حالة من الاندهاش سيطرت على سلطات الطيران المدني، في اليومين الماضيين، جراء القرار المفاجئ لشركة الخطوط الجوية البريطانية بوقف الرحلات المتجهة إلى القاهرة لمدة أسبوع، وعدم إخطار مطار القاهرة رسميا بالقرار، على الرغم من إعلانه في وسائل إعلام بريطانية وإبلاغ المسافرين به، ولاسيما أنّ القرار كانت له توابع تمثلت في تعليق الشركة الوطنية الألمانية "لوفتهانزا" رحلاتها كذلك لمدة يوم واحد، قبل أن تعلن استئنافها أمس الأحد من مطارات برلين وفرانكفورت وميونخ.
وأكد مصدر بوزارة الطيران، أنّه لا يجوز المقارنة بين الأزمة الحالية وقرار بريطانيا تعليق رحلاتها إلى شرم الشيخ بعد حادث تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء في 31 أكتوبر 2015، علماً أنّ بريطانيا كانت قد سبقت روسيا نفسها ودولاً أخرى لاتخاذ هذا القرار، وما زالت تتمسّك به.
وذكر المصدر، بحسب العربي الجديدـ أنّ بريطانيا كانت الدولة الأكثر تشدداً، من بين الدول التي أرادت التدخل في مراقبة إجراءات تطوير وسائل الأمن والسلامة بالمطارات المصرية، "حتى أكثر تشدداً من روسيا التي ما زالت تماطل في التنفيذ الكامل لقرار استئناف الرحلات الجوية".
وأبدى المصدر استغرابه "البالغ" من إقدام الشركة البريطانية على اتخاذ قرار كهذا من دون "تأطيره" من قبل سلطة الطيران المدني الرسمية، أو الوزارة المعنية في الحكومة البريطانية، موضحا أنّ "الاتصالات التي أجرتها القاهرة في الساعات الماضية أكدت أن القرار خاصّ بالشركة وحدها، وأنه لا صلة بينه وبين السلطات الحكومية الأخرى التي تباشر عمليات التفتيش والمراقبة الجوية والأرضية. وأنه إذا كان هذا القرار صادراً من تلك السلطات لكان سيتم إعلانه بصورة مغايرة".
وتوقف المصدر عند "الخسائر الكبيرة التي ستتكبدها الشركة البريطانية بسبب قرارها على الأمد القصير، مقابل الخسائر الأعظم التي قد تعاني منها مصر بسبب هذا القرار على الأمد الطويل، وخصوصاً إذا شهدت البلاد أيّ مشكلة أمنية خلال الساعات المقبلة".
وطرح المصدر الحكومي أربعة احتمالات أساسية لقرار تعليق الرحلات البريطانية، أولها أن تكون المخابرات البريطانية لديها معلومات بخرق أمني قد تشهده مصر في الفترة المقبلة، بغض النظر عن وجود دليل على ذلك من عدمه.
والاحتمال الثاني أن تكون الشركة البريطانية قد اتخذت هذا القرار بشكل منفرد، بسبب الفوضى التي شهدها مطار القاهرة منذ الجمعة الماضية بسبب تكدس المسافرين الجزائريين الذين أتوا من بلادهم لحضور مباراة نهائي كأس أمم إفريقيا ولم يعودوا حتى الآن، بسبب قلة رحلات العودة من القاهرة إلى الجزائر، ودخولهم في مشادّات على مدار الساعة مع الأمن المصري، واستدعاء المطار لقوات من الأمن المركزي لضبط الأمن بداخل الصالات التي افترشها مشجعو المنتخب الجزائري. وهو احتمال قد يكون وجيهاً، لكن المصدر استدرك بالقول: "لا يمكن أن يكون منطقياً اتخاذ قرار بهذه الخطورة بناءً على ذلك الحدث البسيط الذي لم يخرج عن السيطرة الأمنية إطلاقاً".
أما الاحتمال الثالث، فهو أن يكون القرار صدر بناءً على تحذير من قبل هيئة الصحة البريطانية للمسافرين إلى مصر منذ 5 أيام، من تناول أطعمة ملوثة أو غير مغسولة بشكل جيد في مناطق البلاد المختلفة، وتحديداً على ساحل البحر الأحمر، على خلفية وفاة سائحين بريطانيين في سبتمبر الماضي في فندق كبير بمدينة الغردقة بسبب بكتيريا "إي كولاي"، التي تنتشر في الأغذية غير النظيفة والأوساط الملوثة. وهنا تساءل المصدر عن سبب صدور هذا التحذير بعد أكثر من 9 شهور على الحادث، وفي ذروة موسم السفر الصيفي للأوروبيين إلى القاهرة.
أما الاحتمال الرابع، فهو صدور القرار على خلفية خلافات سياسية بين بريطانيا ومصر في ما يتعلق بقضايا إقليمية ومحلية مختلفة، في مقدمتها الوضع في ليبيا، وحالة حقوق الإنسان في مصر.
ومال إلى الاحتمال الأخير، سامح الحنفي، رئيس سلطة الطيران المدني، الذي قال في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، مساء السبت، إنه "لا يوجد تفسير فني لما حدث، والموضوع سياسي"، من دون تقديم مزيد من الإيضاحات.
وذكر المصدر أنه تم التواصل مع جميع الشركات المتعاملة مع مطار القاهرة لتوضيح انتظام العمل به من دون مشاكل، لافتا إلى أنه تم رصد تراجع عدد المسافرين بنسبة 10 بالمائة، خلال الساعات الماضية في الرحلات القصيرة والمتوسطة، وهو ما يعني أن التأثير السلبي للإعلان البريطاني بدأ يتحقق بالفعل.
أضف تعليقك