في الوقت الذي يراهن ترامب على تنفيذ صفقته المشئومة لا يزال نظام الخائن المنقلب عبد الفتاح السيسي يهجّر أهالي سيناء؛ استعدادًا لتنفيذ الصفقة، ويعمل قائد الانقلاب الدموي من خلال التهجير وتنفيذ بنود الصفقة المشبوهة على مجاملة الصهاينة والأمريكان على حساب الأراضي المصرية.
ويواجه أهالي سيناء ظروفًا معيشية صعبة في ظل الحصار الذي يفرضه الجيش على مداخل ومخارج شبه الجزيرة، إضافة إلى فرض مناطق عازلة بطول الحدود مع غزة وفي محيط مطار العريش، ما أدى إلى تهجير الآلاف من الأهالي وهدم منازلهم لتفريغ المناطق المحددة، ضمن إطار المنطقة العازلة.
يذكر أن "التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتقادم"، هكذا نصت المادة رقم ٦٣ في دستور ٢٠١٤ الانقلابي، وعرفه القانون الدولي بأنه "الإخلاء القسري وغير القانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها"، وهي أيضا جريمة ضد الإنسانية وفقًا لاتفاقية روما للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي عرفت التهجير القسري في المادة 2 الفقرة "د" بأنه "إبعاد السكان أو النقل القسري لهم من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة، بالطرد أو بأي فعل قسري آخر، دون مبررات يسمح بها القانون الدولي".
وقد انتقدت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" الممارسات القمعية لنظام الانقلاب تجاه أهالي سيناء، وأعربت عن بالغ قلقها إزاء ما يمارس في حق المواطنين من تهجير قسري سينتج عنه عواقب وخيمة، أولها تشريد آلاف المواطنين وآخرها تنامي وتيرة العنف، مرورا بزيادة معدلات الاعتقالات والتعذيب والمحاكمات العسكرية للمدنيين.
وأكدت المنظمة أن ما يحدث مخالف لكل أعراف حقوق الإنسان، محذرة من استمرار الصمت الدولي وغض الطرف عن هذه الجرائم التي ترتكبها السلطات المصرية تجاه مواطنين عزل فقدوا كل يملكون من ممتلكات خاصة لأسباب غير واضحة، وقالت إن هذا الصمت سيسمح بمزيد من ارتكاب الجرائم في حق هؤلاء المواطنين.
وطالبت "هيومن رايتس مونيتور" الأمم المتحدة بإرسال بعثات تقصي حقائق للوقوف على ما يجري في سيناء، وتوثيق الجرائم المرتكبة على أيدي السلطات المصرية، وجلب مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة, حيث لا يمكن للحكومة المصرية التي ارتكبت هذه الجرائم أن تقوم بالتحقيق فيها؛ كونها طرفًا في الجريمة.
ويرى خبراء ومراقبون أن ما يعانيه أهل سيناء شيء يفوق الخيال، ويفوق القدرة على التحمل. ويكفي أن أحد الجنرالات المعبرين عن النظام ينطقها بـ"الفم المليان"، عبر الفضائيات، "اللي خايف على نفسه ميرحش سيناء"، وهو ما عنونت به منظمة "هيومن رايتس ووتش" أحدث تقاريرها عن الوضع في سيناء، وهو التقرير الذي استغرق عامين لإنجازه، ووثق الكثير من الانتهاكات الخطيرة التي وصفها بجرائم حرب ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، والتي يمكن محاكمة مرتكبيها أمام القضاء الدولي.
ويرى المراقبون أن المظالم التي يتعرض لها أهل سيناء أكثر من أن تحصى، ويمكن إجمالها في شعورهم بالاغتراب عن الوطن، وأنهم مواطنون درجة ثالثة، رغم كل تضحياتهم الوطنية والتاريخية. وقد رفع أهل سيناء عبر ممثليهم، من ساسة ونشطاء ومثقفين وشيوخ عوائل مظالمهم، ودعوا السلطات المختصة لرفع هذه المظالم.
