• الصلاة القادمة

    الفجر 04:23

 
news Image
منذ ثانيتين

نشرت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية تقريرا حول عواقب انهيار الدولة المصرية تحت حكم نظام السيسي، وتداعيات دخول مصر مربع الفوضى على منطقة الشرق الأوسط والعالم ككل.

وأشارت المجلة، إلى أن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي تنبأ في سنة 2015 بأنه في حال انهارت مصر سيشهد العالم تدفقا غير مسبوق لجحافل مقاتلي تنظيم الدولة. وتندرج مثل هذه التصريحات ضمن إستراتيجية السيسي للبقاء على رأس الدولة، التي ترتكز أساسا على القمع في الداخل وتحذير زعماء الدول الأجنبية من مغبة عدم دعم نظامه السياسي وعواقب ذلك على مصر التي ستقع فريسة للفوضى.

ولفتت إلى أن هذه الإستراتيجية قد آتت أكلها، إذ تقوم دول الخليج بتمويل نظام السيسي خوفًا من أن يكون البديل نظاما تقوده جماعة الإخوان المسلمين، خاصة بعد فوزهم بالانتخابات في عامي 2011 و2012.

وأوضحت المجلة أن السيسي يتلقى الدعم من الولايات المتحدة على نفس الخلفية المتعلقة بجماعة الإخوان المسلمين الذين تعتبرهم منظمة إرهابية، بينما تتخذ أوروبا موقفا سلبيا وتغض النظر عن انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث داخل مقرات الأمن المصرية خوفا من تدفق ملايين اللاجئين عبر البحر الأبيض المتوسط إذا عمت مصر الفوضى.

وعلى الرغم من أن مصر لا تشهد صراعات طائفية على شاكلة لبنان أو العراق ولم ترضخ تحت طائلة الانقسامات الإقليمية والقبلية والحروب الأهلية مثل ليبيا أو اليمن، وذلك بفضل تحصن المصريين بحس وطني قوي، إلا أن الشعب المصري يعيش حالة غير مسبوقة من السخط على خلفية تعرضه لضغوط كبيرة تحت حكم نظام عسكري هش ووحشي فضلا عن تفاقم نسب البطالة في صفوف الشباب بشكل مقلق.

ونبهت المجلة إلى أن الإسلاميين الذين فازوا في الانتخابات المعتدلة الوحيدة التي أجرتها مصر على مر تاريخها ما زالوا ينددون بطريقة إزاحتهم التعسفية عن سدة الحكم، أي تحت تهديد السلاح.

ومن جهة أخرى، حاك السيسي مؤامرة ماكرة بإقراره استفتاء غير عادل، يسمح بالبقاء في السلطة حتى سنة 2030، وذلك في إطار طموحه كطاغية لاحتكار السلطة مدى الحياة.

وذكرت المجلة أن السبب الأكثر بروزا لانهيار النسيج الاجتماعي المصري هو فقدان الماء. في الواقع، تتكون الرقعة الجغرافية المصرية من أجزاء صحراوية كبرى، بينما تقع التجمعات الديمغرافية الكبرى على ضفاف النيل. وقد ساهمت سياسة خفض تكاليف استهلاك المياه التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة على تشجيع عقلية هدر المياه.

ويشار إلى أن دولا مثل إثيوبيا، التي تقوم حاليا ببناء سد ضخم لتوليد الكهرباء، تخطط لسحب المزيد من المياه من نهر النيل. كما يطمح السودان لتوظيف مياه النيل لفائدة مشاريع الري؛ وهو ما جعل المصريون، الذين اعتادوا على أخذ الحصة الأكبر من موارد النهر المائية، يرون أن طموحات جيرانهم تمثل تهديدا وجوديا لبقائهم.

ونوهت إلى أن احتمال نشوب صراع على مياه النيل قد يتفاقم مع تغير المناخ في المنطقة وتواصل تضخم التعداد السكاني المصري، الذي يرجح بلوغه 130 مليون نسمة بحلول سنة 2030. وقد لمّح بعض الضباط العسكريين المصريين إلى إمكانية خوض مصر حربا لحماية حقوقها في مياه النيل، بغض النظر عن التهديد المتمركز في منطقة سيناء والصراعات القائمة داخل بلدان الجوار مثل ليبيا غربا والسودان جنوبا. فمع وجود العديد من المصادر المحتملة لعدم الاستقرار، سيكون من غير المنطقي تجاهل العواقب المحتملة التي ستنجر عن انهيار مصر مثل ما حدث في سوريا وليبيا.

وتابعت المجلة أن أفواج اللاجئين المصريين التي ستغادر مصر في حال وقوع ما لا يحمد عقباه ستتجاوز عدد اللاجئين الوافدين من سوريا. وقد يتوجه عدد قليل من النازحين إلى المساحات المفتوحة غير المحمية في ليبيا، لكن معظمهم سيحشرون في قوارب ويعبرون البحر الأبيض المتوسط، أو سيجربون حظهم في الخليج.

وبما أن السفن الإيطالية واليونانية ستحاول حتما إعادة هؤلاء اللاجئين من حيث أتوا فإن عددا قليلا منهم سيتمكنون فعلا من الدخول إلى أوروبا، وهو ما سيتكفل بإشعال موجة هستيرية ستقودها الأحزاب اليمينية المناهضة للمهاجرين تحت مسمى "الغزو المصري" للأراضي الأوروبية. وستتمكن القوى القومية لاحقا من الصعود للسلطة بعلة مقاومة موجة الهجرة المتدفقة من جنوب المتوسط.

وأوردت المجلة أنه إذا "فقدت الحكومة المصرية السيطرة، فستتدخل القوى الأجنبية للحفاظ على قناة السويس مفتوحة أمام معاملات الشحن العالمي. وستأخذ الولايات المتحدة، التي تستخدم" القناة لنقل القوات البحرية من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج والشرق الأقصى، بزمام الأمور بسرعة، مستعينة بتحالف من السعوديين والإماراتيين إلى جانبها.

وأشارت إلى أن الأراضي المصرية الشاسعة غير الخاضعة للسلطة ستوفر ملاذا آمنا للمتمردين الوافدين من ليبيا إلى الأراضي الحدودية، وسينشئ الجهاديون دولة خلافة جديدة على أرض مصر، على حد وصف المجلة.

ونتيجة لذلك، ستتحول مصر من شريك سلام (للاحتلال الصهيوني) إلى مصدر تهديد مميت؛ وهو ما سيستوجب من السلطات الصهيونية مجابهة الخطر الداهم عسكريا. بناء على ذلك، سيمطر سلاح الجو الصهيوني مواقع تنظيم الدولة في مصر بوابل من القنابل، بحسب المجلة.

وفي الختام، أفادت المجلة بأن الدروس التي تم استخلاصها من سوريا وليبيا تحتم عدم السماح بانهيار الدولة المصرية في المقام الأول، نظرا لأن إعادة توحيد الأراضي والسيادة المصرية سيكون صعبا للغاية وقد يستغرق عقودا طويلة. ولكن يبدو من الجلي أن السيسي ليس الرجل المناسب لمهمة الحفاظ على أمن ووحدة مصر.

أضف تعليقك