• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

بقلم: ممدوح الولي

في أواخر مارس 2012 وخلال الفترة التي كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية يتولى مسؤولية حكم البلاد، دعا المجلس الأعلى كبار

الصحفيين والإعلاميين والكُتاب في لقاء، لاستعراض الموقف الاقتصادي الصعب للبلاد حينذاك، وعرض ما قام به الجيش وقتها لمساندة الاقتصاد، من تقديم قروض لأجهزة الدولة، وتقديم مليار دولار للبنك المركزي لدعم الاحتياطيات من النقد الأجنبي.

وامتد الحديث إلى النشاط الاقتصادى للجيش حيث ذكر اللواء محمود نصر مساعد وزير الدفاع للشؤن المالية وعضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أن هناك ثلاث جهات اقتصادية تتبع الجيش: الأول جهاز مشروعات الخدمة الوطنية الذي يتبعه 17 شركة وقطاع ومجمع، والذي بدأت أعماله بعد معاهدة السلام عام 1979.

 والثاني جهاز الصناعات البحرية ويتبعه ثلاث شركات تضم ترسانة الإسكندرية وشركة لإصلاح وبناء السفن وشركة للنقل النهري، والثالث جهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة الذي يتولى الاستفادة من الأراضى التي يخليها الجيش.

وذكر أن حجم أعمال جهاز الخدمة الوطنية عام 2011، بلغ 6.316 مليار جنيه حقق منها فائضا بلغ 1.1 مليار جنيه، وأن حجم أرباح الجهاز الصافية خلال الفترة من 1990 وحتى 2011 أي خلال إحدى عشر عاما بلغت 7.7 مليار جنيه.

سنتقاتل على مشروعاتنا
ومع فتح باب الحوار أشار أكثر من متحدث إلى ما طالب به أعضاء بالبرلمان وقتها بمراقبة أعمال النشاط الإقتصادى للجيش، كما طالب البعض بضمه للدولة، خاصة أن هذا النشاط يأتي على حساب القطاع الخاص، بالإضافة إلى غياب الشفافية حول مصدر تلك الأموال، وكان مناخ الحريات حينذاك يسمح بطرح مثل التساؤلات، بل ونشرها بالصحف باليوم التالي.                         

وكان الرد شبه حاد بأن هناك مشروعين دخلت فيهما القوات المسلحة، أحدهما بالكويت لتطهير ألغام والثاني بالمشاركة في إحدى عمليات السلام بالأمم المتحدة، وأنهما أدرتا ملايين الدولارات، وأكد أن هذه ليست من أموال الدولة ولن نسمح للدولة بالتدخل فيها لأن هذا سيخربها.

ودافع اللواء نصر عن النشاط الاقتصادي المستقل للجيش، لأنه يساهم في توليد موارد ذاتية تقلل من عبأ الإعتماد على موازنة الدولة للوفاء باحتياجات الجيش، حيث لا تكفي المخصصات السنوية المقررة من الموازنة العامة لتلك الاحتياجات، إلى جانب القيام بمشروعات لصالح القطاع المدنى كالتزام من منطلق المسؤولية

وقال أيضا: "سنقاتل على مشروعاتنا وهذه معركة لن نتركها، العرق الذي قدمناه ثلاثين عاما لن نتركه لأحد يدمره، ولن نسمح للغير أيا كان بالاقتراب من مشروعات القوات المسلحة، هذا جهد مخلص وأمين وندفع عنه ضرائب ومن يتعرض لهذا الموضوع يتعرض للأمن القومى المصرى"، ونفى أن يكون هذا النشاط الاقتصادي يخلق دولة داخل الدولة، ولكنه نوع من التفاعل مع مشكلات المجتمع وضريبة وطنية نقوم بها دون أن يُطلب منا، وأشار إلى معارضة بعض رجال الأعمال لدخولنا في قطاعات نحن مستهلكون رئيسيون فيها كالإسمنت.

الشريك يتقاسم الأرباح والإدارة
نذكر هذا الحوار بمناسبة تصريحات الجنرال المصري قبل أيام عن الاتجاه لطرح جانب من أسهم شركات الجيش بالبورصة، بعد مرور أكثر من سبع سنوات على هذا الحوار، لم تتم خلالها أي مراقبة برلمانية لتلك الأنشطة التي توسعت أنشطتها كثيرا عما كانت عليه عام 2012، وظهرت كيانات أخرى مثل جهاز الخدمات العامة بوزارة الدفاع، وصندوق إسكان أفراد القوات المسلحة وصندوق تمويل المتاحف العسكرية، إلى جانب الأجهزة الثلاثة التى كانت موجودة عام 2012.

ويظل السؤال هل يمكن أن يتخلى الجيش بعد زيادة أعماله وسلطانه طواعية عن نسبة من أسهم بعض شركاته؟ أو بمعنى أدق هل يسمح الجيش بما لديه من قدرات مالية كانت تقرض الدولة عام 2012 فما بالنا بماهي عليه اليوم - للقطاع المدني أن يدخل معه شريكا، في بعض شركاته التي اعتبرها حصيلة عرقه؟

لا شك أن هناك عدم قبول لذلك من البعض داخل أوساط الجيش، في ظل التراث التاريخي الذي أشار إليه اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر في مذكراته بأن الجيش لا يفضل أن يكون له شريك في أي من الأمور، بينما السماح للقطاع المدنى بشراء أسهم من شركات الجيش يعنى دخول شريك يتقاسم الأرباح، ويتقاسم مسؤولية إدارة تلك الشركات ويطلع على كافة أسرارها وأنشطتها.

