتشين للغذاء ومفتشين للصحة بالجهات الرقابية إلا أن عوامل ضعف الرواتب الحكومية وغيرها، عمقت علاقات الفساد بين كثير من هؤلاء والمنتجين، مما جعل المستهلكين فريسة سهلة لتلك الممارسات المتنوعة من الغش والتلوث الغذائي . 

وكانت هناك 12 جهة حكومية تراقب الغذاء، لكنه صدر قانون في كانون الثاني (يناير) 2017 بإنشاء هيئة قومية للغذاء تتبع رئيس الوزراء تختص دون غيرها بالرقابة على تداول الغذاء، والترخيص والتفتيش على تداول الأغذية وعلى العاملين بتلك الأنشطة، ونص القانون على انتقال العاملين بالجهات السابق عملها بمراقبة الغذاء إلى الهيئة الجديدة .
 
وكان من المفترض أن تصدر اللائحة التنفيذية للقانون بعد صدوره بستة أشهر كما ورد بالقانون، لكن اللائحة صدرت في شباط (فبراير) 2019، مما عطل عمل الهيئة والتي مازالت تجهز بنيانها الإداري والفني، حيث أعطى القانون لها حق التفتيش على الجهات المتعلق عملها بالغذاء بأنحاء البلاد وعلى العاملين في جميع مراحل تداول الغذاء .

وفي العام المالي الحالى 2019-2020 خصصت الموازنة الحكومية لهيئة الغذاء 105 مليون جنيه، موزعة ما بين 32 مليون لأجور العاملين بها و6.5 مليون جنيه لشراء السلع والخدمات ونفقات الإنارة والمياه والمستلزمات المكتبية والوقود والصيانة والإنتقالات، و60 مليون جنيه للإستثمارات، وهو ما يشير لصعوبة انتقال مفتشى الهيئة إلى منشآت تصنيع وتداول الغذاء بمختلف نوعياته، والتي يصل عددها إلى آلاف الجهات بأنحاء البلاد . 

وتتولى هيئة الغذاء عمل نظام لتتبع الغذاء في جميع مراحل الإنتاج والتجهيز والتصنيع والتعبئة والتداول حتى الوصول إلى المستهلك، لكن تلك المهمة لم تر النور بعد .

أضف تعليقك