الشهيد محمد مرسى مات صابرًا محتسبًا، لم يُغير ولم يبدل ولم يتراجع، مات ثابتًا على المبدأ متمسكًا بكلمة الحق، لم يداهن ولم يخن الأمانة.
رحل مرسي وقد تحققت له أسمى أمانيه التي طالما رددها، وكما قال مرشده ومعلمه، لم نكن نهذي عندما قلنا “والموت في سبيل الله أسمى أمانينا”.
رحل مرسي ولسان حاله يقول فزت ورب الكعبة، كما قالها من قبل الصحابي الشهيد “ملحان بن حرام”، رضي الله عنه، يوم بئر معونة، عندما طعنه من الخلف جبار بن سلمى، وذلك لأن المؤمن يدرك أن الدنيا ما هي إلا مرحلة تمر بنا لتوصلنا إلى الآخرة.
تمسك الرئيس مرسي بموقفه الثابت غير المتلون، بأن محاكمته غير دستورية، وأنه ما زال الرئيس الشرعي لمصر، لم يغير موقفه ولم يتزحزح، في الوقت الذى كان يعتبر كثيرون أن شرعية مرسى انتهت إلى غير رجعة.
وجه الرئيس الشهيد من خلف القضبان والقفص الزجاجي، عشرات الرسائل يطالب أنصاره بالصمود والثبات على الموقف، وعدم الرضوخ والرضا بالأمر الواقع كما أرادت “آشتون”.
لقد تعرض الرئيس الشهيد في سجنه لصور شتى من صنوف الظلم والإيذاء والتعذيب، النفسي والجسدي…، لكنه واجه كل ذلك بالصبر الجميل.
وعندما أراد إعلام مسيلمة الكذاب، وبإيعاز من عصابة الانقلاب، تشويه سمعة الرئيس الشهيد، وأنه خائن لوطنه، طالب بمواجهة عصابة الانقلاب بالسماح له بأن يتكلم ليعلم الشعب من خان ومن صان!.
وخلال فترة سجنه، مُنع الرئيس الشهيد من أبسط حقوقه، لقد وضعوه رحمه الله في زنزانة انفرادية طوال مدة اعتقاله، التي قاربت على الست سنوات؛ ومنعوا عنه الدواء، وقدموا له طعاما سيئًا، ومنعوا عنه الأطباء والمحامين، ومنعوا عنه التواصل مع أهله.
وكم ناشد قضاة الدم، بالجلوس إلى محاميه، ليطلعه على أسرار مهمة وخطيرة بشأن التهم التي يتعرض لها، إلا أن قضاة الظلم لم يستجيبوا لمطلبه “القانوني” حتى قبل وفاته بساعات.
وها هي كلماته التى صدع بها قبيل الانقلاب المشئوم تدب فيها الحياة، كما قال أستاذه ومعلمه الذى سبقه على طريق الشهادة “ستظل كلماتنا عرائس من الشمع لا روح فيها ولا حياة حتى إذا متنا في سبيلها دبّت فيها الروح وكتبت لها الحياة”.
وها هى الحياة تدب فى كلمات الرئيس الشهيد، تلك التى مات من أجلها.
“حافظوا على مصر، حافظوا على الثورة، الحفاظ على الثورة اللي إحنا اكتسبناها بعرقنا وبدم شهدائنا وبمسيرتنا سنتين ونص، حافظوا عليها كلكوا يا مؤيدين ويا معارضين، اوعوا الثورة تتسرق منكم بأي حجة، الحجج كتير والسحرة كتير والتحدي كبير وانتوا قادرين تواجهوا هذا”.
“ازاي نحافظ على الثورة، وازاي متتسرقش مننا الثورة، أنا قدامكم: ثورة 25 يناير وتحقيق أهدافها كاملة والحفاظ على الشرعية تمن الحفاظ عليها حياتي، حياتي أنا، أنا عايز أحافظ على حياتكو كلكو، أنا عايز أحافظ على الأطفال ولادنا اللي هيجوا يكبروا بعدنا، أنا عايز أحافظ على البنات هيبقوا أمهات المستقبل اللي بيعلموا ولادهم إن آباءهم وأجدادهم كانوا رجالا لا يقبلون الضيم ولا ينزلون أبدا على رأي الفسدة ولا يعطون الدنية أبدا من وطنهم أو شرعيتهم أو دينهم، إذا كان الحفاظ على الشرعية تمنه دمي أنا، فأنا مستعد أن أبذل ذلك رخيصا في سبيل هذا الوطن واستقراره؛ حسبةً لله سبحانه وتعالى، حسبةً له سبحانه وتعالى. اوعوا حد يضحك عليكوا اوعوا تقعوا في الفخ”.
“اوعوا تفرطوا في الشرعية. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب”.
“لن أُغادر سجني قبل أبنائي المعتقلين، ولن أدخل داري قبل بناتي الطاهرات المعتقلات، وليست حياتي عندي أغلى من شهداء الثورة الأبرار، فقد استقيت عزمي من عزم الشباب المُبدع في كل ميادين الثورة وجامعاتها، ولن أنسى أبنائي من المجندين الشهداء الذين يطالهم غدر الغادرين بعد أن أحَال الانقلاب الوطن إلى بُحور جِراح، أعلم أن الثورة طبيبها، وأن القصاص منتهاها.. فاستبشروا خيرا واستكملوا ثورتكم والله ناصر الحق ولن يتركم أعمالكم”.
وقد قال الرئيس الشهيد، رحمه الله في كلماته الأخيرة، إنه “يتعرض للموت المتعمد من قبل سلطات الانقلاب، وإن حالته الصحية تتدهور، وإنه تعرض للإغماء خلال الأسبوع الماضي أكثر من مرة دون علاج أو إسعاف”.
“حتى الآن لا أرى ما يجري في المحكمة، لا أرى المحامي ولا الإعلام ولا المحكمة، وحتى المحامي المنتدب من المحكمة لن يكون لديه معلومات للدفاع عني”.
وقالت “سارة لي ويتسون”، المدير التنفيذي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” في الشرق الوسط، إن وفاة مرسي “كانت متوقعة”، إن وفاة الرئيس المصري الأسبق “أمر فظيع لكنه كان متوقعا بالكامل”، والحكومة فشلت في السماح له بالحصول على الرعاية الطبية اللازمة، وعرقلت الزيارات العائلية.(انتهى).
عندما أشيع خبر مقتل النبى – صلى الله عليه وسلم – يوم أحد فقال بعض الصحابة قتل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال لهم أنس بن النضر- رضى الله عنه-: “ما تصنعون بالحياة بعده، فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
فيا أنصار الرئيس الشهيد، قوموا فموتوا على ما مات عليه؛ لأن الرئيس الشهيد قد مات، وانتهى الأمر وانتهت الشرعية، فإذا كان الرئيس الشهيد مات ثابتا على المبدأ، فموتوا على المبدأ الذى مات عليه، حتى لقى ربه شهيدا ثابتاً صابرا محتسبا، صدق ما وعد الله عليه.
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
أضف تعليقك