• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانية واحدة

نشر المعهد المصري للدراسات، دراسة للباحث أمجد حمدي، بعنوان "نظام التابلت ـ إصلاح التعليم وفق أجندات البنك الدولي".

وأكد الباحث أن وزارة التربية والتعليم بدأت تطبيق النظام الجديد للتعليم في مصر بداية من العام الدراسي الماضي 2018-2019، لافتا إلى أنه لم تكن تلك هي المرة الأولى لإدخال نظام التعليم باستخدام التابلت في ظل النظام الحالي، بل شهدت مصر تجربة فاشلة في الفترة من 2013 وحتى 2015 في عهد الوزير السابق محمود أبو النصر.

ولفتت الدراسة إلى أن هناك تجربة سابقة في التطبيق في عهد الوزير السابق محمود أبو النصر، وأنه في نوفمبر عام 2013 تم توزيع 35 ألف تابلت على طلاب الصف الأول الثانوي كتجربة استرشادية بـ6 محافظات حدودية وهي ( شمال وجنوب سيناء، والبحر الأحمر ومرسى مطروح وأسوان والوادي الجديد).

وأشارت إلى فشل الدولة في تطبيق التجربة لعدة أسباب مرتبطة معظمها بالبنية التحتية وحالة المدارس، وذلك بعد أن سلمت وزارة التربية والتعليم التابلت لـ 212 ألف طالب، بالإضافة لـ 12 ألف معلم، وكان سعر التابلت آنذاك 1420 جنيه، أي تم إهدار ما يقارب 320 مليون جنيه، وتم إلغاء التجربة في 2015، وخضع الوزير لتحقيقات بالنيابة العامة بتهمة إهدار المال العام.

وتحدثت الدراسة عن إشكالية التمويل وقرض البنك الدولي، مشيرة إلى نفي وزارة التعليم أن يكون تمويل شراء التابلت المدرسي لطلاب الصف الأول الثانوي من قرض البنك الدولي البالغ500 مليون دولار، وقال وزير التعليم: “إن التمويل جاء من خلال جزء من ميزانية الأبنية التعليمية وأهل الخير ومصادر تمويل أخرى ولذلك لم يتم التطبيق علي جميع المراحل التعليمية بسبب الميزانية المتاحة، كما أشار طارق شوقي في تصريحات أخرى إلى أن القرض يتماشى مع الأهداف المقترحة من البنك الدولي لتطوير التعليم.

 

وفي أبريل 2018 أكدت ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم ببرلمان العسكر، أن جميع نفقات نظام التعليم الجديد ممولة من صندوق النقد الدولي لمدة خمس سنوات، لافتة إلى أنه وفر حوالي 500 مليون دولار منها لتطوير المنظومة.

وبالرجوع إلى بيان البنك الدولي الخاص بتفاصيل القرض فقد أعلن البنك الدولي أن القرض يهدف إلى إتاحة موارد التعلم الرقمية لما يبلغ 1،5 مليون طالب ومعلم، كذلك تبنِّي التكنولوجيا كوسيلة لتحقيق أهداف الإصلاح.

واللافت في بيان البنك الدولي الذي أشرنا إليه أنه تحدث عن إتاحة موارد التعلم الرقمي لمليون ونصف طالب ومعلم، وهو ما حدث فعلا بتمويل شراء مليون تابلت لمليون طالب، بالإضافة إلى تدريب 230 ألف معلم على التعامل مع التابلت كما أعلنت وزارة التربية والتعليم .

وبغض النظر عن الجدل الدائر حول تمويل التابلت التعليمي تظل هناك عدة تساؤلات مهمة حول إشكالية التمويل متمثلة في آليات الاستدامة، فوزير التعليم أكد أن التمويل جاء من خلال ميزانية الأبنية التعليمية التي يرى الوزير أنها غير كافية وبحاجة إلى الزيادة الكبيرة التي تصل إلى 60 مليار جنيه للقضاء على الكثافة، وبالتالي كما أن مصطلحي أهل الخير ومصادر أخرى التي أشار إليها الوزير لا تعبر عن آليات حكومية وسياسات تمويل رسمية ومعلنة لمشروع التابلت!

