نام عبد الله مرسي في سلام نومته الأخيرة ليلحق بأبيه الرئيس الشهيد محمد مرسي بعد 79 يوما فقط من وفاته، ليرقد جثمان الابن الأصغر عبد الله، في مقبرة مرشدي جماعة "الإخوان المسلمين"، بعد نحو 6 سنوات من التنكيل على أيدي أجهزة الانقلاب.
لقي الشاب الذي يبلغ من العمر (24 عاما) مصرعه إثر أزمة قلبية أصابت قلبه، الذي أرهقه الظلم والتنكيل طيلة السنوات الست التي أعقبت الانقلاب العسكري على والده.
تلفيق حيازة مخدرات
في 2014، سعى السفاح عبد الفتاح السيسي، للضغط على الرئيس محمد مرسي في محبسه على أمل أن ينتزع منه كلمة ندم أو اعتذار تمنحه اعترافا بانقلابه، وذلك عبر تلفيق اتهامات باطلة لنجله الأصغر عبد الله الذي لم يكن عمره وقتها يتجاوز تسعة عشر عاما، بحيازة مخدر الحشيش عقب إلقاء القبض عليه أثناء عودته إلى منزل الأسرة.
وأمام تمسك الرئيس مرسي بموقفه الرافض للانقلاب أو التراجع عن وصفه له بالجريمة التي تستوجب محاكمة مديريه، أصدر القضاء بأوامر من قيادة الانقلاب، حكماً بحبس عبد الله عاما ليخرج من السجن عام 2015.
لم يسلم من التنكيل
وبعد خروجه من المعتقل لم يسلم عبد الله من التنكيل والمضايقات التي تنوعت أشكالها قبل أن يصدر مجدداً أمر باعتقاله في عام 2018 تحت اتهامات مزعومة "بنشر بيانات وأخبار كاذبة"، بسبب تصريحات أدلى بها لإحدى وكالات الأنباء الأجنبية تحدث فيها عن التعسف والتنكيل الذي يتعرض له والده في محبسه ومنعه من الدواء والزيارة.
وبعد ساعات طويلة من التحقيق مع الابن الأصغر للرئيس الشهيد، بمعرفة النائب العام المعين من قائد الانقلاب، أُخلي سبيله بكفالة قدرها 10 آلاف جنيه، ومعها رسالة واضحة، مفادها أن أي حديث بشأن معاناة والده سيواجه بكل حزم وشدة.
لكن تحمل عبد الله، تحمل مسئولية الحديث باسم أسرته والسعي في المحاكم بعد أن قام نظام الانقلاب بتلفيق اتهامات جديدة لشقيقه أسامة الذي كان بمثابة محامي العائلة، والزج به في عدد من القضايا كنوع من الضغط مجددا على والده.
الصدمة
وجاء خبر وفاة الرئيس مرسي لمصر خلال إحدى جلسات المحاكمة إثر أزمة قلبية، ليكون بمثابة الصدمة التي أرهقت قلب الشاب عبد الله، وتبعها إمعان الانقلاب وأجهزته في البغي والظلم بحق الرئيس وأسرته بعدما رفضوا دفنه في مقابر العائلة في قرية العدوة بمحافظة الشرقية وعدم إقامة جنازة أو عزاء له.
مواصلة الصمود
ورغم كل ظروف القهر والتعسف، استجمع عبد الله قواه ولملم أوجاعه وأحزانه عقب دفن جثمان والده الذي باشره بنفسه، متعهدا بألا يرى نظام الانقلاب وسدنته منهم أي ضعف أو ذلة، مؤكدا مواصلة النضال والصمود أمام نظام لم يعد لديه أية خطوط حمراء إلى درجة جعلته يعتقل عددا من النسوة اللاتي ذهبن إلى منزل الأسرة بمدينة السادس من أكتوبر لتقديم واجب العزاء لأرملة الرئيس السيدة نجلاء علي محمود.
قسم عبد الله مرسي
وفور وفاته، استحضر كثيرون قسم عبد الله مرسي بعد مرور شهر على وفاة والده بألا شيء يشفي صدره ويجبر كسر روحه، إلا أن يلحق به على دربه وطريقه، ليكون عبد الله بالطريقة نفسها تلك الأزمة القلبية التي دهمت والده بشكل مفاجئ.
وكتب عبد الله في تويتر بعد شهر على وفاة والده: "مر شهر على فراقك يا قرة العين كأنه اليوم"، متابعاً: "دُفن قلبي يا أبي يوم دُفنت وتفاصيل كثيرة دُفِنت بجوار أبي، كضحكتك تلك التي تمحو كل أحزاني ونظرتك المليئة بالحنان التي تزيل أوجاعي وحديثك لي الذي كنت أنسى به هم الدنيا وما فيها وحضنك الدافئ الذي يزيل كل جراحي وأوجاعي".
وزاد "والله يا أبي لا يشفي صدري ويجبر روحى المكسورة ويذهب حزني إلا أن ألحق بك على دربك وطريقك، فلم تعد لدي رغبة في الحياة من بعدك يا أبي، فارقت الحياة فكيف لي أن أعيش بدون وجودك فيها، كنت أصبّر نفسي بأنك يوماً ستعود ونجتمع مرة أخرى".
وشدد عبد الله وقتها على أن "ألف كلمة وكلمة لا تزال عالقة كالغصة لم أخبرك عنها قبل رحيلك، فقدانك يا أبي موت على قيد الحياة، برغم كونك رحلت من الدنيا إلّا أنّك لم ترحل مني لا زلت تسكنني، ولا زلت أراك في كل مكان وأسمع صوتك طوال الوقت يا أبي، عزاؤنا الوحيد يا أبي أنك شهيد وحيّ عند ربك ترزق، نحسبك كذلك ولا نزكيك على الله، وإلى لقاء يا أبي تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان".
ودعا لوالده قائلا: "رحمة الله عليك ورضوانه يا أبي، سلام الله عليك يا أبي طبت وطاب مثواك، اللهم اجمعني به في جنتك وعلى حوض نبيك المصطفي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم".
أزمة قلبية
ومن جهته، أكد عبد المنعم عبد المقصود محامي أسرة الرئيس الشهيد محمد مرسي، إن عبد الله مرسي توفي بعد إصابته بأزمة قلبية.
وذكر أن عبد الله تعرض لأزمة قلبية مفاجئة أثناء قيادة السيارة وكان برفقته أحد أصدقائه الذي تمكن من السيطرة على السيارة وإيقافها ونقل عبد الله لمستشفى الواحة بحدائق الأهرام في الجيزة.
وأضاف عبد المقصود، أنه فور وصول عبد الله إلى المستشفى، أُجريت له الإسعافات، إلا أن قضاء الله قد نفذ.
وكشف مصدر مقرب من الأسرة، أن أجهزة الانقلاب رفضت دفن عبد الله في مقابر العائلة بالشرقية، واستجابت للمقترح الثاني، بدفنه بجوار والده في مقبرة المرشدين بمدينة نصر وسط إجراءات أمنية تشبه تلك التي فرضتها خلال دفن جثمان والده.
أضف تعليقك