وبدلا من الاستجابة لمطالبهم، كان الرد السلطوي هو المزيد من القمع، وهو ما وفر البيئة الصالحة لنمو التشدد، ومن ثم الإرهاب الذي لم يعد يقتصر في ضرباته على عناصر ومراكز السلطة، بل شمل أيضا قتل وتعذيب وملاحقة أهل سيناء أنفسهم، والذين أصبحوا بهذا الشكل بين نارين (نار الجيش ونار داعش).
وكان مركز (مراقبة النزوح الداخلي) ومقره جنيف أصدر تقريرا قال إن حوالي 100،000 شخص نزحوا في شمال مصر، قادمين من سيناء.
واستغرب المركز الراصد اهتمام حكومة الانقلاب ومؤسساتها المعنية بالرصد في تحديث الأعداد كما أن اهتمام وسائل الإعلام قليل جدًا.
ويعتبر مركز مراقبة النزوح الداخلي ومقره جنيف –سويسرا من المصادر الموثوقة للبيانات والتحليلات حول النزوح الداخلي في العالم والمتعلقة بالصراعات والكوارث ومشاريع التنمية.
وقال إن استمرار تدمير المنازل والمباني التجارية والمزارع بمحافظة شمال سيناء كجزء من حملة الجيش المصري في 2018، ضد مجموعة تدعى ولاية سيناء، والتي أعلنت الولاء لجماعة الدولة الإسلامية (داعش) في عام 2014.
وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش أن التقديرات تشير إلى أن ما يقرب من 15000 شخص قد نزحوا في عام 2018. ومن المرجح أن يكون هذا أقل كثيرا من الحقيقة؛ لأن المنطقة لا يمكن الوصول إليها، ونتيجة لذلك لم تتمكن أي منظمة من جمع البيانات أو عمل تحليل على حجم النزوح.
وأضافت أن تقارير بعض المنظمات تعتمد التقديرات على صور الأقمار الصناعية، والتي تبين المساكن التي لحق بها الدمار، وكذلك حسابات النازحين.
وكشفت عن أن الدمار امتد إلى ما وراء المنطقتين العازلة الأمنية المعينتين من قبل الحكومة في العريش ورفح. كما هدم الجيش عدة منازل، فيما يبدو أنه كان انتقاما ليس فقط ضد المشتبه في تورطهم في الإرهاب، ولكن أيضًا ضد المنشقين السياسيين وأقارب المشاركين من كلا الطرفين.
وأضافت أن عدد النازحين حتي 31 ديسمبر 2018 وصل نحو 97 ألف سيناوي وأن المركز استعان برصد آخر أصدرته "هيومن رايتس ووتش" في تقرير لها نُشر في مايو الماضي.
ونبهت إلى أن شمال سيناء منطقة عسكرية على مدار السنوات الخمس الماضية، وبالتالي أصبح الوصول إليها غير ممكن. فلا يمكن للمنظمات أن تعمل إلا تحت إشراف الجيش. الحكومة لا تفرج عن أي أرقام النزوح الرسمية، ونتيجة لذلك من الصعب للغاية تقدير حجم الإزاحة. مشيرة إلى أن أخر إصدار لحكومة الانقلاب وتحديث لها كان في عام 2016 ، عندما ذكرت أن 25000 شخص تم تهجيرهم من رفح.
وأشارت إلى أن معظم النازحين يأتون من مدينة رفح، وهي الآن فارغة تماما تقريبا، وأن الرقم الأخير تخطى لرقم أكبر بخمسة أضعاف من العام الماضي، وذلك بسبب الزيادة الكبيرة في عدد عمليات الإخلاء في شمال سيناء في أوائل عام 2018.وتقترح هيومن رايتس ووتش أن تتوقف الولايات المتحدة والموردون الآخرون للجيش المصري عن المساعدات والمبيعات إلى أن يحسن النظام سجله في مجال حقوق الإنسان ويسمح بإجراء تحقيق مستقل في جرائم الحرب المحتملة في سيناء، بما أن إدارة ترامب ترفض محاسبة نظام سيسي، فإن إجراء الكونجرس ضروري.
أضف تعليقك