وفي ظل شكوى وزير التعليم من أنه اقترض وغير قادر على السداد وأن السيستم وقع لأن الوزارة لم تستطع سداد فواتير النت، وأنه بحاجة إلى 11 مليار جنيه وإلا أغلقت الوزارة، كلها أمور تثير تساؤلات كبيرة حول آليات واستدامة التمويل، وتؤشر إلى ارتباك الوزير وعدم وضوح للرؤية الإستراتيجية الخاصة بمشروع تطوير التعليم خصوصا في مجال التمويل.

أما النقطة الأهم في موضوع البنك الدولي والتي من الممكن أن تكون مفسرة لظهور مشروع تطوير التعليم في هذا التوقيت وبهذه الطريقة، هي أن السياسات التي يتبناها البنك الدولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تهدف إلى إدخال نظام التعليم الرقمي بالمدارس الحكومية، والاهتمام برياض الأطفال، والبعد بالتعليم عن الحفظ والتلقين كما جاء في بيان البنك الدولي، يأتي ذلك في السياق الذي أشرنا إليه سابقا لتصريحات وزير التعليم بأنه استوفى الشروط التي وضعها البنك الدولي لتطوير التعليم وضمنها ضمن برنامج تطوير التعليم في مصر، وأشار إلى أن موافقة البنك الدولي على القرض يعد شهادة من المؤسسة الدولية بأن مصر تسير في الطريق الصحيح.

ولعل تلك السياسات تتماشى مع سياسات النظام الانقلابي الذي يسعى إلى تعزيز شرعيته بالإنفاق على صفقات السلاح مع الدول الأوروبية، والخضوع لسياسات التبعية لصندوق النقد والبنك الدولي، والدخول في صفقات مشبوهة على حساب القضايا المصيرية للمنطقة مثل صفقة القرن، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير من أجل تعزيز العلاقة مع الولايات المتحدة الصهيوني، بحسب الدراسة.

ونوهت الدراسة إلى أجندة البنك الدولي تجاه برنامج تطوير التعليم في مصر من خلال العرض لأهم النقاط التي جاءت بوثيقة مشروع دعم إصلاح التعليم في مصر والتي نشرت في فبراير 2018.

وأكدت الوثيقة أن نظام التعليم في مصر يواجه العديد من التحديات الجسام، وهي محدودية إتاحة دور رياض الأطفال الجيدة، سوء جودة التعليم قبل الجامعي والذي يعتمد على الحفظ والتلقين، خضوع المنظومة التعليمية لنظام الامتحانات المصيرية لإتمام مرحلة الثانوية العامة، مما يساعد على تنامي ظاهرة الدروس الخصوصية واستمرار الحفظ والتلقين.

وثمنت الوثيقة دور وزارة التربية والتعليم في تدعيم التعاون مع شركات القطاع الخاص الدولية في مجالات عدة، حيث تم التعاقد مع دور نشر دولية لإنشاء بنك المعرفة المصري، ثم شاركت شركتا ديسكوفري وبريتانيكا في تصميم محتوى بنك المعرفة المصري، ثم تم التعاون مع مؤسسة (Image Education) لتطوير مبادرة المعلمون أولا، بالإضافة إلى خطط لتعاون مع شركات المحمول الدولية من أجل تعزيز الربط الشبكي بالمدارس.

وأكدت الوثيقة أن وزارة التربية والتعليم تسعى إلى تدعيم التعاون مع شركاء التنمية وأنها بالفعل حصلت على دعم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي، وأن هناك شركاء تنمية آخرين أعربوا عن رغبتهم في دعم المشروع المصري مثل الوكالة الألمانية للتعاون الدولي والبند الألماني وفنلندا.

وحدد البنك الدولي آليات إنفاق القرض من خلال خمس محاور أساسية وهي (مرحلة رياض الأطفال 100 مليون دولار- الارتقاء بفاعلية المعلمين وتطوير برامج التدريب 100 مليون دولار- إصلاح نظام التقييم الشامل 120 مليون دولار- تحسين جودة التعليم من خلال تطوير أنظمة الربط الشبكي 160 مليون دولار- تحسين تخطيط ومتابعة وإدارة المنظومة التعليمية 20 مليون دولار.