كما أن قواعد قيد الشركات بالبورصة المصرية حسب قرار مجلس إدارة الهيئة العامة لسوق المال رقم 30 لسنة 2002، يقتضي بألا يتضمن النظام الأساسي للشركة طالبة القيد بالبورصة، أية قيود على تداول الأوراق المالية المطلوب قيدها، أي على المستوى العملي لا يمكن وضع قيود على تداول تلك الأسهم بأن تكون للجهات الحكومية فقط، أو لا يتم السماح للأفراد بشرائها، أو لا يتم السماح لأصحاب جنسية معينة أيا كانت بامتلاك تلك الأسهم.

ومن تلك الشروط تقديم الشركة طالبة القيد ملخص للعقود التي هي أو أية شركة تابعة لها طرفا فيها، موضحا بها الالتزامات المتبادلة محل هذه العقود والمبالغ المسددة بموجبها.                      

كذلك تقديم بيان معتمد من المحاسب القانونى للشركة بالموقف الضريبى وفقا لما يقضي به قانون الضرائب، وأيضا إلتزام الشركة طوال فترة القيد بالبورصة بإخطار البورصة فورا، وقبل بدء جلسة التداول بأية تعديلات تطرأ على الإفصاحات المرفقة بطلب القيد، أو أي تغيير فى البيانات التي قدمتها عند القيد أو في البيانات الواردة بنشرة الاكتتاب أو الطرح لأسهمها،

تقديم قوائم مالية لسنة مالية كاملة سابقة معدة وفقا لمعايير المحاسبة المصرية، وتم مراجعتها وفقا لمعايير المراجعة المصرية بواسطة أحد مراقبي الحسابات المقيدين بسجل هيئة الرقابة المالية، ومصدق عليها من الجمعية العامة للشركة.

تقديم قوائم مالية ربع سنوية من القوائم المالية للشركة مرفق بها تقرير فحص محدود من مراقب حسابات الشركة، خلال 45 يوما على الأكثر من تاريخ الفترة المذكورة.

   الجمعية العمومية وعزل مجلس الإدارة
وهنا ننتقل إلى إجراءات أخرى ستتعرض لها الشركة المقيدة بالبورصة، من قبل الجمعية العمومية بها، حسبما يقتضي القانون رقم 159 لسنة 1981 الخاص بالشركات المساهمة، والذي يعطى في المادة 59 منه الحق لكل مساهم بالشركة - أى لكل حامل لأسهمها - الحق فى حضور الجمعية العمومية للشركة بطريق الأصالة أو النيابة من خلال توكيل.

كما تعطي المادة 72 من القانون لكل مساهم يحضر اجتماع الجمعية العمومية، الحق في مناقشة الموضوعات المدرجة في جدول الأعمال، واستجواب أعضاء مجلس الإدارة ومراقبي الحسابات بشأنها، وله أن يقدم ما يشاء من الأسئلة، ويقع باطلا كل نص في النظام الأساسى للشركة ينص على حرمان المساهم من هذا الحق.

وحددت المادة 63 من القانون اختصاصات الجمعية العمومية العادية للشركة التي تجتمع سنويا، في انتخاب أعضاء مجلس الإدارة وعزلهم، ومراقبة أعمال مجلس الإدارة والنظر في إخلائه من المسؤولية، والمصادقة على الميزانية وحساب الأرباح والخسائر، والمصادقة على تقرير مجلس الإدارة عن نشاط الشركة والموافقة على توزيع الأرباح.

كما أعطت المادة 61 من القانون الحق لعدد من المساهمين يمثلون نسبة 5 % من رأس مال الشركة على الأقل، في طلب عقد جمعية عمومية عادية للشركة وعلى مجلس الإدارة الاستجابة لطلبهم.

وعلى المستوى العملي لتطبيق ما سبق فإن قواعد القيد بالبورصة جعلت الحد الأدنى للقيد لأسهمها أن تتكون بنسبة 10 % على الأقل من مجموع أسهم الشركة، أي أن مساهمي القطاع المدني بشركات الجيش التي سيتم طرحها ستكون نسبتهم 10 % على الأقل، إن لم تزد عن ذلك وبالتالي فإنه ستكون لديهم الاستطاعة لطلب عقد جمعية عمومية يعرضون فيها ملاحظاتهم على أداء مجلس الإدارة وإمكانية طلبهم عزل أعضاء مجلس الإدارة.

وهنا يظل السؤال هل هذه الثقافة الاستثمارية للشركات المقيدة بالبورصة، موجودة لدى أعضاء مجالس إدارة الشركات الجيش من كبار القادة، الذين جاءوا بالتعيين عندما يصبح اختيارهم بالانتخاب، والذين تعودوا على إصدار الأوامر وعدم السماح للمرؤوسين بالاعتراض على قرارتهم، أن يقبلوا بطلب أحد المساهمين بعزلهم من مناصبهم بالشركة؟، وربما كان المساهم مواطنا بسيطا لا يملك سوى عدد محدود من الأسهم!

أضف تعليقك