• الصلاة القادمة

    الظهر 11:01

 
news Image
منذ ثانيتين

إن تناول حياة الرجال العظماء الذين رسخوا قواعد دعوة الإسلام المعاصرة، ليست مادة تطرح من أجل الاطلاع أو التسلية، بل للتأمل، والتعلم، والاعتزاز بوجود مثل هؤلاء الذين أشعلوا مصابيح الهدى لتنير لشعوبهم ظلمات الطريق.

ولقد أطفئت سرج بعض هؤلاء العلماء في مثل هذا الشهر (أكتوبر)، ومن هؤلاء:

لم يكن عبدالرحمن سوار الذهب من الشخصيات التي تموت فيختفي أثرها، بل سطر قبل مماته أفعالاً من نور ستظل محفورة في قلوب ووجدان أجيال قادمة.

في ربوع مدينة هادئة؛ حيث الأعشاب والحشائش المخضرة والأشجار المورقة، وارتفاع ملحوظ لدرجات الحرارة، ولد عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب عام 1354هـ/ 1934م، بمدينة «الأُبيض» في شمال كردفان بالسودان.

تخرج سوار الذهب ضابطاً في القوات المسلحة السودانية يوم 8 أكتوبر 1955م، وتدرج في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة «فريق أول» بالقوات المسلحة السودانية، ثم رتبة «المشير»، وشغل منصب رئيس هيئة أركان الجيش السوداني، ثم أصبح وزيراً للدفاع عام 1985م.

في عام 1972م، استبعده الرئيس السوداني حينها جعفر النميري من الخدمة العسكرية دون سبب، فتوجه إلى دولة قطر ليعمل مستشاراً عسكرياً لأميرها، فكان أول من فصل الجيش ومهامه عن الشرطة القطرية.

وبسبب الفضائح التي لاحقت النميري، عاد سوار الذهب للجيش السوداني الذي ناصر ووقف بجانب الشعب في ثورته ضد النميري عام 1985م، غير أن سوار الذهب –الرجل الأول في الدولة- أعلن تسليمه السلطة للشعب، وأنه لن يكون بديلاً للنميري؛ فسلم السلطة عن رضا وهو في أوج قوته، ليصبح أميراً للقلوب وداعية يجوب البلاد لنشر سماحة الإسلام.

بعد أن تفرغ من السياسة وأعبائها، أصبح من أشهر الشخصيات الفعالة في مجال الدعوة والعمل الخيري؛ محلياً وإسلامياً وعالمياً، حيث حقَّق إنجازات مهمة من خلال رئاسته لمجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، التي شيَّدت الكثير من المدارس والمستشفيات والمستوصفات ومراكز الطفولة وملاجئ الأيتام والمساجد، كما أنشأت محطات للمياه، وحفرت مئات الآبار في أفريقيا، بل حاول قدر الإمكان المساهمة بوساطته حين كانت تضرب الأزمات السودان؛ مثل أزمة دارفور، وطرح مبادرة للوصول إلى حل في هذا الأمر.

ونتيجة لمشاركاته ونشاطه في مجال العمل الخيري والدعوي، مُنح جائزة «الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام» عام 2004م.

رحل سوار الذهب صباح الخميس 9 صفر 1440هـ، الموافق 18 أكتوبر 2018م، بالعاصمة السعودية الرياض، وكان قد أوصى بأن يُدفن في المدينة المنورة.

ولد الشيخ الألباني رحمه الله في عام 1914م، بمدينة أشقودرة عاصمة ألبانيا يومئذ، ونشأ في أحضان أسرة متواضعة متدينة، هاجر الألباني بصحبة والده إلى دمشق الشام للإقامة الدائمة فيها، بعد أن انحرف أحمد زاغو (ملك ألبانيا) ببلاده نحو الحضارة الغربية العلمانية.

أتم دراسته الابتدائية في مدرسة الإسعاف الخيري في دمشق بتفوق، ونظراً لرأي والده الخاص في المدارس النظامية من الناحية الدينية، فقد قرر عدم إكمال الدراسة النظامية، ووضع له منهجاً علمياً مركّزاً قام من خلاله بتعليمه القرآن الكريم، والتجويد، والنحو والصرف، وفقه المذهب الحنفي.

أخذ عن أبيه مهنة إصلاح الساعات فأجادها، حتى صار من أصحاب الشهرة فيها، وقد وفرت له هذه المهنة وقتاً جيداً للمطالعة والدراسة.

توجه الألباني إلى علم الحديث وهو في العشرين من عمره، متأثراً بأبحاث مجلة «المنار» التي كان يصدرها الشيخ محمد رشيد رضا.

في أوائل عام 1960م، كان الشيخ يقع تحت مرصد الحكومة السورية، مع العلم أنه كان بعيداً عن السياسة، وقد سبب ذلك نوعاً من الإعاقة له، فقد تعرض للاعتقال مرتين؛ الأولى كانت قبل عام 1967م لمدة شهر في قلعة دمشق، وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الإسلام ابن تيمية، وعندما قامت حرب عام 1967م رأت الحكومة أن تفرج عن جميع المعتقلين السياسيين.

لكن بعدما اشتدت الحرب عاد الشيخ إلى المعتقل مرة ثانية، في سجن الحسكة شمال شرقي دمشق، لمدة ثمانية أشهر، وخلال هذه الفترة حقق «مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري»، واجتمع مع شخصيات كبيرة في المعتقل.

عانى في أيامه الأخيرة من عدة أمراض، وكان صابراً محتسباً، وقد نحل جسمه كثيراً، وتوفي رحمه الله عصر السبت 2 أكتوبر 1999م، ودفن بعد صلاة العشاء.

