فتح قرار السفاح عبد الفتاح السيسي، باعتبار ميناء العريش ومنشآته ومرافقه، وكل ما يُحيطه من أراضٍ ومنشآت أخرى من أعمال المنفعة العامة، المجال واسعا أمام مخطط تهجير المناطق السكانية والسياحية المحيطة بميناء العريش، على غرار ما حدث مع قرار بناء حرم مطار العريش قبل عامين، وما صاحبه من تجريف مئات الدونمات الزراعية والمصانع، من دون تقديم التعويضات اللازمة للمتضررين.
ونصّ قرار السيسي على تولي الهيئة العامّة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمويل وتنفيذ تطوير وإدارة وتشغيل ميناء العريش، ووزارة الدفاع مهامّ إجراءات تأمين منطقة ميناء العريش، على أن يوقع بروتوكولاً بين الهيئة ووزارة الدفاع يتضمن الالتزامات الفنية والمالية والقانونية المتعلقة بإدارة الميناء.
ووفقاً للقوانين المصرية، فإن اعتبار مشروع معين من أعمال المنفعة العامة يُتيح للحكومة إزالة العقارات ونزع الملكية، وإعادة تخطيط المناطق التي يحتاج إليها إتمام هذا المشروع بأي وسيلة؛ ومن ثم يُتيح القرار نزع الملكيات والعقارات التي يتطلبها تنفيذ مشروع توسيع ميناء العريش، تحت إشراف الجيش والهيئة العامّة لمنطقة قناة السويس.
ومن جانبه، حذّر إبراهيم المنيعي، أحد شيوخ سيناء، من "خطورة القرار الجديد، كونه يُشكل غطاءً لتهجير المزيد من الأهالي، وإحداث حالة من الدمار في مناطق العريش".
وأكد المنيعي أن "القرار لا يصبّ في مصلحة المصريين في سيناء، ويعد تكراراً لما حدث مع عمليات تهجير لسكان مدينتي رفح والشيخ زويد، بالإضافة إلى سكان حرم مطار العريش".
وشدّد على "ضرورة إيجاد موقف شعبي رافض لهذه السياسات التي تدفع في اتجاه التهجير القسري للأهالي، وإلا فإن كافة مناطق سيناء ستلقى مصير مدينة رفح خلال السنوات المقبلة، في إطار مخطط يُجرى تنفيذه منذ سنوات"، داعياً الجهات الحكومية لـ"الاستماع إلى مطالب المواطنين، والأخذ بتعديلاتهم التي طرحوها خلال الأشهر الماضية بغية تخفيف الأضرار عنهم من جراء القرار، وتقليل مساحة الدمار التي ستلحق بالأحياء السكنية والسياحية المحيطة".
ومن جهته، قال باحث متخصص في شؤون سيناء، إن "القرار الجديد يمثل غطاءً لمخطط تهجير أهالي شمال العريش خلال المرحلة المقبلة، استكمالاً لعمليات التهجير القسري للأهالي في مدن رفح والشيخ زويد والعريش، بعد أن جرى تهجير مناطق الجنوب بفعل بناء حرم المطار، إثر حادثة استهداف وزيري الدفاع والداخلية نهاية عام 2017".
وأشار الباحث، بحسب العربي الجديد، إلى أن "مخطط السيسي بدأ في أعقاب الانقلاب العسكري، وتحديداً بعد أشهر قليلة من توليه الحكم في عام 2014، بعدما دعم بشكل مباشر كافة خطوات الأمن على صعيد التهجير القسري، ووفر غطاءً كافياً لإتمامها"، مبيناً أن "الدور جاء على مدينة العريش بعد تهجير الأهالي في مدينتي رفح والشيخ زويد؛ وفي كل مرة يبحث النظام عن حجة لإقناع الرأي العام خارج سيناء، في حين يعي الأهالي حقيقة ما يجري على أرض الواقع، وحذروا منه في مراحل سابقة".
وأضاف أن "المخطط بات أكثر وضوحاً؛ إذ يجري التحضير لتطوير مطار العريش بعد توسيع المنطقة المحيطة به، والآن توسيع ميناء العريش ليصبح ميناءً على قدرة لاستيعاب أعداد وكميات كبيرة من البضائع والبواخر، فضلاً عن عمليات مسح مدينة رفح عن الوجود بشكل كامل، إلى جانب مناطق واسعة في جنوب وشرق مدينة الشيخ زويد".
ولفت إلى أن "موجات التهجير القسري للآلاف من السكان، وإجبار المواطنين على الهجرة منها، تتزامن مع ادعاء النظام أن كل هذه المشاريع لصالح تنمية سيناء؛ ما يُنذر بوجود مخطط ما لهذه المناطق، لن يُفصح عنه إلى حين تجهيز كافة المناطق المستهدف تطويرها في سيناء؛ وبالتالي فإن قطار التهجير سيستمر خلال الفترة المقبلة، حتى الوصول للهدف المنشود في الخطة الموضوعة لسيناء".
وفي 11 مارس 2018، كشف مقال نشره المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، بعض أنماط الحراك الأميركي المصري الصهيوني الذي يتواصل من وراء الكواليس لبحث سُبل التعاطي مع قطاع غزة، من خلال بناء مرافق البنى التحتية للقطاع على الأراضي المصرية، ارتباطاً بالخلاف الصهيوني الداخلي حول اقتراحات بناء ميناء ومطار داخل غزة.
وأشار المقال إلى أن الحماس الأمريكي لتدشين البنى التحتية المهمة في شمال سيناء، قد يكون مرتبطاً بالتحوط لإمكانية فشل جهود واشنطن في تحقيق تسوية للصراع، بسبب رفض الفرقاء في الساحة الفلسطينية للأفكار الأمريكية؛ ما يستلزم ظهور كيان سياسي فلسطيني في قطاع غزة، يمكن التعامل معه كدولة تستفيد من هذه البنى، الأمر الذي يُحقق هدف الاحتلال الاستراتيجي في تكريس الفصل السياسي بين القطاع والضفة الغربية.
أما صحيفة "هآرتس" العبرية فقد ذكرت في 18 يونيو 2018 أن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تأمل أن تتمكن عبر جولة كل من جرينبلات، ومستشار الرئيس، جاريد كوشنر، في دول الخليج، من جمع نحو نصف مليار دولار لإطلاق مشاريع حيوية عدة في غزة، تهدف إلى منع انهيار الوضع في القطاع، وتمهد في الوقت ذاته إلى طرح ما يُعرف إعلامياً بـ"صفقة القرن".
يشار إلى موافقة برلمان العسكر، في 11 يوليو الحالي، على تعديل مقدم من حكومة الانقلاب على بعض أحكام قانون الإقامة ومنح الجنسية للأجانب، المعروف إعلامياً بـ"بيع الجنسية"، إثر رفض اقتراحات مقدمة من بعض النواب بعدم جواز بمنح الجنسية المصرية لمن يحمل الجنسية الصهيونية أو الفلسطينية، في إطار ما يتردد عن "صفقة القرن"، ومحاولات النظام إزاء منح الجنسية للفلسطينيين إيذاناً بتوطينهم في سيناء.
أضف تعليقك