تصنيع التابلت محليا

قامت حكومة الانقلاب بتشكيل لجنة ” التابلت التعليمي” والتي تتكون من وزراء التربية والتعليم والاتصالات والإنتاج الحربي وممثلين عن الهيئة العربية للتصنيع وهيئة التسليح للقوات المسلحة، وذلك بهدف بحث توطين صناعة التابلت محليا.

وأكد عمرو طلعت وزير الاتصالات حرص الدولة على تنفيذ إستراتيجية توطين صناعة التابلت وإلكترونيات التعليم في مصر، وأن ذلك سيبدأ بقيام ثلاث جهات وطنية بتصنيع التابلت التعليمي وهي: وزارة الإنتاج الحربي (شركة بنها للصناعات الإلكترونية) والهيئة العربية للتصنيع (مصنع الإلكترونيات) والقوات المسلحة (الشركة العربية العالمية للبصريات)، وأضاف أن وزارة الدفاع تشرف على النشر والإعلان وإنهاء إجراءات التعاقد على توريد التابلت بين وزارة التربية والتعليم والجهة المنفذة، فيما أعلن طارق شوقي أنه من المنتظر التعامل بالتابلت المحلي بداية من العام الدراسي المقبل 2019-2020.

وفي مايو الماضي، قال طارق شوقي: ” لو مخدناش اللي عايزينه المرّة دي مشروع تطوير التعليم هيقف وده مش تهديد.. عايزين ١١ مليار جنيه فوق المبلغ المعتمد من وزارة المالية (٩٩ مليار) وأنا مش هكمل فى مشروع التطوير من غيرهم والوزارة هتقفل.. ليس لدينا رفاهية الحوار وإحنا مش بنفاصل”.

وفيما يخص تعطل نظام التشغيل في امتحانات نصف العام قال شوقي” المشكلة التي شهدتها امتحانات الثانوية العامة ووقوع السيستم على سبيل المثال، كان سببها عدم وجود فلوس لدفع مقابل الإنترنت، فتم قطع الخدمة.. طلعنا بمعجره لكن أعصابنا باظت، الديّانة بيقفوا فوق دماغنا، ومش بنقول لحد، لكن محدش فكر قبل ما يلومنا، الجميع بيلوم وزير التربية والتعليم ولا أحد يبحث عن أصل المشكلة، أنا وقّعت على الشيكات والتابلت والفلوس مش موجودة، ومحدش بيعمل كد”.

التطور الأهم في ذي شهدته تلك التصريحات هو تطرق شوقي إلى موضوع تصنيع التابلت محليا، حيث أكد أن تصنيع التابلت في مصر تم مناقشته داخل وزارة التربية والتعليم، واستقر الرأي إلى أن تكلفة التصنيع محليا ستتطلب أموالا طائلة، وبالتالي أكدت بعض الشركات أن استيراده من الصين هو الحل الأمثل فى الوقت الراهن، خاصة أن تكلفة تصنيعه محليًا مرتفعة للغاية .

ثم أصدر السيسي تكليفا لرئيس وزراء الانقلاب باتخاذ خطوات جادة نحو تصنيع التابلت في مصر في مدة من 3 إلى خمس سنوات، وهو ما دعا مدبولي للالتقاء بوزراء التعليم والاتصالات والإنتاج الحربي، وقال مدبولي خلال الاجتماع: “هدفنا حاليًا هو سرعة حسم هذا الملف المهم بالاتفاق مع الشركة التي ستقدم أفضل المميزات، وتُحقق قيمة مضافة للصناعة المصرية من خلال نقل تكنولوجيا غير مسبوقة إلى مصر، مع الاعتماد أكثر على نسبة المكون المحلي“.

1- بيزنس التابلت.

