روى صحفيون عايشوا اعتصام رابعة الذي استمر نحو 50 يوما شهاداتهم، بعد مرور 6 سنوات على مذبحة رابعة، مؤكدين أنها مطبوعة في ذاكرتهم ويحفظونها كأسمائهم.
وقال "صلاح. ل" مراسل صحفي تابع أخبار الاعتصام لحظة بلحظةً منذ بدايته، بحسب "العربي الجديد"، إنّه تم تكليفه من قبل الصحيفة التي يعمل فيها بمتابعة اعتصام رابعة العدوية، كونه كان متخصصا في شئون الأحزاب الإسلامية، مشيراً إلى أنه كان موجودا بشكل يومي في ميدان رابعة وأنه أحياناً كان يبيت في الميدان، ونادرا ما كان يذهب إلى مقر الجريدة، إذ كان يقوم بإرسال المواد عبر البريد الإلكتروني من قلب الاعتصام.
وأشار صلاح إلى أنه في هذا الموعد من كل عام، يُجيّش نظام الانقلاب كتائبه الإعلامية للحديث عن اعتصامي ميداني "رابعة العدوية" و"النهضة" في القاهرة، باعتبارهما بؤرتين مسلحتين كانتا تؤويان عناصر إرهابية تهدد أمن واستقرار البلاد. لكن الحقيقة أن هذا كذب ولا يمت للواقع بصلة، فالغالبية العظمى من المعتصمين كانوا أشخاصاً عاديين معظمهم قدم من المحافظات الأخرى والأرياف.
وأضاف أنه تابع الحديث الذي أدلى به العميد سمير راغب، رئيس ما تسمى بـ"المؤسسة العربية للدراسات الأمنية"، والذي وصف فيه اعتصام "رابعة العدوية "بـ"التمرد المسلح"، في منطقة جهات سيادية ومناطق حيوية، وزعم أن "الفيديوهات أثبتت أن إرهابيين كانوا يحملون الكلاشينكوف، علاوة على الأسلحة البيضاء والسيوف والطبنجات وسلاح الخرطوش".
وأكد أنّه على يقين بأن ما قاله راغب هو محض افتراء، لأنه، بحسب قوله، كان على علم بكل كبيرة وصغيرة داخل ميدان الاعتصام، وأنه كان يتجول في جميع أرجاء الميدان ويعلم ما يحدث داخله.
ولفت إلى وجود مكان واحد قرب مبنى "طيبة مول" التجاري، كان به 4 قطع سلاح كانت مع أفراد من غير جماعة الإخوان المسلمين، لكنه لا يعلم على وجه التحديد إلى أي جهة كان ينتمي هؤلاء، وكيف قاموا بإدخال تلك الأسلحة إلى مقر الاعتصام.
وتابع المراسل الصحفي أنّه باستثناء هؤلاء الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة والذين لا يعلم أحد من أين جاؤوا وإلى أي جهة ينتمون، فإن الآلاف من المعتصمين كانوا سلميين قطعاً، ولم يرتكبوا أي مخالفات، كما يدّعي البعض.
أما "خالد. و" مراسل صحفي كان أيضاً يقوم بتغطية اعتصام "ميدان رابعة"، وفي الوقت ذاته كان محل سكنه قريباً جداً من ميدان رابعة، ويقع عند تقاطع شارعي "امتداد رمسيس" وطريق النصر، عند نادي السكة الحديد بمدينة نصر. يقول خالد، إن الملاحظة الأساسية التي كان يلاحظها في أيام الاعتصام، هي وجود كمين أمني بشكل دائم على طريق النصر قرب مدخل الاعتصام، لكن الغريب أن ضباط وعساكر هذا الكمين، لم يقوموا أبداً بتفتيش أو توقيف أي من السيارات التي كانت تتجه إلى مكان الاعتصام.
وأردف خالد أنه شاهد بعينيه ضباط الكمين يغضّون الطرف ويتجاهلون سيارة نصف نقل كانت تحمل رجالاً ملتحين يبدو أنهم كانوا يحملون بعض الشوم والعصيّ، وهو الأمر الذي أثار استغرابه بشدة، فلماذا يسمح الأمن بتوافد المعتصمين إلى ميدان رابعة من الأساس، بينما كان يمكن منعهم من الدخول إذا كانت الدولة بالفعل لا تريد ذلك التجمع!
وتابع خالد أنه بناء على تحليله للموقف، فإن الشرطة كانت ترغب في إتاحة الفرصة لبعض الأفراد لإدخال أسلحة إلى موقع الاعتصام، حتى تكون لديها الذريعة فيما بعد لاستخدام القوة ضد جموع المعتصمين السلميين، لكنها حتى لم تنجح في ذلك، واضطرت فيما بعد إلى جلب بعض صناديق من الأسلحة وتصويرها بالكاميرات بعد الفض الدموي للميدان، لأنها لم تعثر بالفعل على أي أسلحة تذكر بحوزة المعتصمين.
وأبلغت وزارة الداخلية، الصحفيين المعتمدين لديها، فجر يوم الرابع عشر من أغسطس، بأنهم مستدعون لمهمة صحفية برفقة قوات أمنية، وسريعاً ما فطن هؤلاء الصحفيون إلى أن الوزارة قصدت عملية فض اعتصام رابعة العدوية. وبالفعل، توجه المراسلون إلى المكان المتفق عليه ورافقوا قوات الأمن التي توجهت إلى ميدان "رابعة العدوية".
ويقول "أحمد. ص"، وهو مراسل صحفي كان موجوداً في اللحظات الأولى لاقتحام الميدان على المعتصمين، إن رواية الأمن والتي تقول إن أول من سقط قتيلاً في ذلك اليوم هو ضابط شرطة، غالبا صحيحة، ولكن المشكوك في صحته أن هذا الضابط سقط برصاص المعتصمين، نظراً لأنه مهما بلغ مستوى تدريب المعتصمين، فلن ينجح أحد منهم في استهداف الضباط بالرصاص، خصوصاً أنهم كانوا على مسافات بعيدة جداً من قوات الأمن، ناهيك عن أن ضباط القوات الخاصة الذين شاركوا في العملية، كانوا مجهزين بأحدث وسائل الحماية الشخصية مثل الدروع والخوذ، ما يصعب عملية استهدافهم بالأسلحة التقليدية مثل رشاش الـ"الكلاشينكوف".
وزاد خالد أنه يرجح أن يكون هذا الضابط قد تم استهدافه بواسطة قناصة، ليكون حافزاً لزملائه على الهجوم على الميدان والانتقام له.
وأكد أن هؤلاء القناصة قاموا بدور بشع في ذلك اليوم، وأنه شاهد بعينيه عشرات القتلى يسقطون برصاص هؤلاء القناصة الذين احتلوا البنايات المجاورة للاعتصام والتي يتبع معظمها للقوات المسلحة.
أضف تعليقك