طالب عدد من السياسيين المصريين بتفعيل العصيان المدني ولو بطريقة تدريجية للحفاظ على الزخم الثوري وتفعيله، خاصة بعدما صار هناك قدر كبير من الصعوبة في الخروج للتظاهر في ظل القبضة الأمنية التي فرضها سلطات الانقلاب عقب مظاهرات 20 سبتمبر، وإجهاض عدة محاولات ودعوات أخرى للتظاهر.
واشترط الخبراء أن تكون هذه الخطوات تدريجية، وتسبقها توعية من جانب القوى السياسية المصرية، سواء كانت أحزابًا أو نقابات أو أي كيانات سياسية أخرى، بحيث يكون هناك نوع من الوعي الشعبي بمدى أهمية هذه التحركات وجدواها، على أن يكون هناك دعم من جانب طلاب الجامعات والمدارس بالتظاهر والخروج للشارع لدعم هذا العصيان.
فبعد دعوات الجمعة (27 سبتمبر) والثلاثاء الماضي للتظاهر والحضور الأمني المكثف بميادين القاهرة والمحافظات الذي حال دون قدرة المتظاهرين على الخروج والحضور،بدا التساؤل حول إمكانية استبدال العصيان المدني والإضرابات والاعتصامات في المصالح الحكومية والجامعات والمدارس والمصانع والشركات بالتظاهر، ولو بشكل تدريجي، وهو ما يقوم به العمال ببعض المصانع والشركات من آن لآخر.
وكانت محاولات مشابهة قد نجحت بمدينة المحلة (شمال) في أبريل عام 2008، وبعض المدن المصرية، وهو الأمر الذي كان ضمن العوامل التي مهّدت لثورة يناير 2011م.
وفي هذا السياق، يقول مصطفى خضري، مدير مركز "تكامل مصر للدراسات": إنه يمكن اللجوء إلى العصيان المدني ولو تدريجيا في نطاق ضيق، ومع بعض الفئات العاملة بالقطاع الخاص أو بعض مصانع قطاع الأعمال فقط، ولكن بصحبة تكتيكات أخرى كتظاهرات الجامعات وطلاب المدارس.
ويضيف: أما العصيان المدني العام؛ فلا يمكن تطبيقه في مصر الآن على الأقل؛ لأن مجمل الشعب المصري يقدس الوظيفة الحكومية، فهي تشعره بالأمان والاستقرار.
وأردف: لا أظن أن تغيير الوضع القائم سيأتي من خلال الخروج العشوائي للجماهير أو بعض العصيانات المدنية وفقط، بل لا بد من التعاون والتنسيق بين ثلاث جهات؛ الأولى: تنظيمات سياسية قادرة على الحشد كجماعة الإخوان المسلمين، الثانية: القوى الناعمة كالنقابات والفئات الواعية من المثقفين والكتَّاب والفنانين والمهنيين.. إلخ، بالإضافة لجهة أخرى داخل الدولة تريد التغيير.
وحول ما إذا كان تكرار تجربة السودان بخصوص العصيان المدني قال: إن التجارب الاجتماعية لا تستنسخ، وما حدث في السودان بداية لن تكتمل بالشكل الثوري الوردي الذي يتم تصديره، خاصة وأن هناك تياراً غير شعبي هو الذي تعاون مع الجنرالات للوصول للحكم، وأعتقد أنه سيتم الإطاحة بالرموز السودانية الحالية المتصدرة للمشهد، أما في مصر فقد وصلنا لمرحلة النضج الثوري؛ وهي مرحلة بطيئة لكن نتائجها أكثر استقراراً.
من جانبه، يقول الكاتب الصحفي قطب العربي: إن اللجوء للعصيان المدني كبديل للتظاهر أو حتى مكمل له يحتاج لفهم جيد للشارع المصري حاليًا والأوضاع الأمنية والبيروقراطية، والبدء بأنواع من العصيان المدني التي لا يتقبلها الشارع حاليًا أو غير جاهز لها هو حرق للمراحل وحرق للفكرة ذاتها.
ويضيف العربي: من الممكن أن يتم التعامل مع أنواع بسيطة من العصيان المدني لا تعرّض منفذها لأي ضرر، ويتم طرحها بشكل تدريجي، وتكون هناك خطة محكمة لهذا الأمر، بحيث لا يتم التعامل مع الأمر بشكل عشوائي يأتي بنتائج عكسية، ويتم إعداد الشارع لهذا الأمر حتى يتشجع الناس ويكون لديهم استعداد لخطوات وتحركات أكبر تأتي بنتيجة إيجابية.
ويرى حسام المتيم، الناشط السياسي، أنه من الواضح أن القبضة الأمنية الحديدية ما زالت هي الخيار الأنجع للأجهزة الأمنية لوأد أي حراك محتمل، لذا فطرح فكرة العصيان المدني ولو بشكل تدريجي تبدو منطقية ومواتية في ظل تصاعد حالة الغضب والغليان من قبل الشعب المصري بعدما تم كشف فضائح ووقائع الفساد المالي والإداري، غير أن عموم الشعب المصري من الكادحين لأجل قوت اليوم يمتازون بالصبر والتحمل الشديد، ومن غير المطروح - في رأيي الشخصي - استجابتهم لدعوات العصيان المدني حتى يكون هناك وعي وخطة تقودها الأحزاب والنقابات والقوى السياسية ليدرك الشعب قيمة هذه الخطوة ويتم تفعيلها.
ويضيف المتيم: النقطة المهمة أنه إذا أرادت أقطاب المعارضة السياسية المصرية الوصول بالشعب لمرحلة الوعي التام بحقوقه وبوسائل المطالبة بها سلميا كالعصيان المدني أو التظاهر؛ فعليها بذل بعض الخطوات المهمة التي وجب أن تسبق أي دعوة محتملة للعصيان أو الإضراب، وأولى هذه الخطوات هي التوحد على مشروع وطني يعالج مشكلات الواقع وتراكمات الفساد السياسي والإداري، وذلك قد يتأتى بتقديم مصالح الوطن والتوافق وتوحيد الصفوف والجهود.
من جهته، لا يزال قائد الانقلاب العسكري يزعم تعرض مصر لما أسماها بـ"المؤامرات الخارجية"، بحسب كلمة له بالذكرى السادسة والأربعين لحرب أكتوبر 1973م، اليوم الأحد.
أضف تعليقك