“إينار” هو اسم التابلت الذي تسلمه الطلبة، وهو من إنتاج شركة بنها للصناعات الإلكترونية التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، ووزّع في عام 2014/2013 على طلبة التعليم العالي بعد حصول الإنتاج الحربي على مناقصة توريد 10 آلاف تابلت وتوريدها لوزارة الاتصالات لتسليمها لوزارة التعليم العالي لتوزيعها على الطلبة.

بعدها بأشهر قليلة أعلنت الهيئة العربية للتصنيع إنتاج جهاز تابلت مصري باسم بلوتو، وهو “تابلت مجمع” وليس “مُصّنعًا”، بالتعاون مع شركة إنتل التي دخلت بمعالج إنتل أطلقت عليه اسم بلوتو، وأخذ اسم الجهاز منه.

أوجدت الهيئة العربية للتصنيع طرقًا لتسويق جهاز “بلوتو” داخل الحكومة، واستخدم في “المشروع القومي للتعداد السكاني 2016/2017”. غير أن المتطوعين واجهوا صعوبات أثناء عملهم في الشارع تعلقت ببطئ الجهاز وأعطاله المتكررة أثناء جمع بيانات المواطنين، حتى أن إحدى المتطوعات قالت في تقرير نشرته جريدة الدستور إن جهاز بلوتو صيني للتدليل على رداءته، وأخبرت الصحفي إنها اضطرت إلي جمع البيانات في استمارات ورقية اختصارًا للوقت.

وتبنت الأهرام هجوما عنيفا على إينار في عام 2013 وادعت أن الجهاز صيني واسمه الأصلي ” إيثار” على اسم نجلة الدكتور سعد الكتاتني، بالرغم من أن الجهاز من إنتاج وزارة الإنتاج الحربي. وبعد أن فشل مشروع التابلت في عهد محمود أبو النصر، توقفت الدولة عن فكرة إنتاج التابلت، حتى جاء طارق شوقي ومن ثم كثر الحديث عن موضوع توطين التابلت محليا وتحمست وزارة الدولة للإنتاج الحربي وعقد العصار لقاءات مع جهات أجنبية منها لقاءه مع سفيرة البرتغال لبحث التعاون المشترك في مجال تصنيع التابلت، والتواصل مع شركة لافا الهندية، وفي النهاية وقعت هيئة التسليح بالقوات المسلحة عقدا مع شركة سامسونج لاستيراد التابلت، وتم تأجيل إنتاج التابلت محليا.

ومن العرض السابق يتبين أن هناك صراعا متعدد الأطراف للفوز بكعكة تصنيع أو تجميع التابلت بين عدة جهات مدنية وعسكرية على حد سواء، لكن تظل المعضلة الكبرى في عملية تمويل التابلت، من أين تأتي الأموال؟ وهو السؤال الذي يبحث عن إجابة ليس في مجال التعليم فقط ولكن في مجالات أخرى مثل تطوير السكة الحديد وتطبيق مشروع التأمين الصحي الشامل.

2-التظاهرات الطلابية.

وفي تطور نوعي للأزمة خرجت مظاهرات طلابية في عدة محافظات أهمها الإسكندرية والإسماعيلية والقاهرة وتظاهر بعض الطلاب أمام وزارة التعليم وحدثت انتهاكات وتحرشات من الشرطة بالطالبات واعتقالات في صفوف الطلبة الذين طالبوا برحيل الوزير ونددوا بفشل التجربة.

وتعد تلك المظاهرات هي الأعنف منذ ضرب الحركة الطلابية بالجامعات، كما أنها سببت حالة من الارتباك للنظام قام على إثرها بإعطاء يوم الخميس الموافق 23 مايو إجازة لطلاب الصف الأول الثانوي بحجة ارتفاع درجة الحرارة، في حين أن الامتحانات ظلت قائمة بالجامعات المصرية، ولم يحصل موظفو الدولة أو حتى من تجاوز سن الخمسين منهم أو أصحاب الحالات المرضية على إجازة في هذا اليوم.

كما دشنت تلك المظاهرات ضغطا كبيرا على النظام من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فيما قام العديد من الكتاب المصريين بتوجيه سهام النقد للتجربة واتهموها بالفشل والتسرع وعدم مراعاة الواقع.