سعيد القحطاني

الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صاحب أشهر كُتيّب في العالم الإسلامي «حصن المسلم»، الذي طبع منه ملايين النسخ في العالم، ويحتوي على جوامع الدعاء بعد اختيارها في عمليَّة تنقيب وتمحيص نادرة.

ولد الشيخ القحطاني ببادية وادي العرين في وادي الإسلي بجبال السود شرقي مدينة أبها بمنطقة عسير عام 1953م، ودرس في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود، ثم تخرَّج فيها عام 1984م، وواصل دراساته العليا حتى حصل على الدكتوراه عام 1998م، برسالة عنوانها «فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري».

انشغل الشيخ القحطاني منذ صغره بالعلم والدعوة والتحصيل العلمي، وبلغت مؤلَّفاته قرابة 80 مؤلفاً، وبعضهم يقول: 130 مؤلفاً، وقد تُرجمت بعضها إلى لغات أجنبية، أبرزها كتاب «حصن المسلم» الذي تُرْجِم إلى 44 لغة أجنبية، وحصل على 3 إجازات في القرآن الكريم.

توفي يرحمه الله يوم الإثنين 21 محرم 1440هـ/ 1 أكتوبر 2018م بعد معاناة مع المرض، وشُيّع من مسجد الراجحي إلى مقبرة النسيم بالرياض في مشهد جنائزي كبير يدلُّ على مكانة الرجل وحبّ الناس له.

حسن دوح.. مجاهد من جيل فريد

حسن محمد حسن إبراهيم دوح الذي عرف وسط الجامعات المصرية بـخطيب الثورة المفوه، ومشعل جذوة الحماسة في نفوس الجميع، ولد في أكتوبر عام 1921م، في قرية طفنيس المطاعنة مركز إسنا بمحافظة قنا في صعيد مصر؛ وحفظ القرآن الكريم بكتّاب قريته، والتحق بالمدرسة الابتدائية بإسنا، ثم تلقى تعليمه الثانوي بمدرسة سوهاج الثانوية، وأنهاه بمدرسة السعيدية الثانوية بالقاهرة، قبل أن يلتحق بعدها بكلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1944م، ولظروف اعتقاله حصل على الليسانس عام 1954م.

عمل في مجال الصحافة، قبل أن يسافر إلى دولة الكويت ويعمل خبيراً قانونياً بوزارة المالية والنفط حتى عام 1979م (تاريخ عودته إلى بلاده).

التحق بجماعة الإخوان المسلمين، وأصبح أحد قادتها في الجامعة، وحمل على عاتقه معركة الجهاد، حتى إن والده عام 1948م أخذه من يده وذهب به إلى الشيخ حسن البنا ليقول له: «هذا ابني ليجاهد»، فأصبح أحد قادة المجاهدين الإخوان على أرض فلسطين، إلا أنه اعتقل مثل بقية المجاهدين وزج بهم في السجون.

وما إن خرج من السجن حتى قاد الشباب الجامعي للجهاد ضد المحتل البريطاني على أرض القنال عام 1951م، حيث كبدوه خسائر جمة.

له العديد من المؤلفات والمقالات، وظل يمد المكتبات بكتاباته، حتى وافته المنية في شعبان 1422هـ، الموافق أكتوبر 2001م‏.

يوسف الصوري.. معلم الصمت الشامخ

يوسف خاطر حسن الصوري أحد شهداء الكويت الأبرار، ولد في 21 سبتمبر 1958م في منطقة الدوحة، وعمل في وزارة التربية مدرساً لمادة التربية الإسلامية بمدرسة مرشد محمد السليمان الابتدائية

كان أصحابه يطلقون عليه «معلم الصمت الشامخ»؛ لأنه كان دائم الصمت في حكمة ووقار، وإذا تكلم تحدث بالخير دائماً، رحمه الله.

كان رحمه الله مثالاً للعطاء والتفاني في خدمة المنطقة، وذا همة عالية، يهتم بتربية الناشئة، ويحثهم على فعل الخير وملازمة المسجد، وكان يلقي الدروس والمواعظ.

ومن الأعمال البطولية التي قام بها، أنه كان يذهب إلى منطقة كيفان أثناء الاحتلال العراقي ليحضر الخبز لأهل منطقته، تحت تطاير الرصاص فوق رأسه؛ جراء الاشتباكات بيت القوات العراقية والمقاومة الكويتية آنذاك.

وكان يقوم بتوزيع نشرة «المرابطون» أثناء فترة الغزو غير مبالٍ بما قد يصيبه جراء ذلك، التي كانت تحتوي على توصيات من القرآن الكريم، وأحاديث نبوية، وأدعية تحث على الصبر على البلاء، والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى، لكشف هذا البلاء عن المسلين، والاقتصاد في المواد التموينية.

ألقي القبض عليه في السوق المركزية مع أحد أعضاء الجمعية وهو سالم الشمري بجمعية الصليبيخات والدوحة التعاونية، بتاريخ 9/9/1990م، حيث كان يقوم بتقديم الخدمات إلى إخوانه المواطنين، بالإضافة إلى توفير المواد التموينية كونه كان عضواً في مجلس إدارة الجمعية الذي تم تشكيله أثناء الغزو يوم 4/8/1990م.

وتعرض الصوري لأشد أساليب التعذيب الوحشي، وهو صابر مؤمن بقضاء الله سبحانه وقدره، حتى كان يوم الأحد الموافق 7 أكتوبر 1990م عندما قام جنود الاحتلال الغاشم بإعدام الشهيد البطل بإطلاق النار على رأسه، وإلقاء جثمانه أمام منزله في منطقة الدوحة.

أضف تعليقك