3-معوقات التنفيذ.

خلل ترتيب الأولويات

الخلل في ترتيب الأولويات من أهم مظاهر الخلل في منظومة تطوير نظام الثانوية العامة الجديد، فالتكنولوجيا أداة تحتاج إلى بنية تحتية مستقرة ومتطورة لإنجاحها، ومصر تعاني من فقر في البنية التحتية في مجال الاتصالات، وعدم توافر بنية أساسية للإنترنت في المدارس. كما تعاني المدارس الحكومية من ضعف شبكات المياه والصرف والكهرباء، وتهالك التخت المدرسية وهناك من الطلاب من يفترشون الأرض، وتراجع أعمال الصيانة. لذلك كان من الأولى أن تقوم وزارة التربية والتعليم بعمل تجربة استرشادية على بعض المدارس المجهزة، وليس جميع المدارس، كذلك الانخفاض بالمراحل التعليمية للتعليم ليبدأ من أولى إعدادي لترك مساحة زمنية تساهم في نقل الطالب بشكل تدريجي للتعود على النظام الجديد.

استبعاد المناطق النائية.

لم يتم تطبيق التجربة في ست محافظات نائية وهي (شمال سيناء- جنوب سيناء- البحر الأحمر- مرسى مطروح- أسوان- الوادي الجديد)، كما أن هناك صعوبة تكنولوجية لتطبيق التجربة في النجوع والقرى بمحافظات الصعيد والدلتا لضعف المكون التكنولوجي بتلك المناطق.

وذلك على عكس تجربة محمود أبو النصر والتي تم تطبيقها في المقام الأول على هذه المحافظات الست النائية.

استبعاد المدارس الدولية من تطبيق التجربة.

يعد استبعاد المدارس الدولية من تطبيق نظام الثانوية العامة الجديد باستخدام التابلت التعليمي من أهم علامات الاستفهام على نظام الثانوية العامة الجديد، ويطرح تساؤلات مهمة حول خضوع تلك المدارس لسياسات وضوابط وإشراف وزارة التربية والتعليم.

غياب الحوار المجتمعي وتجاهل نقابة المعلمين.

أبدى نقيب المعلمين تحفظه على التجربة مؤكدا أن الوزارة لم تقم بتوجيه الدعوة إلى النقابة أو المؤسسات المتخصصة في التعليم بمصر للمشاركة في تطوير المنظومة ومنها مجلس الأمناء- أساتذة وعمداء كليات التربية- الطلاب أنفسهم- وأولياء الأمور، وذلك لعمل حوار مجتمعي نضع من خلاله القواعد والأسس الصحيحة لتطوير منظومة التعليم بشكل أفضل.

فشل تجربة الامتحان الأولى.

لم تتمكن وزارة التعليم من إتمام التجربة الأولى لامتحانات الصف الأول الثانوي التي عقدت في منتصف العام الدراسي الحالي نظرا لوقوع نظام التشغيل وانقطاع خدمة الإنترنت، مما أضطر الوزارة إلى الإعلان أن الامتحان كان تجريبيا فقط، وعادت إلى اعتماد الامتحانات الورقية مرة أخرى.

استبعاد التعليم الفني من التطوير.

إن جوهر أزمة التعليم الفني في مصر يرتبط بأن من ينتمون إلى برامج التعليم الفني من فئات المجتمع الفقيرة والمهمشة وليسوا من أبناء الطبقة الوسطى، وعدم قدرة تلك الطبقة على الضغط على النظام جعلها خارج الحسابات وخارج خريطة الاهتمام والتطوير. ويبلغ عدد الطلاب بالتعليم الفني 9.1 مليون طالب وفق إحصاء عام 2018 بنسبة 7.8% من إجمالي عدد الطلاب في مصر في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، فيما بلغ عدد طلاب الثانوية العامة والأزهرية 1.2 مليون طالب بنسبة 9%.

ونرجع إلى سياسات البنك الدولي التي تدعم نظام تعليمي قائم على التبعية التكنولوجية بتصدير منتج رقمي ومعلوماتي يساهم في خلق سوق محلية قادرة على استهلاك المنتجات التي يقوم بتصنيعها، فيصبح جوهر قضية التعليم هو تدريب موظفين قادرين على نقل المنتجات وتسهيل حركة تدفق النقد، وبالتالي يساهم نظام التعليم وفق رؤية البنك الدولي في تعظيم نمط التعليم الاستهلاكي المرتبط لغويا وتقنيا وماديا بمصالح الرأسمالية العالمية.

ومن الأمور التي تعزز ارتباط البرنامج الحالي لتطوير التعليم بسياسات البنك الدولي، اختلاف تجربة طارق شوقي عن تجربة محمود أبو النصر التي تمت في عام 2013 قبل الحصول على قرض البنك الدولي أو قرض صندوق النقد الدولي، والتي كانت تشتمل توزيع التابلت التعليمي على طلاب الثانوي العام والفني على حد سواء، وفي تجربة طارق شوقي تم إقصاء التعليم الفني الذي لا يدخل ضمن إستراتيجية التطوير الخاصة بالبنك الدولي.

وتوصلت الدراسة إلى أن تمسك نظام الانقلاب بإكمال التجربة وعدم تعديلها أو إرجائها أو تحويلها إلى دراسة استرشادية يتم تطبيقها أولا على عدد محدود من المدارس أو في بعض المحافظات، وعدم الاستماع لمقالات خبراء السياسات التعليمية وأساتذة الجامعات إنما يعكس التزام النظام بتطبيق أجندة البنك الدولي.

وأشارت إلى أن النظام لم يجب حتى الآن على سؤال الميزانية الخاصة بالمشروع ومصادر التمويل الخاصة بتنفيذ المشروع، وتعتبر معضلة التمويل هي العقبة الأكبر التي سيواجهها النظام في السنوات القادمة، خصوصا في ظل تراجع الإنفاق على الخدمات التعليمية، وزيادة عجز الموازنة والدين الداخلي والخارجي للدولة.

ولم تتمكن السياسات الحالية من اقتحام أي من الملفات المهمة المرتبطة بتطوير التعليم وعلى رأسها المشكلات الخاصة برواتب وتدريب المعلمين ومشكلة الكثافة، بل أبدت التوجهات الحالية تسامحا كبيرا مع ظاهرة الدروس الخصوصية وتسعى حاليا إلى تقنينها، كما تراجعت عن برامج دعم المدرسين، وقلصت حجم الإنفاق على صيانة المدارس وإنشاء مدارس جديدة.

وأشارت الدراسة إلى أنه من المتوقع استمرار التجربة بالرغم من كل الضغوط التي يواجهها النظام، وفي هذا السياق علينا أن نفرق بين الاستمرار والفشل، فاستمرار أي تجربة لا يعني أنها نجحت، والنظام خاضع لترتيبات دولية حصل بموجبها على قروض ضخمة، والحصول على قرض التعليم كان مرتبطا بتعميم نظام التابلت في المدارس الحكومية.

أما بالنسبة للسيناريوهات المحتملة لخروج النظام من مأزق الثانوية العامة، والتي من المحتمل أن يحدث بسببها احتجاجات عنيفة نظرا لأن أولياء الأمور والطلبة لن يسمحوا بسقوط السيستم ولن يتمكنوا من التعامل مع المفاهيم الجديدة المرتبطة بمنهج مفتوح وأسئلة من خارج إطار الكتاب المدرسي المحدد، والذي اعتادوا عليه؛ فمن المتوقع أن تفرغ الدولة نظام التابلت من محتواه المنفتح وأن يحل التابلت محل الكتاب المدرسي، وأن تتحول مراكز الدروس الخصوصية إلى مراكز تدريب على آليات الامتحان بالتابلت وبالتالي يتم الخروج من المأزق بتفريغ الفكرة من محتواها وتبقى كل الأمور على ما هو عليه، ويحدث التطور على المستوى الشكلي دون الاقتراب من المضمون، وتظل أوجاع المنظومة التعليمية كما هي.

أضف تعليقك